خبز الكرامة / احمد حسن الزعبي

خبز الكرامة

احمد حسن الزعبي

لم نخبئ موقفنا منذ اللحظة الأولى ،ولم نتردد في الانحياز له مهما كانت النتائج …ببساطه لأنه وجه الوطن ، فكيف لي أن أخذل وجه وطني ،أو أهرب منه عند ندائي، كيف لي ان أبدو جباناً وهو من علمني الشجاعة ، وأن أدّعي “التأتأة” وهو من علمني البلاغة ، وأن أفضل مصلحتي وهو الذي امتحنني طويلاً في درس “الإيثار” …لذا كنّا معه،ونبقى معه ، وسنبقى معه فنحن الأبناء ونحن الطلاب مهما شاب الشعر أو زحف العمر على ملامحنا ، ما يطلبه منا في أي وقت وفي أي ظرف لا نستطيع الا أن ننحني له ونقول : “حاضر أستاذ”..!.
**
ولا أدري كيف كان يجرؤ المسؤول الحكومي أن يقول لا في وجه معلمه، أو يجلس معه جلسة تفاوض ، الآباء لا يُفاوَضون على حقوقهم ، الآباء لا يُفاوَضون على برّهم ومحبّتهم الآباء يقال لهم “لكم المال كله” والعمر كله والاحترام كله..
المعلّم هو من علّمني حياكة الكلمة ، وزراعة النقطة ،وصناعة المفردة،وفكك الأرقام لأفهم المعادلة ،وعلّمني كيف أضع النقاط فوق الحروف، هو من رفعني الى سطر الحياة ، وأرادني أن أبقى ترويسة في دفتر الحق ، لا على هامش الباطل أمحي أو أنسى..هو الذي أسعفني بإكسير الكرامة عندما لدغني عقرب اليأس والخوف..هو الذي أحيا بي أملاً كدت أن أفقده ، لأكتشف أن من كان يقرع الجرس في أول النهار ، هو نفسه من يقرعه قبل الانهيار..
أخيرا..وأنا أصطحب أولادي صبيحة الأحد 6-10 كان لجرس المدرسة صوت مختلف ،فيه روح العبادة ، وفيه رائحة الولادة ، كان الجرس يرسل لحناً جديداً للكرامة ، يطرب البيوت المستيقظة على شمس الإرادة ، يدندن بالانتصار ، كانت النجمة تريد ان تفرّ من العلم الثائر فوق السارية ، تقبّل الهامات تجلس على المقاعد ، تنشد للقادمين الى فرض العلم لمقيمي صلاة الحرف الأولى نشيد “موطني”..
وأنا أصطحب أولادي الى المدرسة، لأول مرّة أعرف أن عشق الوطن قد يدخل من باب صغير يحرسه معلم ، أو من ابتسامة معلمة أو من حقيبة طالب صغير يؤرقه تعرّج الحروف على بياض الدفتر ، لأول مرّة أعرف أن خبز الكرامة يصنع من طحين الطباشير أيضاَ..

وإنها البداية…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com