سياسة ”  فرق تسد ” وفساد ممنهج  في عدد من المؤسسات الخدماتية .. بقلم محمد محسن عبيدات 

سياسة ”  فرق تسد ” وفساد ممنهج  في عدد من المؤسسات الخدماتية .. بقلم محمد محسن عبيدات 

يواجه العمل العام في العديد من المؤسسات الخدماتية , واهمها البلديات جملة من التحديات والصعوبات التي  تعرقل مسيرة التنمية الخدماتية للمجتمعات المحلية في الاردن , في ظل هيمنة عدد من رؤساء البلديات على رسم السياسات واتخاذ القرارات , وتوزيع المخصصات والمشاريع في البلديات بدون عدالة .

ولقد جاء  الاجتماع الاخير لعدد من رؤساء  المجالس المحلية  على مستوى  المملكة في لواء بني كنانة , للكشف عن بعض السياسات التي تمارسها عدد من البلديات من مختلف مناطق المملكة , حيث تتبع هذه البلديات ” سياسة فرق تسد ” نتج عنها تمزيق المجلس البلدي وتقسيمه الى مجموعتين  مؤيدة وغير مؤيدة لقرارات الرئيس , وحققت هذه السياسة النجاح  الكبير بالنسبة للرؤساء  واعتمدوا على عدة امور ومن اهمها  التنفيعات  الشخصية والمناطقية بالإضافة الى السيطرة على الاعضاء الذين لا يمتلكون الثقافة و الخبرة  في العمل البلدي .

فالمجموعة الاولى  المؤيدة للرئيس جاءت تحت مسمى ( ابشر معك على الموت )  والمجموعة الاخرى غير المؤيدة  جاءت تحت مسمى ( فشر لوديه على الموت ) .

وهذه المؤسسات يغلب عليها طابع الشللية حيث يرتبط الرئيس ومجموعة من الاعضاء بحلقة متينة  يصل عددهم للنصاب القانوني في اتخاذ القرارات مقابل عزل  بقية الاعضاء الذين لا يؤيدون قرارات الرئيس التي لا تخدم المصلحة العامة وتحقق العدالة وبالتالي يصبح هؤلاء  الاعضاء من غير المرغوب بهم بالمجلس وعزلهم والتضييق عليهم وعدم التجاوب معهم في مطالبهم الا القليل مقارنة مع مجموعة الزند من المساندين للرئيس  الذين يتم تحقيق مطالبهم  بكل سهولة ويسر .

الرئيس المنتخب  , وبعد النجاح  الكبير في الهيمنة  على قرارات المجلس , تصبح كل  الامور  التي كانت تدور في مخيلته  سهلة التحقيق والمنال ,  وبالتالي  يمارس الرئيس كافة الصلاحيات  المخولة اليه بموجب القانون  لخدمة اهدافه الظاهرية الموثقة  في مكتوب ورقي , او من خلال شاشة عرض ( داتا شو )  تعرض على الزوار وحسب مستوياتهم الوظيفية والاجتماعية والاعلامية , اما الاهداف المخفية الباطنية  التي يسعى جاهدا وبكل الوسائل المتاحة  من خلالها  الى خدمة قاعدته  الانتخابية  الرئيسية  والمؤازرة والجديدة بهدف السعي الجاد والممنهج  للمشاركة في الانتخابات القادمة التي يأمل الفوز بها بمنصب الرئيس او لمنصب اعلى كمجلس النواب مثلا  .

ولا يتوقف الامر عند خدمة اهدافهم المخفية بنظرهم والتي هي بالأساس مكشوفة للجميع , وانما يعملوا كذلك على التفنن في استغلال السلطة من خلال تنفيعاتهم الشخصية لانفسهم , ومن اهمها  استغلال المركبات المخصصة لنقلهم خلال ساعات الدوام الرسمي  بالشكل الذي يتم تسليمها  بعد انتهاء الفترة الزمنية المخصصة لعمر المجلس  بحالة فنية سيئة وتم استهلاكها بشكل كبير وتكون عبارة عن هيكل خارجي  فقط , ويكون الاستغلال للمركبات  خلال وخارج  ساعات الدوام  الرسمي وعلى مدار الساعة حيث يشارك الرؤساء في كافة المناسبات الاجتماعية والدينية والوطنية والسياسية واينما عقدت بكافة ارجاء المعمورة وعلى كافة المستويات .

