الفيسبوك وزير المظالم / احمد حسن الزعبي

الفيسبوك وزير المظالم

احمد حسن الزعبي

لا أحد يريد ان يسمع الانتقاد، الكل يطرب لأصوات التصفيق..وعليه، لا أحد يريد أن يصوّب الخلل، الكل متفقون بالتراضي على تجميله فقط …امتدح إدارتي، نظرتي ،حكمتي ، شمولية رؤيتي ،وإياك أن تنتقد الوضع الراهن في مؤسستك أو قطاعك أو وطنك ..إياك أن تقول البلد مش ماشية صح..لأنك تصبح سوداوياً،جالداً للذات ،منكراً للجميل..
ما الجدوى من لقاء رئيس الوزراء مع تجار الأردن إن لم يسمع شكواهم،ويقف على طلباتهم ،هل يريد ان “يطعموا معه عصافير الخيال عل غصن النهضة..أم يلموا براغي الثورة الصناعية الرابعة”.. قبل يومين استشاط الرئيس غضباً عندما صارحه رئيس غرفة تجارة الأردن السيد نائل الكباريتي بالوضع الاقتصادي المأساوي مع ذكر الأسباب الحقيقية والعملية واقترح بعض الحلول ،وبعد هذا الشرح اتهمه رئيس الحكومة بالسوداوية وجلد الذات،وانه لم يسمع يوماً جلداً للذات أكثر من ذلك اليوم ..ربما أخطا الكباريتي عندما كان صريحاً مع الرئيس ، كان عليه ان يقول ان الوضع عال العال…وان التجار ينثرون “الكاجو” على رؤوس الجبال من رغدهم حتى “يتنقرش” عليه الطير هناك..
في حادثة أخرى ، وفي جولة تفقدية لوزير الصحة لمستشفى أبي عبيدة ، وأرجو ان تضعوا خطّاً تحت كلمة تفقدية التي يفهم منها السؤال عن الحال والأحوال ومعرفة الاحتياجات والنواقص ..تأخذ العزة بالإثم شاباً يافعاً يعمل بمهنة ممرض اسمه “فرج” فيسرد النواقص والمشاكل التي تواجههم في العمل اليومي ،يصمت الوزير ويقول لمدير المستشفى: “شكله مش عاجبه الشغل أنقله”..فوقّعوا كتاب نقل المسكين فرج..وكاد أن يرمى في فيافي الصحراء..لولا أن معالي الفيسبوك هذه الوزير الأزرق الجميل العادل وقف في وجه القرار الظالم وأوقفه بعد أن ثار سكّان كوكب السوشال ميديا على هذا القرار..
ومن حادثة “فرج” أنطلقُ الى فكرة المقال الرئيسة ، لقد أصبح الفيسبوك ديوان مظالمنا..نشرح له ظلم المتجبّرين، ونقص الخدمات، وسوء الإدارات،ومآل الحال،وفساد الفاسدين ، صار ديواننا الذي نرمي له شكوانا..هو مثل الصنارة التي ترمى في فم البحر أن التقطها نجونا وانتبهوا لأوجاعنا، وإذا لم يلتقطها ضاعت بين موج المنشورات الذي لا يتوقف لحظة..يحزنني أن خطابنا مع الدولة صار عبر المنشور..اذا حملته الإعجاب والمشاركات وصل إلى أسماعهم..وإذا داسته أقدام الراكضين خلف الخبر الجديد مات دهساً ونسياناً..
لدينا خلل وخلل كبير..وغطيني يا كرمة العلي
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com