ومن المدح ما قتل / راتب عبابنه

ومن المدح ما قتل
راتب عبابنه

تأليه البشر ولصق صفات الألوهية على بني البشر شرك وكفر. لنا قدوة بعمر بن الخطاب كيف حكم بالعدل وكيف عاش بالزهد حتى صار رمزا للعدل وإحقاق الحق وإنصاف المظلوم والإقتصاص من الظالم.

التأليه سياسة راسخة في دولنا العربية. ربما لا يطلبها الحاكم لكن هناك من يتطوع لسلوك درب النفاق والتملق بغية الإقتراب والإرتقاء والنفوذ. هؤلاء الذين يعرفون باسم “السحيجة” الذين “يسحجون” بالوقت الخطأ لزيادة رصيدهم من خلال الدوس على كرامتهم والتخلي عن أخلاقهم والتغاضي عن الإساءة لشرفهم إن كان لديهم منه بقية.

بأحد الدول العربية مازالوا يركعوا للحاكم وأهله ويقبلوا الأيادي بطريقة لم يتبعها فرعون الذي كان يدعي الألوهية وأحقية العبادة والعياذ بالله.

يختلف التأليه من مكان لآخر يضبطه الوعي والتعليم وقبل ذلك الدين ومدى الإلتزام به.

فهناك تأليه بالأفعال وآخر بالكلام سواء الشعر أو بالتعبير اليومي العادي. فمثلا تجد البعض ينسب كل ما يقوم به للحاكم وتوجيهاته. وطالما كل ما يقوم به هذا البعض تحقق بتوجيهات الحاكم، عندما يخطئ هذا البعض، فعلى من يعود اللوم ومن الذي سيحاسب؟؟ إذاً، هنا وقع ظلم على الحاكم لأن الحاكم لا يدخل بالتفاصيل، بل يؤكد الخطوط العريضة كأن يطالب الحكومة بتحسين معيشة المواطن أو محاربة الرذيلة. أما الآلية والأسلوب فهي من مسؤولية المنفذين.

لكن عند إلصاق كل خطوة تخطوها الحكومة برغبة الحاكم فذلك يعني توجيه اللوم للحاكم بحال الخطأ كونه رضي وقبل بربط الأداء برغبته وحسب توجيهاته وهو أمر خطير يخلق مناخا غير مريح بين الحاكم والشعب.

والسؤال الذي يقفز للأذهان بهذه الحال: لماذا توجد الحكومات والمسؤولين والمنفذين إذا كان الحاكم هو المسؤول عن كل شيء؟؟

ربما الحاكم يالنهاية مسؤول أدبيا وأخلاقيا عن كل الأمور، لكنه لا يعقل أن يكون مسؤولا عن سرقة سيارة أو اعتداء شخص على آخر. لكنه مسؤول عن العدل والديموقراطية والمساواة ومحاربة الفساد وغير ذلك من القضايا الهامة والمصيرية المتعلقة بالشعب كافة وبالوطن.

نخلص إلى أن تغطية الأداء والإجراء والقرار باسم الحاكم، هو إجحاف بحقه وتنصل من تحمل المنفذين للمسؤولية.

حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.