يوميات سالم 2 / أكرم الزعبي

يوميات سالم
الحلقة 2
أكرم الزعبي
(الأسواق في حالة ركود شديد، القيمة الشرائية للدينار لم تعد كما كانت في السابق، المواطن أصبح ما بين مطرقة الضرائب المتصاعدة وسندان الاحتياجات اليومية والفواتير الشهرية، مما استنزف السيولة النقدية وجعل جيب المواطن فارغة تماماً و………..)
غيّر سالم قناة التلفزيون المحلية إلى قناة تبث القرآن الكريم وهو يتأفف ويقول (والله إنه هالمحلل الاقتصادي صادق، لكن مين يسمع، وشو الحل؟).
سالم صاحب سوبر ماركت (التقوى) ولديه عاملان يتناوبان على العمل في السوبر ماركت ممن عُرِف عنهما الأمانة بعد أن قام باستبدال الكثيرين لشكّه في أن عمّال السوبرماركت يسرقونه بسبب التراجع الكبير في المبيعات والأرباح، و للمزيد من الاحتياط فقد قام بزرع السوبر ماركت بحوالي عشرة كاميرات ثلاثة منها مصوّبة باتجاه (الكاش).
عدد الزبائن كان يتراجع بشكل ملحوظ، وسالم كان يشك في طريقة معاملة موظفيه للزبائن، لكن المراقبة المستمرة جعلته ينفي هذا الاحتمال، ويتأكد بأن كلام المحلل الاقتصادي هو الصواب.
جلس سالم يُفكّر في طريقة لجذب الزبائن، وفجأة لَمَعت في رأسه فكرة فنادى على ابنه الكبير بصوتٍ عال فلم يُجبه، فعاد للصراخ :
– وَلَك وينك يا ابن العرص؟
– هيني جيت يابا، شو فيه؟
– جيب الكاميرا الديجيتال وتعال معي ع السوبر ماركت.
– الله يستر، شو فيه؟
– بعدين بحكيلك.
في السوبر ماركت أخذ سالم الكاميرا من ابنه وبدأ بتصوير المواد التموينية الموجودة فيه وسط دهشة ابنه ثم قام بتصوير قارمة المحل وعاد مع ابنه إلى البيت، وهناك بدأت أسئلة الابن :
– يابا ليش صوّرت المواد التموينية؟ شاكك بنقص فيها مثلاً؟ خايف انها تنسرق؟ ناوي تعمل تأمين ضد الحريق بشركة تأمين؟ بدّك……
– يزم تكثرش حكي وجيبلي جريدة (المستور) الإعلانية وجيب معك ورقة وقلم.
(حاضر) يقول الابن وهو يرفع حاحبيه علامةً على الدهشة، ويذهب ليُحضر ما طلبه أبوه، ثم يعود بعد دقائق :
– اعطيني الورقة والقلم وشوف بالجريدة المول اللي عامل أكثر العروض بأقل الأسعار واقرألي بصوت عالي.
(أوكيه مان) يقول الولد ويبدأ بتصفّح الجريدة، ثم يقول :
– أَهَا…. مول الجديد والتجديد عنده أرخص الأسعار.
– اعطيني التفاصيل.
– يا سيدي خمس علب فول بدينار.
يكتب سالم على الورقة (ست علب فول بدينار).
يواصل الولد : معكرونة عدد ثلاث، بدينار وتسعه وتسعين قرش.
يكتب سالم : معكرونة عدد ثلاث بدينار وتسعه وأربعين قرش.
ينظر الولد إلى ورقة أبيه ويتوقف عن القراءة، ثم يقول :
– يابا شو اللي براسك؟
– لمّا نكمّل بحكيلك.
– بس يابا لو…
– يزم مش رايقلك، اطلع من راسي هسّه.
(زي ما بدّك) يقول الولد ويواصل القراءة ( زيت ذرة ماركة السلامة 1،8 لتر بدينارين وخمسه وعشرين قرش، رز عادي ماركة اشعطيهم 10 كيلو بثلاث دنانير وتسعه وتسعين قرش، رز هندي بسمتي ماركة يا مرحبا 5 كيلو بأربع دنانير وتسعه وأربعين قرش، قمر الدين ماركة العسل بتسعه وتسعين قرش،…….).
كان الولد يقرأ وسالم يكتب ويخصم من ثمن كل مادة مبلغ يتراوح ما بين الربع والنصف دينار، وبعد أن انتهوا قال سالم :
– يابا بتعرف مطبعة ابو عصام اللي بآخر الشارع، صح؟
– آه يابا بعرفها.
– بتروح لعنده بتعطيه هاي الورقة والصور اللي ع الكاميرا وبتقوله بسلّم عليك ابوي وبده تطبع الصور وتحط الأسعار تحت كل صورة وبتحكيله يكتب براس الصفحة (سوبر ماركت التقوى يهنّئكم بحلول شهر رمضان المبارك ويعلن لكم عن تحطيم الأسعار بعروض حقيقية غير مسبوقة) وبتحكيله يعمل ألف وخمسمية نسخة.
– يابا هيك بنخسر وبننكسر وبنخرب بيتنا.
– ليش انشالله يا دلّوع الماما!!
– شو اللي ليش؟ يابا هاي الأسعار أقل من أسعار التكلفة بكثير.
– بعرف.
– بتعرف؟ يقول الابن مستهجناً، ويواصل : يابا من عقلك بتحكي؟
– آه من عقلي ونص، وَلَك انت لو مربّى ما بتحكي مع ابوك هيك، ولو بتفهم بالتجارة كان لَقَطِتْها ع الطاير.
– أنا آسف يابا مش قصدي، بس رح أموت وافهم.
– لا تموت ولا على بالك، شو أرخص مادة وأكثر مادة مطلوبة عند الناس؟
– معروفة… الرز.
– واللي بيجي ع السوبر ماركت بشتري رز لحاله ولّا معه مواد ثانية؟
– أكيد بشتري أكثر من مادة.
– يا عيني عليك، وشو أكثر شي ممكن يُجر الناس للسوبر ماركت حتى يشتروا؟
– أكيد العروض والتنزيلات.
– اسم الله عليييييييييك.
– وحيات طمطم ما فهمت.
– لأنه مخك رويم، وَلَك العرض بس على الرز وباقي المواد بنزيد سعرهم بالعقل، ومش ضروري تعطي المشتري فاتورة، فهمت ولّا أعيد؟
– لا يابا فهمت، بس ممكن سؤال أخير (يقول الولد وهو يبتسم).
– اسأل ياااا…. فلتة زمانك.
تتحول ابتسامة الولد إلى ضحكة ويقول :
– يابا عنجد هو ابليس شو بقربلك؟ ثم يقوم هارباً بينما يلحقه سالم بالشبشب دون أن يصيبه (قاصداً).
يعود سالم للجلوس ثم يبتسم ويقول في نفسه (ابليس شو بقربلي؟ ابليس بتعلّم مني يابا).
وبعدين مع سالم