لا دول عظمى بعد اليوم
أحمد حسن الزعبي
من منّا كان يتخيّل هذا السيناريو قبل شهور قليلة ؟ من منّا كان يتخيّل أن أمريكا بأسلحتها واقتصادها وعظمتها تهتّز في ظرف يومين فقط؟ أوروبا الجميلة حلم الشباب الأفريقي والأسيوي تصبح غرفة حجر كبيرة..عاجزة تماماً عن إطلاق رصاصة واحدة تجاه عدّوها الصغير جداً..
عندما كان يطرح أحد “الشاطحين” نهاية أمريكا وانهيار اقتصادها وانهيار اقتصاديات العالم خلفه..كان يبتسم “لواقعيون” ويقولون ما هذا الهراء؟ من يجرؤ على هزيمة أمريكا ومن يجرؤ على انهيارها إنها أكبر مما تتخيّلون..وها هو فيروس كورونا يغلق مطاراتها ،ويفرغ جامعاتها ومدارسها،ويصيب مسؤوليها، ويدمّر أسواقها المالية وهو أصغر بكثير مما تتخيلون..
ما أودّ توصيله في هذا المقال ، أن لا دول عظمى بعد اليوم، ولا مستحيل في هذا الكون، كل ما تراه ضرباً من الخيال قد يصبح في غضون أسابيع الواقع المعاش..تقلب الموازين ، ويتكسّر كرتون العظمة ،هذه المرّة العدو الذي يخترق الحدود لا تكشفه الرادارات ،و لن تنتفع ترساناتهم النووية ،ولا درعهم الصاروخي ،ولا حاملات الطائرات أن تفعل شيئاً في مواجهته..كلها ستقف عاجزة..من منّا كان يتخيّل أن هزيمة الدول العظمى لن تكون عسكرية!!..ها قد جاءت من أصغر مخلوق على وجه الأرض..ومن يقول ليس بعد..نقول له: بالفعل ليس بعد..القدام كثير وخطير جداً.
أرجو الا يفهم من المقال أنه تشفّياً بهذه الدول ..على الإطلاق نحن جميعاً في قارب الوباء ، لكن ما يجري من أحداث ، وتسارع في الأخبار ،واكتساح اللون الأحمر للشاشات ، هو مدعاة للتفكّر، كيف تقلب الموازين في لحظات،ويختلف ترتيب قطاعات العالم ،ويعاد ترتيب معادلة القوي والضعيف، وكيف تبني سوراً محصّناً ومسلّحاً ومتينا بارتفاع شاهق وتأتيك لدغة العقرب تحت رجليك..
كورونا بداية حرب عالمية ثالثة ،وإن لم يكن فهو “بروفا” لشيء قريب مشابه سيكون أكثر فتكاً، وعلى أي حال “و بكل جنون وبكل احتضان لنظرية المؤامرة” لا يمكن لي أن أتخيّل أن الفيروس ولد صدفة وانتشر صدفة وحملته الآلة الإعلامية العالمية صدفة وبتفاعل طبيعي عادي، لا يمكن لي الا أن أتخيل أن هناك قوّة ما هي من أطلقته وهي القادرة على لجمه وقتما تريد ولمن تريد..
لا دول عظمى بعد اليوم.. الفيروس بدأ بأكل ورقة الدولار الأخضر..
أحمد حسن الزعبي
[email protected]