مراقع فُقّس / رائد عبدالرحمن حجازي

مراقع فُقّس

رائد عبدالرحمن حجازي

منذ الصباح الباكر ها هو أنور (الأهتر) يتجول في طُرقات القرية وأزقتها متلفتاً يمنةً ويسرةً وفي بعض الأحيان كان ينحني ليلتقط شيئاً ما عن الأرض وغالباً كان يرمي ما يلتقطه , وفجأةً صَادفه صديقه محسن الذي كان على موعد معه .فقال له : شو يا أنور بعدك بتدور على إرثع وشرايط للقرُقّة ( القرُقّة هي دجاجة جالسة على البيض في إنتظار التفقيس) ليجيبه أنور : والله يا محتن مت ملادي إتي مليح تُل ما بلادي تغلة بتتلع مدتمنة (والله يا محسن مش ملاقي إشي مليح كُل ما بلاقي شغلة بتطلع مقطمنة). فيقول له محسن : طيب أنت لويش مغلّب حالك شوفلك رِثعة أو خَلقة قماش عندكوا بالدار وقص منها شِقفه للقرُقّة وريّح راسك من هالسولافة وبعدين بدي أحتشيلك شغلة : يفقّسن الصيصان على شريطة ولا الله عمرهن ما يفقّسن أنت وشّو إللي مغلبك ؟فيقول أنور : ئي ئي ئي تيف بدّت التيتان يتلعن معفلات بالتتن والتلايب , لا يا محتن ددتي دالت لي حُت تليتة تحت البيدات من خوف ما يتعفلن التيتان بالتلايب والتتن ( ئي ئي ئي تشيف بدك الصيصان يطلعن معفرات بالستشن والترايب , لا يا محسن جدتي قالت لي حُط شريطة تحت البيظات من خوف ما يتعفرن الصيصان بالترايب والستشن ).

للعلم أنور كان يبحث عن خلقات من القماش البالي مثل قطعة من شرش أو سروال أو ما شابه ذلك ليقتطع منها قطعة والتي تُسمى رُقعة ويضعها بين التراب والبيض الذي كانت تجلس عليه الجاجة الأم (القرُقّة) وذلك للحفاظ على نظافة المنتج وإعطاء حرارة إضافية لتُساعد في عملية تفقيس البيض .

يعني إن غابت عنكوا أنور داير على مراقع فُقّس . والمسكين كانت نيته صافية وهي المحافظة على نظافة الصيصان الجُدد .

لكن ما أستغربه وربما تستغربون معي ما تُطالعنا به حكومات ضريبستان من التفنُن في فرض ضرائب جديدة ومتجددة .

ما أعرفه بأن الحكومات وجدت لتعمل من أجل راحة مواطنيها وتخفيف ضنك العيش عنهم، لا أن تزيدهم وجعاً وإيلاما .