هل سيناريو صفقة أمريكية- إيرانية قائم رغم التصعيد؟/عمر الردّاد

هل سيناريو صفقة أمريكية- إيرانية قائم رغم التصعيد؟

عمر الردّاد

تمارس كل من الولايات المتحدة وإيران ذات اللعبة،بخطاب مزدوج، يقوده المستوى الدبلوماسي في البلدين( الخارجيتان الإيرانية والأمريكية)يؤكد ان لا حرب بين البلدين في الأفق المنظور، بالتزامن مع خطاب اخر يمارسه الحرس الثوري الإيراني،يؤكد استعداده  للمواجهة المقبلة مع الولايات المتحدة، وجاهزية تشكيلاته للمواجهة،من خلال ترسانة واسعة من الأسلحة،وخاصة الصاروخية، ودون ان يشير الحرس الثوري لدور اذرعه في العراق،واليمن وسوريا ولبنان، في المواجهة المحتملة، فيما تتواصل إعلانات أمريكية بإرسال المزيد من البوارج والقاذفات العملاقة الي المنطقة.

ورغم قرع طبول الحرب”الكلامية”،لكن قناعات واسعة في المنطقة والعالم ترجح ان خيار حرب أمريكية إيرانية،غير قائم في المدى المنظور، لأسباب مرتبطة بكلف تلك الحرب،لو وقعت على البلدين،دون ان ينفى ذلك احتمالات السيناريو الصفري، باندلاع تلك الحرب نتيجة لحادث عرضي، كأن تتعرض المصالح والأهداف الأمريكية لضربة من قبل إيران او أدواتها،رغم القدرة العالية لدى القيادة الإيرانية على ممارسة درجة عالية من الانضباط بالنسبة لحرسها الثوري واذرعه، ومع ذلك فان القيادة الإيرانية ترتكب الخطأ الذي ارتكبته القيادة العراقية،بالاعتقاد أن أمريكا لن تقدم على شن حرب ضد العراق، وهو ما اثبت عدم صحته.

وربما دلت ثلاثة تطورات خلال الأسبوعين الماضين على أقصى ما يمكن أن تذهب إليه إيران، ردا على أية تهديدات أو ضربة أمريكية، وهذه التطورات تتمثل في العملية التي نفذت البواخر في الموانئ الإماراتية، وضرب منشات نفطية سعودية من قبل الحوثيين، في تناقض مع خطوتهم بالانسحاب من موانئ الحديدة، وهو ما يؤشر لإمكانية أن تكون تلك العملية مرتبطة بتطورات التصعيد بين أمريكا وإيران، والتطور الثالث بإعلان أمريكا عن اكتشاف مخطط لضرب مصالح وقواعد أمريكية في العراق وسوريا بالتعاون بين الحرس الثوري الإيراني وقيادات بالحشد الشعبي العراقي.

ورغم تلك الصورة، يجري الحديث عن احتمالات صفقة إيرانية أمريكية جديدة، تعززت بإعلانات متكررة من القيادة الأمريكية، باستعدادها لذلك، ورغم إعلانات إيرانية بأنها غير مستعدة لمفاوضات على اتفاق جديد،الا أن تسريبات عديدة تشير إلى ان هناك جهود وساطة تقودها أربع جهات: قطر،سلطنة عمان،أوساط في الحكومة العراقية، إضافة لجهود أوروبية ،عنوانها سويسرا التي ترعى سفارتها بطهران المصالح الامريكية فيها، ومن غير الواضح نتائج المباحثات في إطار هذه الصفقة، غير ان المرجح ان يكون اي اختراق يتحقق باتجاه الصفقة سيكون من خلال جهود الأوربيين وسلطنة عمان.

سيناريو الصفقة يبدو انه الأكثر ترجيحا، خاصة وان هناك تاريخا من الصفقات بين الجانبين،الا ان المؤكد ان شروط اية صفقة ستكون قاسية بالنسبة لطهران،اذ ان الرئيس الأمريكي المنتشي بالنصر في انجاز صفقة مع كوريا الشمالية”رغم انها ما زالت في مراحل الشد والجذب وتحسين الشروط” لن يقبل بصفقة اقل من تلك التي تمت مع كوريا، مع الفروق بين ايران وكوريا، وتحديدا ان كوريا بلا حرس ثوري، وليس لها اذرعا في دول الجوار، وإسرائيل ليست موضع اهتمام في الملف الكوري،إضافة لعلاقات ايران بالإرهاب.

رهانات ايران على مواقف روسية وأخرى أوروبية، يمكن ان تضبط اندفاعات الرئيس الأمريكي تجاه إيران،ذهبت أدراج الرياح بعد الموقف الروسي، الذي اعلنه الرئيس بوتين، إضافة لمواقف الاتحاد الاوروبي،التي تتراوح بين تأييد التوجهات الأمريكية وإبداء التحفظات الخجولة، وهي ذات المواقف التي تم التعبير عنها قبيل الهجوم الأمريكي على العراق عام 2003، وهو ما سيشكل ضغطا جديدا على القيادة الإيرانية،ويدفع بها للذهاب باتجاه الصفقة” وتجرع السم” على غرار القبول بشروط وقف الحرب العراقية الايرانية عام 1988، وهو ما يشكل ردا على افتراضات بان القيادة الايرانية ستواجه صعوبات في تمرير اية صفقة جديدة، وربطها بقوى الاستكبار العالمي والشيطان الأكبر، وتحالفها وانه كان لا بد من إنقاذ “الثورة الإسلامية وضمان استمرارها”.

الصفقة المفترضة، إضافة لشروطها القاسية، تأتي في ظل أوضاع داخلية إيرانية متوترة بفعل تداعيات العقوبات،والانتقادات التي توجه للقيادة الإيرانية،والانقسام بين الإصلاحيين والمتشددين،رغم عدم التفات الشارع الإيراني لهذا الانقسام، وطرحه شعارات ضد “روحاني وخامنئي” في انتفاضة أواخر عام 2017،والانتفاضات اللاحقة، واذا كانت الصفقة السابقة تمت بمعزل عن دول المنطقة ،وخاصة الخليجية،فمن المرجح ان تكون دول الخليج وخاصة المملكة السعودية طرفا أساسا في الصفقة الجديدة.

ربما تكشف الأيام القليلة تسريبات حول ملامح صفقة بين أمريكا وإيران، يبدو ان الطرفين قد اسسا إطارها العام، وربما يجري التفاوض اليوم عبر الوسطاء،حول حدود ومضامين تلك الصفقة، والتي أصبح مؤكدا انها تتجاوز ما يتم الإعلان عنه،وربما تشمل تواجد الحرس الثوري في الدول العربية،وسلاح حزب الله والحوثيين، والدعم الإيراني لحماس والجهاد الإسلامي،والتفاوض على الدور الإيراني في صفقة القرن، المزمع الإعلان عنها بعد رمضان الحالي.