تلبيق ألوان في الزمن الهبيان / يوسف غيشان

تلبيق ألوان في الزمن الهبيان

يوسف غيشان

رغم أني لست بخيلا حسب المقاييس الأردنية، وما أملك من نقود شهرية تتطاير كالعهن المنفوش على اي شيء، قبيل نهاية العشر الأوائل من الشهر – انا كائن استهلاكي-الا انني اتردد كثيرا جدا قبل شراء بنطلون او بلوزة او كندرة، حتى لو كانت من البالة، وأتحول الى بخيل مخضرم يحرص على القرش أكثر من حرصه على حياته.
هذه البربشة حولتني الى كائن متلق للمعونات من الأقارب والأصدقاء، الذين يرسلون لي برابيشهم التي زهقوا منها-مجانا طبعا -فأنا حاليا اكتب وأنا ارتدي قميص رجل ما وجرزاية صديق ما وبنطلون فلان، بالطبع فان الأمر لم يصل بعد الى الملابس الداخلية.
متفق عليه بين الأصدقاء بأنني ارتدي الوانا متناقضة ولا تصلح للتلبيق فيما بينها، لأن موضوع التلبيق هذا يتطلب منى إجراء تنسيقات عالية المستوى بين المانحين، وهذا مستحيل، اضافة الى انني لا امتلك، بالمطلق، ذائقة لونية جديرة بالاحترام. هذا يتخلى عن جرزايته الكحلية لأن بها ثقبا عند الكوع اليسار، وذاك يتخلى عن قميصه الأصفر لصالحي، لأنه أخضع نفسه لريجيم قاس وصار القميص يشبه الروب دي شامبر حين يلبسه…، وهكذا مع الجميع.
كذلك مشاريعنا التي تعتمد على المنح فهي بربوشة في بربوشة ، ففي الوقت الذي نحتاج فيه الى استخدام القرش على الوجهين ، يتم طرح عطاء توسيع طريق مثلا ليتحول الطريق الى مدرج طويل جدا، بينما طرق عمان وباقي المملكة حبلى بالحفر والمطبات ، وبعضها تخلى عن اخر نقطة زفته قبل سنوات، حكومة أخرى تدفع الملايين لبناء عاصمة جديدة (نيني نيني ..كع كع)، حكومة تالية تلقي الفكرة ودراساتها في مكب النفايات، وربما ترجع حكومة تالية لتعيد اجراء دراسات جديدة سيكون مصيرها مستقبلا مصير ما سبقها من دراسات…..و نغير نوع الرخام في مجلس الأمة ، ونركب لقاعته الرئيسية سواتر زجاحية بتكلفة عالية ، ثم نزيلها بتكلفة أعلى.
اعتقد …وصلت الفكرة، دون أن أكلف نفسي عناء شواهد أخرى…. وأتمنى ان لا تصل البربشة الى الأواعي الداخلية!!
وتلولحي يا دالية