الامير مرعد ..ستشهد بلدنا نقلة نوعية وتغييرا جذريا في حقوق ذوي الاعاقة

كنانة نيوز – محمد محسن عبيدات

قال الأمير مرعد بن رعد بن زيد الحسين رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة : إنني على ثقة بأن بلدنا سوف يشهد نقلةً نوعيةً وسوف يحقق تغييرًا جذريًا في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بوجه عام والحق في التعليم على وجه الخصوص، ذلك لأننا قد بدأنا المشوار وقطعنا فيه شوطًا طويلًا بالفعل، وجميعنا عازمون ومصممون على استكمال المسيرة وتحقيق الغاية التي نتطلع إليها جميعًا؛ وهي الغاية المتمثلة في إيجاد واقع أفضل للأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون فيه باستقلالية وحرية على أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.

جاء ذلك خلال كلمة له في الحفل  الذي رعاه  حول اطلاق الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج في مدرسة ضاحية الامير حسن الاساسية  المختلطة التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء ماركا وبحضور وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي والدكتور بيرند كوزمتس مدير التعاون الدولي في السفارة الالمانية .

وقال سموه  ان الاستراتيجية العشرية للتعليم الدامج تأتي ترجمةً لأحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017 وتجسيدًا لأهمية الموضوع الذي تتناوله وتعالجه. فما عساه يكون أولى من الحق في التعليم بالاهتمام للأشخاص ذوي الإعاقة ولغيرهم؟ إن الحق في التعليم ليس محلًا للإثبات أو التأكيد، فهو من الحقوق الأساسية التي أقرت بها دساتير العالم والمواثيق والاتفاقيات المختلفة المتعلقة بحقوق الإنسان، ولم يفرق دستورنا الأردني حينما نص على الحق في التعليم بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم، بل أوجب على الدولة كفالة تمتع الكافة بهذا الحق وممارستهم له على أساس المساواة مع الآخرين ودون أي شكل من أشكال التمييز.

 وقال: إذ كانت أرقام دائرة الإحصاءات العامة عندنا وفقًا للتعداد السكاني لعام 2015 تشير إلى أن ما نسبته 79 بالمئة من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتلقون أي شكل من أشكال التعليم، وإذ كانت إحصائيات وزارة التربية والتعليم تؤكد على ما هو أخطر من هذه النتيجة، حيث تشير البيانات الصادرة عن الوزارة إلى أن عدد المستفيدين من الخدمات التعليمية من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتجاوز 20 ألف طالب وطالبة، وإذ كان هذا الرقم يشكل ما نسبته 1,9٪ من إجمالي عدد الطلبة في الأردن، فإن الغالبية العظمى من الأشخاص ذوي الإعاقة في سن التعليم هم خارج نطاق المؤسسات التعليمية بشكل كلي. إذا كانت هذه هي الحقيقة التي تنطق بها الأرقام، فإننا ولا ريب أمام مشكلة حقيقية تنذر بخطر جسيم يجب علينا جميعًا العمل على تلافيه من خلال معالجة أسباب هذه المشكلة من جذورها، بحيث تكون الحلول المقترحة من جانب الجهات المعنية كافة حلولًا جادة وخلاقة ترقى إلى مستوى حجم المشكلة وعواقبها المتوقعة. وإن استقراء تجارب الآخرين يؤكد على أنّ ما نطمح إليه من جعل قطاع التعليم قطاعًا دامجًا مستوعبًا للتنوع والاختلاف هو طموح مشروع وواقعي، فإن دول مثل غانا وأوغندا وغيرهما تمكنت من تحقيق نقلة نوعية في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المؤسسات التعليمية النظامية، وإذا كانت ظروف هذه الدول تتشابه مع ظروفنا -بل قد تكون أصعب- فإن ما نرمي إلى تحقيقه من خلال هذه الاستراتيجية فيما يتعلق بتطوير منظومة تعليمية دامجة وحاضنة للكافة إنما هو عين المنطق والصواب.

 واضاف : على صعيدٍ آخر، فإن الدول المتقدمة جعلت من التعليم الدامج خيارها الاستراتيجي لما له من فوائد وعوائد اقتصادية كبيرة مقارنةً بالتعليم في بيئات مقيدة وعازلة، فعلى المدى المتوسط والطويل، يظل التعليم الدامج هو الأكثر فاعليةً والأقل تكلفة، حيث يعد التعليم الدامج أداةً ناجحةً في تقليص نسب البطالة وخفض معدلات الجريمة والسلوكيات الاجتماعية الضارة، وهو الأمر الذي يجعل التكلفة المالية للتعليم الدامج أقل بكثير من التعليم في بيئات مقيدة وعازلة. وفي الاتجاه نفسه، فإن ثمة من يعتقد أن التعليم الدامج ” له تأثير سلبي في الطلبة الآخرين”، وأن التعليم الخاص ضمن بيئات مقيدة وعازلة “هو الأنسب للطلبة ذوي الإعاقة” وغير ذلك من المعتقدات المبنية على تصورات نمطية لا تستند إلى دليل علمي موثوق، حيث تشير الدراسات والأبحاث التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرهما إلى أن التعليم الدامج له كامل التأثير الإيجابي في الطلبة جميعًا -سواءً كانوا من ذوي الإعاقة أو من غيرهم- إذ هو يساهم في تنمية قدراتهم وإكسابهم مهارات جديدة ونوعية، كما أنه يعزز من ثقافة التنوع وقبول الاختلاف لدى الأطفال في سن مبكرة، ومن ناحية أخرى، فإن التعليم في بيئات عازلة من شأنه تضييق نطاق الفرص للانخراط في سوق العمل مستقبلًا، ومن ثم، خلق جيل من العاطلين عن العمل الذين قد يؤدي بهم ضيق الحال إلى أن يصبحوا عنصر غير فعال وربما ضار بالمجتمع، بحيث تتطلب معالجة آثاره السلبية نفقاتٍ باهظة وجهودٍ مضنية نحن في غنى عنها لو تبنينا نهجًا شموليًا يرسخ قيم الاختلاف والتنوع والمشاركة الفاعلة ويعزز الاندماج في المجتمع.

 وفي الختام قال :  ان الاردن  أنجز الكثير في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خلال العقد المنصرم، إلا أن هذا الإنجاز لم يطل بعد قضية التعليم على ما لها من أهمية وما تحتله من أولوية على أجندات الأمم في هذا العالم سريع التطور والتغير.  في الواقع إننا نملك العناصر الحيوية التي تمكننا من أن نكون روادًا في مجال التعليم الدامج، ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى العالم؛ فلدينا الإرادة السياسية العازمة على التغيير والنهوض بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولدينا البيئة التشريعية الداعمة المتمثلة في قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة الجديد، كما أننا نمتلك الخبرات الفنية والمعرفية التي نفاخر ونفتخر بها، ولزامًا علينا أن نستثمرها لرفعة بلدنا وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة فيه.