رجال من ورق / اسامة طارق الزعبي

رجال من ورق

اسامة طارق الزعبي

في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع والمذهل وخاصة في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات والانترنت والسوشيل ميديا اصبح معظم البشرية تتواصل بسرعة مذهلة و تتناقل الاخبار والمعلومات وكأن العالم اصبح قرية صغيرة واصبح معظم الناس يمتلك منصات اعلامية يستطيع ان يقول ويكتب ما يراه مناسبا وان يطرح رايه إزاء اي قضية بكل حرية وهو الأصل في ذلك.

ولكن للأسف الشديد أصبح الكثير يستخدم هذه المنصات الاعلامية بشكل سلبي إنطلاقاً من حب الظهور وصنع بطولات زائفة سرعان ما تسقط في اول اختبار حقيقي  ونقول مالا نفعل وهذا حال الكثير منا حتى اصبح الكثير يتغنى ببطولات وإنجازت وهمية حتى المسؤولين الرسميين في الدولة اصبحوا مهوسين بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر صورهم وانشطتهم اليومية  التي هي بالاصل واجبهم كمسؤولين للترويج لانفسهم والمبالغة في نشاطاتهم وإنجازتهم التي ماتكون غالباً انشطة عادية وروتينية لاتسمن ولا تغني من جوع ويصورون أنفسهم وكأنهم المنقذون الوحيدون في الارض وإننا نعيش في المدينة الفاضلة ونكتشف في كل مرة كذبهم ونفاقهم ونعاود التسحيج لهم بحرارة   .

غريب مايجري اليوم وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي والذي اصبح بيئة خصبة لكل ما هب ودب فمن خلال متابعتي البسيطة للسوشيل ميديا الذي لا أحب والتي تعكس  حجم التردي والضياع والنفاق والكذب التي وصلت اليه الامة فلم نعد نرى اونسمع كثيرا عن نماذج وطنية صادقة أو قادة رأي حقيقيون إلا من رحم ربي حيث إختلط الحابل بالنابل الكل ينٌظر بإمتياز وفي كل المجالات حتى في علم “الذرة” بفضل خاصية “النسخ واللصق ”   فترى احدهم بصورة العابد الزاهد واخر بصورة العالم المثقف وثالث  المدافع الشرس عن حقوق وقضايا الوطن والأمة لتكتشف بعد حين أنهم ممثلون مخادعون جاهلون نفعيٌون يصلون بالتالي الى ما يردون…؟! بينماالشرفاء الصادقون الحقيقيون هم وحدهم من يدفعون الثمن؟.

أكثر رجالات الفيسبوك ” رجال من ورق” تارة يظهر علينا بدور المنظٌر المعارض الشرس المدافع عن قضايا الامة المصيرية وعن العدالة والحرية والديمقراطية وحقوق المرآة … وعلى ارض الواقع العكس تماماً ويضيق ذرعاً اذا خالفته الراي بقضية هامشية عامة؟!! وتصبح في عداد الخونة إنطلاقاً من مقولة من ليس معي فهو عدوي؟!.

وتارة يتدثر بعباءة الدين والمثل العليا ويصٌدع رؤسنا يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي بمواضيع وكتابات دينية لايعرف مصدرها أصلاً ويسيئ للدين  اكثر مما يفيده … يفتي … يلعٌن ..يحكم باسم الدين وتجده عاق لوالديه وفاشل داخل اسرته ولا يؤمن حتى بميراث اخواته البنات ويهرول أمام الناس للاحاق بالصلاة في المسجد بالصف الاول.

فئة آخرى إختارت التسحيج والتضليل على ” مواقع التواصل ” بعلمها او بدون علمها  إنطلاقاً من مقولة “معاهم معاهم عليهم عليهم” يتناقلون المعلومات والاشاعات ويروجونها بسطحية وسذاجة واغلبهم دون دراية بما يدوروينشطون أكثر إزاء بعض القضايا والاحداث الوطنية الجادة كقضايا الفساد ونهب المال العام وبيع مقدرات الوطن التي نخرت وأضعفت الوطن والتي تحتاج موقفاُ وطنياً موحداً  ترها تقزم القضية من خلال إضفاء عليها طابع “النكتة السياسية” لتميع واضعاف  القضية الاساسية والسخرية منها من خلال تغليفها بما يسمى “بالنكتة السياسية ” وبالتالي تقبلها والتعامل معها بشكل عادي على ارض الواقع .

هذا غيض من فيض  لبعض مايدور على مواقع التواصل الاجتماعي فلا يعقل ان تحكم علاقاتنا الاجتماعية رسالة باردة لا حياة فيها مجردة من المشاعر العاطفية والانسانية نستخدمها بنفس العبارات المكررة للتعزية … للفرح … لدعوة الاصدقاء والاقارب … لتهنئة المرضى بالشفاء … دون ان يكون هناك تواصل وترابط حقيقي بين ابناء المجتمع الواحد واصبح الصغير .

إن التقدم العلمي والتكنولوجي في عالم الانترنت شيئ مذهل ورائع وهي ثمرة حتمية لتقدم البشرية في سهولة وسرعة التواصل مع العالم وسرعة الحصول على المعلومة ويبق الاهم كيفية التعامل معها وكيفية التعامل مع كافة القضايا الانسانية اصبحنا في عالم الانترنت والتواصل الاجتماعي والمبالغة باستعمالها للأسف الشديد الكثير من مصابون بأمراض عديدة نعاني منها جميعا صغارا وكبارا فداخل الاسرة الواحدة كلاً في عالمه الخاص علاقاتنا الاجتماعية اصبحت تحكمها  رسالة باردة لا حياة فيها مجردة من المشاعر العاطفية والانسانية نستخدمها بنفس العبارات المكررة للتعزية للفرح لدعوة الاصدقاء والاقارب لتهنئة المرضى دون تواصل وترابط حقيقي بين ابناء المجتمع الواحد.