حكاية الأشقاء الأربعة الذين هبوا لنجدة الغرقى .. فكان منهم شهيدين

كنانه نيوز – أيقنتُ لحظتها أن ساعة النهاية قد حلّت فسلّمتُ بأنني غريق لا محالة”، هكذا بدأ “عمر العلي” أحد الأشقاء الأربعة الذين هبّوا لمساعدة منكوبي فاجعة البحر الميت الخميس الماضي، غير آبهين بالتبعات الخطيرة لمروءة الانسان.

فـالموت الذي كان يلقي بظلال ثقيلة فوق المكان المنكوب لم يلتفت له العلي الذي كان بتضحيته وهو واشقاؤه ينقذون بشراً يصارعون موتاً محتماً، لكن سيل المياه الجارف اصرّ على اخذ اثنين من هؤلاء الاخوة في مجراه ليضافوا الى سجل ضحايا الخميس الحزين.

ولم يدُر في خَلد “عمر العلي” الذي يرقد وشقيقه “وائل” على أسرّة الشفاء في قسم العناية الحثيثة بمستشفى البشير، أن ثمن هذه “الهبّة” سيكون حياة شقيقيه الآخرين اللّذين لقيا حتفهما أثناء انقاذ من كانوا يصارعون حتفهم في سيل زرقاء ماعين، بيد أن شدة اندفاع المياه أحالت المشهد الى ما يشبه صراعا مع موت هادر.

“العلي” الذي كانت كلماته مشحونة بالأسى والحزن والألم الذي يقض مضجعه، تفاصيل الحادث الأليم الذي أودى بحياة 21 طالباً ومواطناً، حيث كان وأفراد أسرته قد توجهوا من عمان لمنطقة البحر الميت في رحلة عائلية، وأثناء تناولهم لطعام الغداء هناك، تفاجأوا بسيل هادر من الماء في الوادي الذي يقع أسفل منهم، ويصحب معه نحو 4 إلى 5 فتيات، ليهرعوا بالنزول إلى السيل وإخراج الفتيات منه، وبعد أن أتمّوا ذلك بدأ السيل يشتد بوتيرة متسارعة جداً وبوقت قياسي، ليحمل في هذه المرة أعداداً أكبر من الطلبة والأطفال، فما كان منا إلا أن نهب لمساعدة ما يمكن مساعدته منهم وإنقاذ حياته، خاصة وأن الأوضاع أخذت تسوء بشكل خارج عن السيطرة بوجه عام.

وأضاف “كلما أنقذنا أحدهم نعود لإنقاذ آخر، إلى أن فقدنا القدرة على أنفسنا وجرفنا السيل معه، وحاولنا نجدة انفسنا بمختلف السبل المتاحة لكن دون جدوى، وفقدنا بعدها حتى رؤية بعضنا البعض، الأمر الذي أضعف من فرص نجاتنا جميعاً، وبعد أن أيقنتُ أن النهاية قادمة لا محالة ولفظت الشهادة عدة مرات على نفسي لأستقبل الموت المحتّم، خاطر ابني “قصي” بحياته وأنقذني من المياه بصعوبة، لأجد نفسي بعدها في مستشفى الشونة الجنوبية”.

وبحسب التقرير الطبي الخاص بـ “عمر” فإن حالته العامة متوسطة، ويعاني من نزيف بالرئة ورضوض وجروح وكسور بمختلف أنحاء الجسم، في حين يعاني شقيقه “وائل” من جروح وكسور ورضوض بمختلف أنحاء الجسم أيضاً، كما لم يتسنى التحدث معه نتيجة لوضعه الصحي الذي يمنع ذلك.

وامتنعت “بترا” عن نشر الصور الخاصة بالمصابيّن لخصوصية حالتهم الصحية من جهة، ولأسباب أخلاقية ومهنية من جهة أخرى.

(بترا- مازن النعيمي)