حشّش ولا تقرب السياسة / احمد حسن الزعبي

حشّش ولا تقرب السياسة

احمد حسن الزعبي

بعدما قرأت وسمعت وشاهدت بأم عيني أشياء غريبة في وطني ،أطالب بمنتهى الجدية إنشاء وزارة جديدة في أول تعديل أو تغيير حكومي – لا فرق- وليكن اسمها: “وزارة شؤون الحشيش وتنمية المخدّرات”..فكل ما أراه من قرارات وقوانين رسمية وحكومية مثيرة للريبة لا أستطيع أن أصنفها الا من باب تسهيل التعاطي وتزيين الإدمان لتساعد الكثير من الشباب الى التخدير المقونن كي يبقى القوم في أماكنهم ورقعة “النتانة” والفساد والتردّي الوطني تزداد..
بدءاً من “عدم مسؤولية متعاطي المخدرات” في حال تم ضبطه أول مرة التي أقرّها مجلس النواب المدّجن قبل سنوات..وانتهاء بتصريح وزير الداخلية الأخير الذي قال فيه : ( لن يتم توقيف اي شخص اداريا من قبل الحكام الاداريين على خلفية تعاطي المخدرات)..كل ذلك في الوقت الذي يعاد فيه النشطاء السياسيين والحراكيين الى الحاكم الإداري عند الإفراج عنهم فيوقفهم من جديد ويحجز حريتهم..
لا أستطيع أن أفهم كلام وزير الداخلية والجماعة الرسميين الا من خلال رسالة واحد يريدون أن يوصلوها يشتى الطرق : (حشّش ولا تقرب السياسة..أدمن ما شئت ومتى شئت وأنّى شئت..فلن يمسّك أحد..أما أن تكون مصلحاً، أو حراكياً أو شخصاً له رأي سياسي..حتماً كلما أطلق سراحك سيعيدك الحاكم الإداري لتأهيلك وإصلاحك..فأنت أحق من المدمن بالإصلاح والتأهيل)…
هل يقبل عاقل..أو يرضاه منطق..أن تخفف العقوبات على متعاطي المخدرات..وتغلّط على متعاطي السياسة؟..هل يقبل عاقل أو يرضاه منطق..بعد كل جملات التوعية ونشرات التحذير..وادارة خاصة لمكافحة المخدرات..يأتي قراراً حكومياً بعدم توقيف متعاطي المخدرات إدارياً؟…كيف سيهاب المتعاطي جهاز المكافحة بعد اليوم..وكيف سيهاب العقوبة؟..
ثم سؤال آخر..ما هو موقع الحاكم الإداري في العدالة..اذا القضاء قدّ برأ متهماً وأخلى سبيله..الا يعتبر إعادة المبرأ من المحكمة الى التوقيف والحبس بقرار من الحاكم الإداري..تعدٍّ على هيبة القضاء وانتقاص من العدالة؟ …لماذا يقبل المجلس القضائي هذا التدخل بعمله والتعدي على صلاحيته…أين الفصل بين السلطات والسلطة التنفيذية باتت تمدّ يدها وكرباجها على السلطتين الأخرتين.. اذا كان القضاء المختص الأولى بإحقاق الحق وإظهار العدالة وتبرئة المتهمين..حكمه لم يعد نهائياً ولا يعتدّ به ، فموظف السلطة التنفيذية له رأي آخر..فالبرىء لا يصبح بريئاً الا إذا أراد الحاكم الإداري ذلك..وبالتالي لم يعد قول “المتهم برىء حتى تثبت ادانته” منطقياً في زمن التغول الحكومي ..فالبرىء متّهم حتى يقتنع المحافظ او المتصرّف!…كفى عبثاً بالدستور..وكفى عبثاً ببنية هذا المجتمع وسلامته…حكم الإفراج و التوقيف وسلب حرية الأشخاص أو إعادتها يجب ان يكون منوطاً بالقضاء فقط…
إياكم والإستهتار بالدستور…فإنه ضمانة بقاء الدولة

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hormail.com