طُرطيرة
رائد عبدالرحمن حجازي
المكان : حسبة الخضار .
الزمان : بداية السبعينيات من القرن الماضي
الموضوع : الطُرطيرة
مع ساعات الصباح الباكر كُنا نستيقظ على أصوات تلك المركبات الصغيرة والتي تتميز بعجلاتها الثلاث ، وصوت محركها الصغير حجماً ولكن صوته كان يملأ المكان ضجيجاً . ولمن لا يعرفها فالتُك تُك الآن هو من أحفادها .
كانت هذه الآليات تصطف على شكل رتل بجانب الحسبة ليحجز أصحابها دوراً لهم ليبتغوا من فضل الله . الطريف بالموضوع كان البعض منهم لا يلتزم بالدور ويذهب بعيداً عن مكان الإصطفاف لعل أحدهم يطلبه من باب السوق , وهذا الأمر كان اعتيادياً ومقبولاً بين السواقين كونه يخفف من الإزدحام ويحرِم ذلك المتمرد من المنافسة على الدور .
الطُرطيرة كانت متعددة الاستعمالات فمن وسيلة شحن لصناديق الخضار والفواكة بين المزارعين وأصحاب المحلات إلى تكسي أحياناً لأصحاب المشاوير الخاصة أو رحلات عائلية لمالكها للتنزه في نهاية الإسبوع .
سرعتها كانت لا تتجاوز العشرة كيلومترات في الساعة الواحدة وهي محملة بالبضائع ، أما صوت محركها الصغير فإنه يُسمع من مسافة بعيدة .
بعض أولاد الحارات المجاورة للحسبة كانوا عند سماعهم لصوت إحدى هذه الطُرطيرات يتراكضون للحاق بها ، كيف لا وسرعتها تكاد تكون تساوي سرعة المسير السريع لهم بسبب حِملها الزائد ، فمنهم من كان يتعلق بالباب الخلفي كنوع من التسلية ، ومنهم من يتناول حبة فواكة من أحد الصناديق أو ما تطاله يده . غالباً السائق كان لا يدري ماذا يحدث خلفه ، وإن تنبه لذلك كان يوّقف الطُرطيرة ليترجل من خلف المقود متظاهراً باللحاق بالأولاد ليخيفهم ويبعدهم عنها بالإضافة لبعض الشتائم . بعد ذلك تولدت لدى الأولاد خبرة تراكمية مكتسبة جعلتهم يفعلوا ما يريدون وبدون أي خوف من سائق الطُرطيرة ، فقد كانوا يلحقوا تلك الطُرطيرات وهي تسير بعكس الإنحدار أي بمسار مرتفع .
نعم الأولاد كانوا يقومون بعمل مزدوج ما بين المخاطرة وأكل الحرام ، وبعد أن كبروا فمنهم من تابوا وكفّروا عن سيئاتهم ومنهم من تمادوا ولا زالوا في غيهم .
وهاظا احنا قاعدين بنطرطر وراهم وبنقارع فيهم