في الاردن المطلوب وثيقة للاصلاح الوطني / كاظم الكفيري

في الاردن
المطلوب وثيقة للاصلاح الوطني

كاظم الكفيري

الأردنيون جميعاً متفقون على ضرورة الاصلاح السياسي والاقتصادي ، وجميعهم يتبنون قضايا مشتركة ولديهم هواجس ومخاوف مشتركة ، والجميع دون استثناء لديه فهمه الخاص للاصلاح والتغيير ، وهناك اجتهادات ورؤى كثيرة مطروحة في اطار ذلك ، تغذيها آمال عريضة لدى مجموع الشعب الاردني بالحياة الكريمة والمستقبل الآمن لهم ولأحفادهم من بعدهم .

لكن الجميع لم يصل حتى الآن الى بلورة فهم مشترك يقوم على قاعدة التوافق الوطني حول مجمل القضايا التي تمس مسيرة الاصلاح ، وتشكيل اللجان ذات العلاقة وحسب لا يؤمن ذلك الفهم التي تتفق عليه جميع الأطراف في الحياة السياسية العامة في الأردن ، وسيما مع هيمنة حالة اللا ثقة التي تلقي بثقلها على المشهد العام .

أولى خطوات الحل تكمن في ازالة الاحتقان الذي هيأت له حالة الشد والجذب التي خلفتها المسيرات والمسيرات المضادة التي عمت أرجاء الوطن في الفترة الأخيرة ، وهذا لا يتم الا عبر بناء أجواء من الثقة والحوار بين مختلف الفرقاء في الساحة السياسية وعبر وجود ضمانات حقيقية وجدية للسير في اجراءات واضحة وملموسة للاصلاح والتغيير .

لا أحد يجازف بانكار وجود ارادة حقيقية ورعاية ملكية لمسيرة الاصلاح من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني ، فسلسلة التوجيهات التي تلقتها الحكومة الحالية وسابقاتها تؤكد على التوجه الملكي للاصلاح السياسي والاقتصادي ، و الأردنيون ملتزمون بالعقد التاريخي الذي أبرموه مع النظام السياسي والذي يشكل حجر الأساس في العلاقة التاريخية والفريدة التي تجمعهم بقيادتهم ، ولا أحد الآن يضع مؤسسة العرش هدفاً لحراكه السياسي مهما اختلفت الشعارات والعناوين ، فالأردنيون يستطيعون أن يختلفوا في كل شيء ولكنهم جميعاً يتفقون في أن نظام الحكم هو الضمانة الحقيقية للعبور الى المستقبل بأمان واستقرار .

وعليه يجب أن نبتعد عن التشكيك في ولاءات وانتماءات الاردنيين وتخوينهم بناءاً على المعتقد السياسي والفكري ، ومهما بلغت اجتهاداتهم ورؤاهم في اطار ذلك المعتقد فلن تصل حد المغامرة بمستقبل الاردن ومستقبل أبناءه ، لأننا في النهاية أبناء بلد واحد وتجمعنا هموم وهواجس واحدة ونعيش جميعاً في ظلال مرحلة واحدة وملتزمون جميعاً بتدعيم نظام الحكم السياسي الذي يشكل الاردنيون بنسيجهم المتعدد احدى ركائزه الحقيقية .

الصدام لا يولد الا مزيد من الضغينة والاحتقان في الشارع الاردني ، واستهداف مؤسسات الدولة يعد جريمة بحق الأردن ، وممارسة ( البلطجة) ليس هو البديل عن الحوار والانفتاح ، هناك مئة طريقة لكي نلتقي وهناك أضعافها يمكن أن تجعلنا نختلف ونصطدم ، ونحن جميعاً أمام اختبار حقيقي لنوايانا في الاصلاح ولقدرتنا عليه كذلك ، والمطلوب هو الخروج بوثيقة اصلاح وطني تكون نتاج توافق وطني في اطار آليات عمل تشاركية ، وبعيداً عن التهويش والتخوين والانفعال .