تقاريركم تدينكم / سهير جرادات

تقاريركم تدينكم / سهير جرادات

أدانت توصيات التقارير الصادرة عن اللجنة ” المحايدة ” المشكلة من قبل الديوان

الملكي ،واللجنة ” الوزارية “، اللتين شكلتا للوقوف على حيثيات ” فاجعة البحر الميت “،

أدانتا الحكومة في الحادثة، إذ تبين تقصير الجهات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة . وكشفت التقارير بصورة صارخة عن قصور في التشريعات من الناحية التنظيمية والهيكلية لوزارة التربية والتعليم ، وعدم ملاءمتها للواقع ، وعدم تطويرها منذ عشر سنوات على الاقل ،إلى جانب غياب المؤسسية في الأداء، وعدم معرفة الموظفين بالإجراءات وخطط العمل و القرارات السابقة.

القصور في التشريعات،كما اتضح يشمل التشريعات الناظمة لوزارة السياحة والآثار، التي تحكم سياحة المغامرة ، وتَكشف ذلك من خلال ممارسة إحدى الشركتين المنظمتين

للرحلة المدرسية لسياحة المغامرة دون ترخيص ، مما يدل على غياب الرقابة على المواقع

الخطرة،وعدم وجود رقابة رادعة للمخالفات السياحية ، وعدم متابعة التعاميم الصادرة عن الوزارة ، وأهمها إن ” السياحة في موقع زرقاء – ماعين ممنوعة!” ، هذا إلى جانب عدم المتابعة من قبل المسؤولين للاجراءات والتعاميم السابقة، التي تتعلق بموقع الحادث، وهناك مخاطبة سابقة من وزير الداخلية منذ عام 2013 لوزير السياحة والآثار ، يطلب فيها عدم اصطحاب المجموعات السياحية إلى موقع زرقاء – ماعين.

المضحك المبكي في هذه التقارير أنها كشفت عن تداخل الاختصاصات والصلاحيات الادارية والأمنية في المحافظات ، إذ يتبع موقع حادثة البحر الميت اداريا لمحافظة مأدبا، بينما يتبع أمنيا إلى محافظة البلقاء، فضاع حق المنطقة بين اختصاص منطقتين لضعف التنسيق بين الجهات المعنية .

وكما الشعب لا يثق بالحكومة ، فإنه لم يعد يثق بالنشرة الجوية -التي تحتاج إلى تطوير- ولا يأخذهامحمل الجد ، وهذا يعود لضعف المخصصات المالية التي من شأنها تحديث

الأجهزة الفنية لتضاهي ما لدى الدول المتقدمة ، وتحفيز موظفي الأرصاد، وتعيين كوادر مؤهلة، هذا إلى جانب النقص بكوادر جهاز الدفاع المدني والمعدات ، وعدم وجود وحدات

إنارة برجية(حيث حضر إلى موقع الحادث غطاسان وضابط وسائق فقط !) ، وهذا دليل على أن الحكومة لا تحسن الانفاق من حيث الاولويات ، إذ تجد أن شراء سيارات فارهة أولوية عن أجهزة الرصد الجوي وشراء زوارق .

المخجل في نتائج التقارير أن المركز الوطني للطب الشرعي الذي يعاني ضعفا بالكوادر والإمكانات ، ويفتقر الى آليات التعامل مع الضحايا وذويهم ، يسلم الجثث دون إجراء الحمض النووي لها لتحديد اسماء اصحابها.

والمفاجأة الصادمة التي كشفت عنها التقارير هي خدعة اسمها ” المركز الوطني للأمن

وإدارة الأزمات ” ، الذي أكدت هذه التقارير عدم فاعليته، وتفعيل دوره !!!!.. وهذا

دليل على أنه ليس له من اسمه نصيب ، حيث يحتاج إلى من يدير ازماته!

والآن، أنت يا حكومة المسؤولة عن القصور في التشريعات ، وعدم تطويرها ، وضعف إجراءات الرقابة؛ فقد تداخلت الاختصاصات وغابت الخطط ، ووصل الموظف العام إلى مرحلة

الترهل ، فأصابه الجهل في الاجراءات الحكومية وقراراتها ، وغاب مبدأ ” الحساب

والعقاب” من أجندتك، مما سهل للموظفين الاستخفاف بالتعاميم والخطابات الرسمية .

وانت ايها الحكومة ان اهتمامك بالانفاق على الكماليات و ” الزوزقات” ليتمتع المسؤولين بالسيارات الفارهة والسفرات، والانفاق على عقود ” التنفيعة ” ، و” الجخ” بالمكاتب والأثاث ، كل ذلك كان على حساب رفد مؤسساتنا بالأجهزة اللازمة للرصد الجوي لتنقذنا من الويلات ، أو الانفاق على تطوير مركز الطب الشرعي وتأهيل كوادره ، أو شراء آليات انقاذ للدفاع المدني.

وبعد أن “أدانت الحكومة نفسها “، كون أحد هذين التقريرين صادر عن لجنة وزارية ، بات من الضروري أن نشهد اجراءات حقيقية على أرض الواقع ، بانزال أشد العقوبات بالمقصرين وأن نرى رؤوسا كبيرة في السجن ، ونشهد اقالات واستقالات ، ومحاسبات جادة للمقصرين .

إن أقل ما نقدم اكراما لأرواح الشهداء ، ورحمة بذويهم، إقالة الحكومة لتقصيرها في إدارة مؤسساتها مما أدى الى فاجعة راح ضحيتها 23 شهيدا ..

Jaradat63@yahoo.com