متى ستستردُ الحكومات الولاية العامة ؟ وإلى متى حكومات الظل؟/م.سليم البطاينة

متى ستستردُ الحكومات الولاية العامة ؟ وإلى متى حكومات الظل؟

م.سليم البطاينة

ان الولاية العامة والكاملة لأي حكومة هي حديث قديم ومتجدد ، وهي الحاضر الغائب ، وهي تتفاوت بدرجات خصوصاً في الجدل العميق مع الرأي العام ومع المعارضين للحكومات !!!!! فمسؤولية الحكومة تتفاوت ايضاً بحسب الوظيفة التي يتولاها أي رئيس وتبعاً للدور الذي يُناط به !!! فانا أعرف تمامًا كما غيري بعرف بأن أغلب رؤساء الحكومات المتعاقبة ومنذ سنين طويلة لم يمتلكوا ولاية عامة على إدارة شؤون البلاد كما ينُص الدستور !! والبعض منهم فهم مبكراً تلك المعادلة ولم يكن معنياً كثيراً بجدل أمتلاك حكومته للولاية العامة ولا حتى نصفها !!!!! والبعض الاخر دخل بصراعات مع مراكز نفوذ ومؤسسات ودفع الثمن سريعاً ومبكراً لأن الصراع لم يكن في صالحه !!! وآخرين تقدموا باستقالاتهم مرات ومرات !! حتى بات مصطلح الولاية العامة السياسي والدستوري غائبًا تماماً

فمعظم الذين نراهم في الاعلام هم مجرد واجهات أمام الناس ؟ حيث ان مراكز الاتصال المخفية وحكومات الظل هي المتحكم الرءيسي وهي الخيط الرفيع والمخفي لنقل الأوامر والقرارات لحكومات الرأي العام !!! فلكل سقف عتبة فهناك من رؤوساء الحكومات خفض ما تبقى له من ولاية عامة خوفاً من الاصطدام مع القوى الخفية والمتواجدة خلف جدران مغلقة ؟ علمًا بأن الولاية العامة ليست أمتيازاً حصريًا لشخص وإنما هي عبارة عن إطار من السلطة منحها الدستور لشخصية عامة !!!!! فللاسف فهناك مؤسسات داخلُ هرم الدولة قد استولت على جزء كبير من الولاية العامة للحكومات ، وبات الجميع يعرف جيداً انه لا يوجد رءيس يملك الولاية العامة الكاملة على إدارة شؤون البلاد
فمنح الولاية العامة كاملة وغير منقوصة للحكومة هي أولاً وأخيرًا لتحصين الملك من أي تبعية قانونية أو دستورية ،، وليست تقويضًا من صلاحياته !!!!!! فرمزية الملك في الدستور تولدت من مبدأ عدم ممارسة الملك للسلطة ، فهو لا يتخذ قراراً فالذي يتخذُ القرار هي الحكومة ودور الملك فقط الموافقة والتوقيع !!! وهذا يجعل الملك مصاناً ولا يُنسب الخطأ اليه !!!!!
فالنقاش حول الولاية العامة لأي حكومة يحتدم أحياناً ، فبعد التعديلات الدستورية الاخيرة عام ( ٢٠١٤ ، ٢٠١٦ ) أصبحت الولاية بيد الملك وحده وليست بيد الحكومة أو النواب والأعيان !! حيث حولت تلك التعديلات الدستورية نظام الحكم من نيابي ملكي وراثي إلى ملكية مطلقة
وفي خضم الحديث عن الولاية العامة استحضرتني قصة في خمسينات القرن الماضي عندما كان المرحوم سليمان النابلسي رءيساً للوزراء !! فمن خلال اتصال هاتفي مع رءيس الديوان الملكي آنذاك وهو المرحوم بهجت التلهوني عرف النابلسي أن التلهوني سيغادر مساءً إلى مصر حاملًا رسالة من الملك الحسين للرءيس عبد الناصر !!!! فعلى الفور اتصل الرءيس النابلسي مع الملك وأبلغه ان حمل الرسالة ليست من مسؤولية رءيس الديوان !! حيث هدد باستقالته ، لكن الملك أعطاه وعدًا بأن لا يتكرر ذلك
فجميعنا نعرف بأن الحكومات ومنذُ زمن طويل لا ترسم علاقاتنا الخارجية الدولية دون الرجوع إلى مرجعيات عليا !!!! فالولاية العامة للحكومة هي جزء لا يتجزء من هيبة الدولة وقوتها !! فعندما تتشتت وتضيع حينها تصبح الحكومة في مهب الريح !!!!!!! فالملك وحسب الدستور هو من يملك والحكومات هي من تحكم وتُدير أمور البلاد !!! فالخطأ الكبير بالاعتقاد أن الولاية العامة خاضعة للتجزيء !!! فالهيكل الإداري للدولة كبيراً جداً ولا بد أن تكون القرارات بيد الحكومة لا غيرها !!!