نقش و دور الشباب في تنمية الحياة السياسية / مروان المعشر

نقش و دور الشباب في تنمية الحياة السياسية
مروان المعشر

إذا أخذنا بعين الاعتبار ان سبعين بالمائة من الشعب الأردني عمره اقل من ثلاثين عاما، لا ندرك ان مستقبل البلاد بايدي هذا الجيل الجديد فحسب، بل تقع علينا مسؤولية تشجيع هذا الجيل للانخراط في العمل السياسي من سن مبكرة و ذلك لتطوير قدراته المعرفية و تعليمه أهميه العمل الجماعي و بلورة مطابخ لإنتاج القيادات المدربة و المتسلحة بالمعرفة و الخبرة و الحكمة و عناصر القيادة.

لا يزال ذلك بعيد المنال عن واقعنا الأردني. فبالرغم من جهود مشكورة لتدريب الشباب على الحياة العامة التي يبذلها أشخاص كمعالي وزير الثقافة النشط الدكتور محمد أبو رمان، الا ان العديد من مؤسساتنا، و بالأخص جامعاتنا، لا تزال تحذر الشباب من الانخراط في العمل الحزبي و تهددهم بكافة أنواع العقوبات ان فعلوا ذلك. كما ان لقمة العيش أصبحت الهم الرئيسي لدى الكثير من ابناء و بنات الجيل الجديد ما جعلهم يحجمون عن العمل السياسي و بالأخص الحزبي.

لا يربط الكثير من الشباب بين العمل السياسي و بين تحسين أحوالهم الاقتصادية، فالعلاقة بين توسيع قاعدة القرار و بلورة مؤسسات فاعلة في الدولة و بين التنمية الاقتصادية الفاعلة و العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص لا تزال غير واضحة لدى بعضهم.

لكن في مقابل كل ذلك، هناك ايضا العديد من ابناء و بنات الجيل الجديد ممن لم يعودوا يقبلون العيش بنفس الشروط التي قبل فيها آباؤهم و امهاتهم، و ممن يصرون على أخذ زمام المبادرة و عدم انتظار الجيل القديم ليتمنن عليهم بمكاسب تجميلية أو مشاركات رمزية في الحياة السياسية. “نقش”، أو نحو قيادة شبابية مدنية أردنية” تأتي مثالا على مبادرة شبابية لتجميع الشباب تحت سن الخامسة و الثلاثين في حزب معين (التحالف المدني) لتكوين كتلة وازنة داخل الحزب بهدف اشراك الشباب الأردني المؤمن بمشروع الدولة المدنية الديمقراطية من منتسبي الحزب أو حتى مناصريه.

لم تنتظر “نقش” موافقة من احد، بل بادرت هذه المجموعة لتأسيس نفسها، ليس منافسة أو مناكفة لاحد، بل لتشكل مساحة للشباب تتعلم و تدرب و تقوم بأنشطة لخلق قاعدة شبابية تكون عمادا للحزب بينما يشق طريقه في الحياة السياسية الاردنية. و قد بادرت نقش لتثقيف نفسها و توضيح مفاهيم الدولة المدنية الديمقراطية و توفير مساحة آمنة للشباب و بلورة قيادات الحزب الحالية و المستقبلية بعيدا عن اللغط الذي يصر عليه البعض الذي لا يريد تطوير حياة حزبية حقيقية في البلاد.
يمثل الجيل الجديد أفضل وسيلة لكسر ثنائية السلطوية المدنية و السلطوية الدينية، و بلورة طريق ثالث يؤمن بالتعددية الحقة و بالمدنية الديمقراطية التي تحمي حرية الاعتقاد و تمنع تغول أي جهة على جهة أخرى و تعمل من اجل سيادة القانون على الجميع و بلورة مؤسسات الدولة الراسخة و الفاعلة.

سيحتاج تحقيق ذلك إلى عقود، قبل ان تنضج بدائل ديمقراطية لكل من السلطويتين، و لا بد للجيل الجديد ان يخوض معركة التعددية و الديمقراطية، لصنع قوى ثالثة قابلة للاستمرار و نابضة بالحياة. و ستكون العقبة الأكبر في طريق هذا الجيل هي كيفية بناء هياكل سياسية تعتبر التنوع و التعددية أموراً ضرورية للاستقرار و الازدهار.

هذه المهمة ليست أهلا لأصحاب القلوب الضعيفة أو للأشخاص الذين يستسلمون عند اول عقبة، فليست هناك طرقا مختصرة للديمقراطية و الازدهار. و لكن مجموعات كنقش تعطينا الأمل ان هناك من يبادر و ياخذ زمام الأمور و يخطط من اجل مستقبل أفضل له و لجيله.