يوميّات خائف كورونا (6) /كامل النصيرات

يوميّات خائف كورونا (6)
كامل النصيرات

لم يعد يعاتبني أحد (ليش ما رحت على العزا؟)..لم أعد أحسب حساب بأنني سأقطع عشرات الكيلومترات وسط الزحمة ويضيع الوقت قبل وبعد وأثناء ذلك ؛ من أجل جملة (عظّم الله أجركم) وفنجان قهوة وحبة تمر..! الكورونا الآن فعلت فعلها..

لم نعد نفكِّر بـ(النقوط)..أخو أخته اللي يعمل عرس الآن..! أشوف حدا يعمل..! لم يحمّر وجهي خجلاً من أحد في هذا الحظر..لم أنم ليلة وأنا أفكِّر كيف سأدبِّر أموري؟ كلّ ليلة كنّا ننام ونحن نقهر أنفسنا خوفاً من أن يرانا فلان أو يتصل بنا علنتان..وفلان وعلنتان الآن مثلك؛ غارق في الحظر والكورونا ويدعو الله بالنجاة..!

من زمان لم يطلب أولادي شاورما..من زمان لم يتصل بي غاندي: حلقتك حلوة وجيب معك همبرجر..يقول الجملتين بدون فاصل بينهما..! من زمان لم أتناقش مع أولادي أو بالأصح لم يفاتحوني بموضوع: بدي بنطلون..بدي بوت..بدي جرابات..بدي تي شيرت ميسي..آه مسّي صح..من زمان لم يقرقعني أحد بريال مدريد وبرشلونة وتقوم القيامة بين أولادي وأصدقائي..! حتى مصروف أولادي الذي كان يشكّل عبئاً في كثير من المرات بسبب نزولهم للحارة صار الآن أقل مرارة بكثير..فما عادوا يطلبونه إلا كل وين ووين..بل إنهم قالوا لي: إحنا بنحوّش مصروفنا معك..!

في الكورونا..يبدو أننا نتهذب..وكل ما أخشاه أن يُرفَع الحظر ويرفع معه كل تهذيب..