محطة ما قبل الهاوية !! / م. سليم البطاينه

محطة ما قبل الهاوية !! 
م. سليم البطاينه
ان اصعب ما يمكن ان يواجه أية حكومة هو غياب بدائل تختار من بينها الأفضل ، وتبتعد قدر الإمكان عن الاسوء ، وان لا تفقد الحيلة !!!!!!!! فالأكثر صعوبة والأشد سوءاً هو ان يراك المفاوض الاخر وقد اصبح ظهرك للحيط ولا مفر لك من القبول بشروطه !!!
فما الذي حل بنا منذُ سنوات طويلة ؟ ولماذا انتظرنا حتى لم يعد أمامنا سوى اللجوء لصندوق النقد الدولي !!! فهذه للأسف هي الصورة الحقيقية لوضعنا مع صندوق النقد الدولي والذي تُسوقه الحكومة على انه طوق نجاة وحيد لا مفر منه ، وعلى طريقة الدواء المر كالعلقم ؟ فما هو مطروح قائم على الرهان على مشاريع سياسية تُصاحبها انفراجات اقتصادية !!!! فتلك الأسئلة لا بد من تقديم اجابات شافية حولها ومقنعة للرأي العام وللشارع الاردني !! ومن اوصلنا الى ما نحن به الان ؟
فالأجيال القادمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل !!! فالمتتبع لمسار إدارة الدولة وتعاملها مع القضايا المهمة يؤلمه الحال التي وصلنا لها من الضعف والتفكك وفقدان التوازن ؟
فعلى ما يبدو فأن هناك تكلس ضرب الفكر السياسي والاقتصادي الاردني !!! فكفانا تصريحات ووعود ولجان !! فالأمر بات اشبه بالقدر الذي لا مفر منه ولا يمكن دفعه !!! فالشفافية والصدق والصراحة هي الثلاثية التي يجب ان تتعامل بها الدولة مع شعبها !! فالتفاؤل المفرط من هذه الحكومة بامكانية قيام قطاعات اقتصادية مثل الاقتصاد الرقمي والريادة لخلق فرص عمل وتنمية الاقتصاد هو ضربًا من الخيال.
فعلى مدار اشهر وانا ابحث عن نموذج لأية دولة لجاءت لصندوق النقد الدولي أو اتبعت سياساته ونجحت في الخروج من ازماتها سالمة أو حتى تمكنت من التقدم ولو لخطوات ملحوظة !! لكني حقيقة فشلت ووجدت نماذج محزنة وصارخة لدول دفعها الصندوق نحو الهاوية !!! فمثلاً ناخذ تجربة الإكوادور والتي رواها الخبير الامريكي والاقتصادي العالمي John Perkins صاحب كتاب ( الاغتيال الاقتصادي للأمم Confession Of an economic hit man ، حيث اعترف في كتابه بالصفحة رقم ٢٣ كيف تم نهب الدول عن طريق قروض الصندوق وكانت الإكوادور احدهما
فتدمير صندوق النقد الدولي لاقتصادات الدول النامية ليس محض خرافات بل هو قديم وجديد ومستمر !! خصوصًا عند الدول التي عاث بها الفساد والنهب !!!! فعالم الاقتصاد الكندي Michel cho ssudovsky أكد ان صندوق النقد الدولي يمكن ان يترك الدول افقر مما كانت عليه من قبل ومع ديون اكبر ومجموعة حاكمة أكثر ثراءً
فقرصنة الاقتصاد التي تحدث عنها بيركينز في كتابه ( الاغتيال الاقتصادي للأمم ) تعتمدُ في الأساس على منح القروض للدول بهدف تنمية البنى التحتية وانشاء مشاريع تنموية مثل ( بناء محطات توليد الكهرباء ، وتحلية المياه ومد الطرق وانشاء الجسور وانشاء الموانىء والمطارات والسكك الحديدية والمناطق الصناعية ) !!! فأبعاد ذلك الموضوع السياسية واسعة جداً وتحتاج الى الكثير من الوقت لسردها ؟ فشروط الصندوق عادة ما تنتهي بالدول الى الهاوية ، فكلما كانت القروض كبيرة وعجزت الدولة عن تسديدها كلما كان هناك ضمانة لمزيد من النهب والسلب والفوائد
فهناك دول تمكنت من الفرار من هاوية الصندوق والنجاة من سياساته ولعل تركيا وماليزيا وبولندا من ابرز هذه النماذج ولم تستمر بالاقتراض وخرجت من مأزقها الاقتصادي وتعاملت مع القروض على انها وسيلة لدفع الاقتصاد الى الأمام وليس الوسيلة الوحيدة لرفع معدل النمو الاقتصادي
فجميع قروض الصندوق تُسبب ازمات وتوسع الفجوة بين طبقات المجتمع !! فاللأسف فمع جميع تلك الشواهد والمعطيات فما زالت الدولة الاردنية تصرُ على الاستمرار في خوض التجارب المريرة مع الصندوق رغم ان المؤشرات تقول انها خطوة لا تتعدى كونها محطة ما قبل الهاوية !!! فطوق النجاة للأنظمة السياسية هو قدرتها على صياغة مفهوم حقيقي وواضح للتغير