اما هواتف رؤساء البلديات  الذي تم الاعلان عنه في حملاتهم الانتخابية  من خلال بياناتهم الورقية والإلكترونية  المفعمة  بالتطلعات والرؤية التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن , يكون خلال ساعات الدوام الرسمي مثبت على رد الي ( لا يمكن الاتصال بهذه الجهة حاول مرة اخرى ) , اما بعد انتهاء الدوام الرسمي  يكون الرد ( الهاتف المحمول مغلق حاليا ), اما الهاتف الاخر فهو مخصص للمسؤولين والمقربين جدا وجماعة ابشر , من الرنة الاولى مثل ” الطلق الناري ” يقومون بالرد على هواتفهم  مبتدئين بعبارات ( نعم يا معلم , يا كبير , يا غالي , تفضل سيدي بالخدمة  , تفضل عطوفتك  بتامر  .. الخ ) , اما عندما يعجز المواطن للوصول الى الرؤساء  من خلال الهاتف الانتخابي , يضطرون  للذهاب والبحث عن منازلهم  , وينتظرون ساعات طويلة  التي يكون فيها الرؤساء في قمة السعادة اثناء تأديتهم لاحد المناسبات التي قد تستمر فقراتها الفنية والاستعراضية   بالإضافة الى بوفيهات الطعام الفاخرة  لساعات متأخرة في المساء او منتصف الليل .

اما عن دوام المجالس المحلية تعتمد على تصنيف اعضاء المجلس البلدي بالنسبة للرؤساء الذين يسود عملهم المزاجية  , فالأعضاء  المؤيدون للرؤساء  تكون علاقتهم جيدة  , حيث يتم التغاضي عن التدقيق على التزام الموظفين بساعات الدوام الرسمي  والمخالفات , وعند وجود النية  لزيارة هذه المجالس في فترات ما قبل انتهاء ساعات الدوام الرسمي يتم تسريب المعلومة  للموظفين بالالتزام  في ذلك اليوم مع احتمالية تقديم الشكر للموظفين  وعلى راسهم اعضاء المجالس البلدية, اما بالنسبة  للأعضاء غير المؤيدين للرؤساء يتم التضييق عليهم  ومراقبتهم  باستمرار من حيث الالتزام بساعات الدوام الرسمي او المخالفات , وعند وقوع اي خطأ يتم على الفور يتم استدعاء السائق والمدير التنفيذي, والمباشرة في عمل زيارة سرية  مفاجئة لا يعلم عنها سوى  الرئيس والسائق  المقرب جدا منه  بحكم اطلاعه على اسراره  الاجتماعية  وغيرها  , وعند سؤال المدير التنفيذي  له اين نحن ذاهبون عطوفتك يقول له وحسب الاقوال الدراجة والمعروفة : ( بدي اروح انتف ريشه ابو لسان طويل واربي فيه البقية  ) ويقصد هنا  عضو المجلس المحلي غير المؤيد له , حيث يتم مداهمة  المجلس المحلي  وتسجيل المخالفات  التي تعزز دور الرؤساء وتقوي شوكتهم  وتحقق اهدافهم  .

الاعضاء اصحاب الريش المنتوف حسب وصف الرؤساء , يصابون في حالة من الاحباط ويلجؤون الى اساليب  عديدة ومتنوعة  ويعملون بكل ما اوتوا من قوة وعزم  لا سقاط الرؤساء  من خلال المطالبات والاجتماعات السرية والمعلنة  والاحتجاجات وكشف المستور وبيان مواقع الخلل والتنفيعات  والتشهير وغيرها من الامور , التي قد تعيد ولو جزءا بسيط من الريش المنتوف اليهم .

ويتفاجأ  الاعضاء المغضوب عليهم بالفشل المرير لكل محاولاتهم  , بعد وصولهم الى قناعة حتمية بان الرؤساء استطاعوا  تحقيق نجاحات كبيرة سيطرت على قلوب وعقول  المسؤولين والشخصيات المؤثرة  في المجتمع المحلي  من خلال التعاون التام معهم وتحقيق رغباتهم  ومطالبهم .

وبالنهاية  يبقى  المواطن هو من يدفع  الثمن بسبب غياب العدالة في الخدمات  وتسود الواسطة والمحسوبية في مقدمة العمل البلدي والتنفيعات اساس البقاء والسيطرة .

شوارع متهالكة  تملؤها الحفر والهريان تحتاج الى صيانة  , وشوارع تحتاج الى فتح وتعبيد , مطبات وفتحات والتفافات غير هندسية  , مطبات منشرة بشكل عشوائي ,  انارة ضعيفة وشوارع بدون انارة , حاويات قديمة  وقليلة , مواقف  ومظلات للركاب معدومة , ممرات للمشاة معدومة , ارصفة للمشاة معدومة , حدائق ومنتزهات مهجورة بحاجة الى صيانة  , شواخص ارشادية قليلة , اعمدة كهرباء واتصالات في حرم الشوارع واسلاك متشابكة , اليات قديمة وشبه مشطوبة وتحديدا اليات نقل الموتى …..