هات قطّبها / رائد عبدالرحمن حجازي

هات قطّبها

رائد عبدالرحمن حجازي

بداية أعتذر عن بعض الأخطاء الإملائية المقصودة في النص

من منا لا يعاني من مشكلة شُح المياه وخصوصاً في فصل الصيف ؟ فهذه مشكلة مستعصية وربما أنها أزلية . لا أدري هل هي مُبرمج لها أم أنها كما قال الشاعر رُبَ رمية من غير رام . فالأمر مثير للدهشة وخصوصاً بأنها لا تختفي حتى لو كان الموسم المطري وفيراً , وأظنكم توافقونني الرأي .

فقصة دور الماء أصبحت من ضروريات الحياة , وهنا لا أقصد القصة كقصة وإنما كمعاناة مزمنة لكل بيت وخصوصاً من يعيش في الشقق كون خزانات الماء تكون على ارتفاعات عالية ولا يمكن إيصال الماء لها إلا بمضخات (ماتورات) كهربائية . وأصبح دور الماء له طقوس خاصة في كل بيت , فالأب وظيفته الإشراف العام على تنظيم عمل باقي أفراد الأسرة , كما أنه يُبقي خطاً ساخناً بينه وبين أهل بيته في حال تواجده خارج المنزل .

قبل مدة كُنا سهرانين مجموعة أصدقاء وأردنها ليلة سمر لنرفّه عن أنفسنا , لكن على قولة المثل: (يا فرحة ما تمت) . فأحد أفراد المجموعة كان بينه وبين أهل بيته خطاً ساخناً في تلك الليلة . وكان كل بضعة دقائق إما يتصل هو أو تأتيه مكالمة . وأظنكم تعرفون فحوى هذه المكالمات في مثل هذه الحالة . واليكم بعض المقتطفات مما سمعنا .
– الأب : أه يابا إطلع عظهر الحيط وشوف المي نازلة بالخزان
– الولد : مثل العادة يابا ولا نقطة مي
– الأب : لعاد اشبك ماتور المي من عند الساعة ودلّي البربيش على الخزان الأرظي
بعد فترة
– الأب : نزلت المي ؟
– الزوجة : الولد برا بلشان بالماتور والمي نازلة مثل شخة الولد الزغير
بعد فترة
– الولد : يابا نزلت المي بالخزان لكنها ظعيفة وبتّفتف , أخلّي الماتور شغّال ولا أطفيه
– الأب : لا ولك شلون تطفيه ! خلّيه شغّال هسع الجيران بشفطوا الميات من الخط
بعد فترة
– الزوجة : ولك يا امشحر أنت داير تسهر وتاركنا لحالنا بلشانين بهالمعميتشية , تعال جاي الماتور شكله انحرق وريحته تشتّحت .
– الأب : غصبن عنه بده ينحرق , مش اني حتشيتلكوا كل شوي أفقدوا المي من خوف لا ينحرق الماتور , يالله هاظا اني جاي .

فعلاً كانت سهرة مائية بامتياز لدرجة أن بعض الأصدقاء قاموا بالإتصال ليطمئنوا على ماتوراتهم من باب الاحتياط ( أقصد ماتورات المي). وفُضّت تلك السهرة واطلقت عليها تعليلة المي .

في اليوم التالي ومن باب درهم وقاية خير من قنطار علاج توجهت للسوق لأشتري ماتور مي صقلاوي فنصحني البائع بأحد الأنواع والذي قوته نصف حصان , ولا أدري أي نصف للحصان قد باعني , هلى هو النصف العلوي أم النصف السُفلي ؟ والمؤسف بالأمر أن ما حدث مع صديقي قد تكرر معي فيما بعد . وبعد تفكير طويل أدركت بأن المشكلة ليست بالماتور وإنما بطريقة تزويدنا بالماء من المصدر فعمليات الضخ ليست كما يجب مع شبكة مياه مهترئة وعدم عدالة في التوزيع .

لكن إذا بدكوا الصحيح أنا فيما بعد أدركت أين تكمن المشكلة , وأرجو أن يكون ذلك سراً بيني وبينكم . فالمشكلة كان سببها أن ماتور المي تبعي صُنع في الصين وساعة المي تبعتهم صُنعت في المانيا … وهات قطّبها تا يفهموا اثنيناتهم على بعض !