مؤسسات تطوعية اسرية وشللية منهجها العين والسن واستغلال السلطة … بقلم محمد محسن عبيدات

خرج عدد من مؤسسات المجتمع المدني التطوعية , منها الخيرية والثقافية والزراعية وغيرها عن الاهداف التي أنشئت من اجلها في رؤيتها ورسالتها في خدمة المجتمعات المحلية , ضمن اختصاصها بموجب النظام الداخلي لكل مؤسسة , واختلط الحابل بالنابل واصبح هناك فوضى في تنفيذ الفعاليات والانشطة وتداخل في الاهداف والواجبات ما بين المؤسسات بسبب انعدام الثقافة العامة في العمل العام التطوعي والمؤسسي , حيث يسعى عدد كبير منهم الى الشهرة والتنفيعات للمقربين والاصدقاء وتحقيق المصالح الشخصية من خلال العديد من الاجراءات التي تنفذها هذه المؤسسات على حساب المصلحة العامة .
وتحتضن هذه الجمعيات هيئات ادارية وعامة اما ان تكون اسرية اوشللية من اجل التوسع الكبير في استغلال السلطة وحصر التنفيعات والمشاركات لهذه المؤسسات لهم وللمقربين منهم . وبعض الجمعيات يعتلي ادارتها اشخاص قمة في التخلف والانانية والغرور تموت في ارضها وتبقى اسما على الورق في الادراج .
وتنفذ هذه الجمعيات بالواقع انشطة وفعاليات هزيلة بدون هدف او مضمون وحضور خجول جدا من المقربين والمستفيدين في قاعات صغيرة او غرف مكتبية . ولكن على الورق وعند الترويج لهذه الفعاليات تجد وكانك على موعد مع فعالية ضخمة جدا وتاخذ الصفة الدولية وتحمل اهداف ومضامين وتستهدف فئات كثيرة من المجتمع وستحقق فوائد متنوعة تنعكس بشكل ايجابي على الوطن والمواطن .
وتعمل هذه المؤسسات على مبدأ ( العين بالعين والسن بالسن والبادي اشطر ) , وهذا الاسلوب جعل القائمين على هذه المؤسسات يحققون اهداف ومكاسب وتنفيعات كثيرة , بالإضافة الى ما يحققه هذه المبدأ من جوانب نفسية تنعكس بشكل ايجابي على الادارة من خلال الحضور والمشاركة والتعرف على علاقات جديدة والرفاهية وحتى التنقل يكون على حساب هذه المؤسسات بحجة ” انا بمثل المؤسسة الفلانية ” ويختتمونها بمطالبة مالية او يضاف المبلغ ضمن فواتير صرفيات بالأساس هي موجودة بكثرة ومختومة لدى امناء الصناديق .
وهذا المبدأ يعتمد على نظام الشللية وهو التفاف مجموعة من المؤسسات بغض النظر عن التخصص , يعملون ضمن خطة عمل ممنهجة ومدروسة لكل الفعاليات والانشطة المهمة والمدعومة ماديا التي تنفذها هذه المؤسسات من جهات خارجية ( منظمات او مؤسسات رسمية او غير رسمية , رجال اعمال) ومن اهم خطوات التنفيذ هي الخطوة الاولى وتتضمن : سير العمل بسرية تامة , الخطوة الثانية اختيار الاشخاص من المقربين ورؤساء المؤسسات والهيئات الادارية وتقتصر على امين السر وامين الصندوق , ودعوة مصور فوتوغرافي احترافي يمتلك كاميرا تجميلية ويتنقل بمرونة وخفة (مثل القرد ) في كل مكان ولا يكل ولا يمل من التصوير , والخطوة الثالثة تبدا من خلال الدعوات تكون شخصية من خلال الاتصال المباشر او عن طريق الوتس اب من خلال تصميم بطاقة دعوة بشكل جميل ضمن نفقات الفعالية وترسل على انها دعوة شخصية , والخطوة الرابعة والاهم تجهيز الدروع والشهادات التكريمية وحسب رؤية وسياسة المنظم في التنفيعات , والخطوة الخامسة والاهم لديهم كون اغلبيتهم من اصحاب البطون الكبيرة والانفس المريضة هي الضيافة وتكون في مكان بعيد عن مكان تنفيذ الفعالية حتى يتسنى لهم دعوة محبيهم واقاربهم واصدقائهم وزملائهم من نفس المبدأ السني والعيني , اما في احد المطاعم الراقية او في احد الدواوين او المضافات, وكما قلنا تكون الدعوات لهذه الخطوة تحديدا من خلال الاتصال المباشر او الهمس بالأذن عند حضور المرغوب به واعلامه عن مكان تناول الطعام وعدم ابلاغ اي شخص مقرب منه كون الدعوات شخصية فقط .
والملفت للنظر في كل فعالية من فعاليات المجموعة السنية والعينية تجد رؤسائها يتحدثون عن الكرم والاخلاق والشفافية والانجازات الورقية , ولا يستطيع ان يتحدث من السمنة وضيق النفس من كثر الاجتماعات والنشاطات والفعاليات التي يتبعها النظام الغذائي التراثي الدسم , اما اثناء حفل افتتاح او اطلاق اي فعالية او مبادرة لا تجد سوى كاس الماء وبكميات قليلة جدا فقط في الصف الامامي للحضور من المعزبين والضيوف في المقاعد الخلفية يستجدون كاس الماء وخصوصا الفعاليات التي تنظم في فصل الصيف .
واثناء تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وتحديدا الفيس بوك , تتفاجأ بعدد كبير من الصور الاحترافية للفعالية او النشاط , حيث تتضمن الصور تفاصيل الفعالية من الاستقبال وحتى الوداع , واغلب الحضور ومن خلال الصور القريبة تشعر وكأنهم في عالم اخر والبعض الاخر في حالة سبات , وتشعر ان مشاركتهم ليست لزيادة المخزون المعرفي لديهم بقدر ما هي فائدة شخصية قد تكون بهدف التكريم اوتناول وجبة الطعام , لدرجة ان منهم يتمنى ان تكون معدته كالجمل يخزن فيها الطعام فترة طويلة , ومنهم يبقى قريب من مائدة الطعام حتى يأخذ قليلا منه بنظام السفري بحجة ان الطعام كثير وهناك اسر محتاجة سيرسلونها لهم وهي بالأساس توزع بطريقتهم الخاصة وحسب نظام التنفيعات الطعامية .
ويتكرر المشهد في مكان جديد بنفس الروتين لا هدف ولا مضمون , ولكن في فعالية جديدة لمؤسسة اخرى , حيث تجد الاشخاص انفسهم بنسبة عالية جدا , والبقية وجوه جديدة بدعوة من رؤساء هذه المؤسسات , وتشعر من جديد ان( الدعوات شخصية والتكريم شخصي ودعوة الطعام شخصية ) , وحسب نظام الدور اليوم علي وبكره عليك .. الخ .
وبالأساس ان العمل التطوعي هو لكسب الاجر والثواب في الدنيا والاخرة والمساعدة على ايجاد حلول لدفع عجلة التنمية الشاملة في المجتمع الاردني وخاصة في اوقات الازمات , ويهدف كذلك الى التالف والتحابب بين الناس و زيادة التعاون فيما بين كافة المؤسسات للارتقاء بالعمل العام وتحقيق الهدف المرجو من مؤسسات المجتمع المدني التطوعية .