صحافة لا صالونات تجميل! / احمد حسن الزعبي

صحافة لا صالونات تجميل!

احمد حسن الزعبي

وجد الإعلام لينقل الحقيقة ووجع الناس ويراقب ويتابع الأداء الحكومي والنيابي ويكشف الخبايا ، ولم تكن في يوم من الأيام وظيفة الإعلام إخفاء الحقيقة والمجاملة وبروزة الانجازات وإبعاد ضوء الشمعة عن جسد المسؤول ليتضخم ظله فيعتقد أنه “شمشون الإنجازات” وبالتالي خداع الشعب والجمهور على أن الأمور على خير ما يرام وهي عكس ذلك تماماً..

الصحافة الحرّة والمحترمة لا يمكن أن تقبل العيش في جلباب الحكومات ولا في جيب الوزارات ، الصحافة الحرة والمحترمة مهمتها أن تضع الكشّاف على بؤر التقصير وتواجه المسؤول الذي يزوّر الحقائق ويتقاعس في أداء واجبه الذي أقسم عليه ، وتراقب آداء السلطات الثلاث فلا يحق لأحد أن يتنمّر عليها أو يمارس عجرفته وقرفه في التعامل معها..

شهدنا كيف تعامل وزير العمل أول أمس في المقابلة التلفزيونية مع الزميل حسن الكردي ، كان بمنتهى الفوقية والغطرسة والمزاج السيء، الزميل لم يخطئ، وضع مقدّمة متوازنة في برنامجه عن انجازات الحكومة وأشاد بها وتساءل بالمقابل كيف يرى البعض أنها حلول “ترقيعية”.. هو لم ينسب القول الى نفسه، هو نقل الرأي العام ،فما كان من الوزير الا أن نفش ريشه وبدأ بتقريع المذيع وتحديثه أن يأتي بالأدلة ،المستفز في المقابلة ان الوزير كان يغمض عينيه وهو يتكلم مع المذيع ولم ينظر في وجه الرجل وكان يضع رأسه في الورق ويتلكّم بقرف ، وهذه في “الإتيكيت” واللباقة تعني عدم احترام المقابل ولا علاقة لها باختلاف وجهات النظر..

الصحافة وجدت للنقد والبحث عن مواطن الخلل كما وجدت للإشارة الى الانجازات بموضوعية ومهنية ،الصحافة ليست ملك أحد ولا يمين أحد، وبما أن الشيء بالشيء يذكر أسجّل عتبي على صحيفتي الرأي عندما أكتب مقالات فيها نقد للمصلحة العامة وتعبّر عن وجع الوطن والمواطن ولتصحيح المشهد المعوّج تحجب المقالات ولا تنشر ، نحن لسنا كوافيرات ولا خبراء تجميل،نحن جنود الحقيقة ، نعمل في مهنة تتطلب ضميراً وطنياً مستيقظاً لن يرحمنا التاريخ إذا ما قصّرنا أو تخاذلنا…الصحافة ليست صالون تجميل لعمل “البودكير” و”المنكير” للمسؤول، والمؤسسات الإعلامية ليست بيوتي سنتر “للبوتوكس والفيلر والسيلكون”، لسنا أخصائيي نفخ ولا تكبير ولا تصغير..نحن المرآة المسطّحة..ننقل الجمال كما هو وننقل البشاعة كما هي…نعكس الوجه الذي ينظر الينا…لا نجامله أو نداريه أو نخشاه…ما دام مسندنا الحقيقة..

المسؤول خادم الشعب، عليه أن يفهم ذلك قبل أن يأتي للكرسي..من يفهم هذه الرسالة أهلاً وسهلاً..أما من يعتقد أنه المدلل عند الوالدة..و”يطنفر” عليها اذا لم تعمل له كوب نسكافيه فور استيقاظه من النوم، فنحن لسنا الوالدة حتى نمتحمل دلالك ..عليك أن تعود ن حيث أتيت سالماً غانماً وتمارس دلالك وغطرستك هناك.

رضينا بالهم والهم ما رضي فينا..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com