إرضاء الشعوب غاية تدرك / راتب عبابنه

إرضاء الشعوب غاية تدرك
راتب عبابنه

في كثير من الدول كانت القوانين القاسية سببا في خلق جو من عدم الراحة ومرشح دائما لتحريك الشعوب والتعبير عن سخطها وغضبها من الحالة التي تعيشها ويمكن وصفها بالأمنية.

وهناك تسميات تعبر عن هذه الحالة مثل الدولة الأمنية والقبضة الأمنية، إذ الهاجس الأمني هو المسيطر على الذهنية الإدارية والتركيز يصبح على كيفية الردع وليس على الأسباب التي قادت لحالة تستوجب الردع.

عند هذا الحد يكون مولد الخصومة فالإدارة تأخذ بوجوب التصدي والمواطن يتم استفزازه وإثارته فيرى القائمين على إدارة الدولة ومن ضمنها المواطن خصما له يجب عدم الإنصياع له، بل التصعيد يصبح سيد الموقف.

لقد كان للدول التي مرت بمثل هذا الحال أن تتفادى الخصومة، بل تجهضها عند ظهور بوادر تشكلها وذلك بالإستماع والحوار وتنفيذ احتياجات الشعب، إذ الحكومات جاءت لتخدم الشعب وليس لتفصل قوانين جائرة ومقيدة وتفرض عليه ما لا يحتمل.

فكلما أثقلت الحكومات كاهل المواطن، كلما اتسعت الفجوة وصعب الإلتقاء وانعدم القبول وانعدمت الثقة. نستذكر مقولة زين العابدين (تونس) عندما قال “الآن فهمتكم”. قالها متأخرة محاولا شراء الوقت لإطالة حكمه، لكن الشعب كان قد استنفذ كل الوسائل في سبيل التصحيح والتذكير بضرورة الإصلاح.

وما حصل بتونس ينطبق من حيث المبدأ على كثير من الدول التي تعاني من حالة فقدان الثقة بين الشعب والإدارة. والخلاص من حالة كهذه هو ان لا توجد هذه الحالة وأن يتم العمل على ضمان عدم وجودها وذلك من خلال مراجعة القوانين الضاغطة وتعديلها حتى يشعر المواطن أن ما وهبه الله من عقل إنما هو للإستخدام وليس للتعطيل. أي أن إنسانيته مصانة وفكره حر ورأيه لا يقوده للمكوث خلف القضبان.

هي بالمجمل عملية مصالحة وتصالح تقوم على احترام العقل وحق التعبير عما يراه صاحب العقل بحاجة للتعبير عنه. بالمقابل، التفنن والإبداع بوسائل الضغط والتعسف باسم قوانين جائرة، لن يقود إلا للإحتقان والغبن والشعور بالظلم وهي ثلاث عوامل كفيلة أن تقلب موازين التحكم والسيطرة مثلما حدث ببعض الدول وآخرها السودان والجزائر.

الشعوب تبحث عن العنب ولا تبحث عن الناطور لتقاتله. فإن حصلت على العنب فسيكفيها ذلك شرا كبيرا.

حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.