برطع وتبرطع
بقلم : صافي خصاونه
مفردتان عهدي بهما منذ خمسين عاما أو أكثر كان يقال فلان يتبرطع في مكان ما اي انه يتحرك به ويلهو غير عابيء باصحابه والقائمين عليه وغير مكترث بغضبهم أو احتجاجهم عليه كونه استباح المكان وكأنه مالكه وصاحب الحق فيه دون سواه …
فالمتبرطع ربما تعطي أيضا دلالة العابث غير المكترث باستنكار غيره لفعله هذا فهو يصول ويجول هنا وهناك غير مبال برأي الآخرين فيه فهو يضع كما يقولون في هذه طينة وفي تلك عجينة وإذا لزم الأمر فإنه يستعمل القوة لإسكات أصحاب الحق وأسياد المكان وهذا من أكثر السلوكيات بشاعة واستخفافا بالغير وصاحب الحق مما قد يؤدي إلى عراك قد لا تحمد عقباه …
اما عندما يقال فلان برطع فهذا يعني أنه تنقل في المكان فرحا مسرورا لا تعنيه هموم غيره ولكن عن غير قصد وسابق إصرار بخلاف المتبرطع الذي لا يتصرف الا بوعي وضمن خطة وفي إطار مصالحه واهتماماته …
والبرطعة صفة تتجسد في حالة نفسية غاية في الارتياح والعبثية اللامقصودة وإنما كنوع من الترف وكتعبير عن الفرح والسرور بغض النظر عن الحالة العامة للواقع العام …
خطرت على بالي هاتان المفردتان لأننا نعيش الان حالة شبيهة تماما بهما ‘ فالحكومات تتبرطع في البلد وقد اجهزت على كل ما فيه ثروات كانت أو شعبا غير مبالية ابدا بنقد أو احتجاج ذلك لأنها أوصلت الناس إلى حالة الموت السريري الأمر الذي لا يستطيع معه الناس الدفاع عن حقوقهم أو حتى مجرد المطالبة بها إلا باستحياء وخجل فصار الناس عبيدا للأمر الواقع المفروض والذي يزداد سوءا يوما بعد اليوم لانه لا حسيب ولا رقيب ولا صوتا جادا يطالب بالحقوق الضائعة المنهوبة …
هكذا تتبرطع الحكومات في البلد وكأنه خال من السكان وكأنه أرض خلاء وكأنه ملك لهم وميراث فتبرطعي أيتها الحكومات حتى يقيض الله لهذا البلد من يقف في وجه الظلم وينتزع الحق من سدنة الفساد وارباب السوابق في اللصوصية