قانون الضريبة وبؤس السياسة في الأردن .. بقلم الدكتور عبدالحكيم الحسبان

 
كنانة نيوز – في دفاعه اليائس والمتهافت عن ما يسمى ب”قانون” الضريبة الجديد يخاطب معالي السيد مبارك ابو يامين وزير الدولة للشؤون القانونية في حكومة الدكتور عمر الرزاز الاردنيين قائلا “أن لا أحد وقف إلى جانب الاردن ليمد يد المساعدة فبات الاردن مضطرا لقبول وصفات صندوق النقد الدولي. أنتهى الاقتباس.
هناك مثل فرنسي يقول مضمونه “أن ليست هناك أجوبة غبية ولكن هناك اسئلة غبية”. وعليه فان السيد ابو يامين قدم جوابه الذكي وغير الغبي حول اصل الازمة وحول منطقية الحلول، وسأجدني والحالة هذه محاولا طرح أسئلة غير غبية على معالي السيد الوزير مع القبول بالنصف الاول من عبارة السيد الوزير وهي أن ألاردن يترك وحيدا ليواجه مصيره وليواجه لحظات حاسمة هي الأخطر على الاطلاق في كل تاريخه إن كان على صعيد وجوده كدولة أو على صعيد بقاء نظامه السياسي الحالي.
أذا كان الجميع في الاقليم وخارج الاقليم قد تخلوا عن الاردن فهل تخلى الاردن لحظة عن الوقوف الى جانب هؤلاء الجيران والغربان؟ وفي حين يقف الاردن وحيدا ألان في أصعب لحظاته وقد تخلى عنه الجميع فهل توقف الاردن عن أداء يد العون لهذا القريب والبعيد وهو يواجه اصعب محنة اقتصادية واجتماعية في تاريخه؟
لماذا يجب على الاردن أن يرسل أبنائه ألى افريقيا مرتدين قبعات زرقاء حيث هناك حزام للبن وحزام للكاكاو يحتاجه اصقاؤنا الامريكيون الذي نقف الى جانبهم ولكنهم لا يقفون الى جانبنا؟ ولماذا نرسل أبنائنا مرتدين نفس القبعات لندافع عن حزام المطاط في اندونيسيا وفي تيمور الشرقية الذي تحتاجه عجلات سيارات حليفنا الامريكي والالماني والبريطاني في حين لا يرد لنا هؤلاء التحية بمثلها بل بأسوأ منها بملبون مرة.
لماذا يجب على الاردن أن يحمي حزام النفط بمليارات الدولارات من ضرائب أبنائه لنحمي حدود حزام النفط في الخليج لنضمن نفطا رخيصا للامريكي والالماني في حين يكتوي كل الاردنيين باسعار النفط صيفا وشتاء؟ ولماذا على الاردن ان يقف الى جانب أل سعود فيضمن حدودا طولها مئات الكيلومترات من التطرف والارهاب وليحمي شباب الخليح من اطنان المخدرات التي تحاول اختراق الحدود لتفتك بشباب الخليج فيقوم شباب الاردن في الجيش العربي الاردني والاجهزة الامنية بضبط الحدود في حين يتكفل دافع الضرائب الاردني بدفع رواتبهم ودون أن يتلقى مقابلا من هؤلاء الاشقاء الجيران؟
لماذا يتوجب على الاردن أن يرسل قبل أيام وفدا رسميا ليقف الى جانب الامريكيون والسعوديون والكويتيون والقطريون الذي يملكون معظم المال الموجود في خزائن العالم وليتضامن الاردن مع هذه الدول في الصراعات الاقليمية في الوقت الذي يدفع فيه أمراء الخليج مئات المليارات سنويا للامريكي والبريطاني في حين لا يدفع الخليج الا الفتات للاردن تضيع معظمها في جيوب الفاسدين داخل السلطة؟
لماذا كان على الاردن أن يقف الى جانب الامريكيون والسعوديون والقطريون والبريطانيون الذين طلبوا منه فتح حدوده على مصراعيها عندما عاثوا فسادا وقتلا وتدميرا في العراق وسوريا ليستقبل ملايين اللاجئين في حين يرفض هؤلاء سداد اي فواتير مالية تترتب على فتح الحدود لهذه الملايين من البشر الجائعين في حين يرفض الخليج والغرب نفسه فتح حدوده لمن يتباكى عليهم في اعلامه وصحفه؟
لماذا ينبغي على الاردن ان يؤمن حدودا هادئه لحزام التلمود وكي تعيش قطعان من يهود مزيفين تم استجلابهم من كل بقاع الارض وان يدفع من ميزانية تعليم ابنائه وطبابة مرضاه وسلامة أبنائه الذي يقودون مركباتهم على طرق غير أمنة كي يمول نفقات ضبط الحدود مع جار غاصب ابتلع فلسطين ودمر بلاد العرب وبات الان على وشك ان يبتلع الاردن نفسه؟
معالي الوزير السياسة وفنها لا يكمنان في التوجه للاردنيين ومخاطبتهم-فانت تذهب للعنوان الخطأ- من أجل تسويغ وتبرير وشرعنة سم زعاف هو وصفة لانتحار وطن ونظام لو شربه الاردنيون فانني أجزم أن معاليكم وحكومتكم ستكونون اولى ضحايا هذا السم الزعاف. ف”قانون” الضريبة المسمى ظاهرا توصية لصندوق النقد الدولي هووصفة صهيونية بامتياز لتصفية الدولة الاردنية ولانهاء حقبة ما بعد سايكس بيكو وتدشين حقبة جديدة.
ليست السياسة سيدي الوزير أن تنفق كل قرش في جيب مواطنيك لتحمي مصالح الغريب والقريب في حين يرفض هذا الغريب والقريب أن يدفع لك مقابل الخدمات التي تقدمها له. السياسة- سيدي الوزير- وكما ينبغي ان تمارسها باعتبارك تشغل موقعا سياسيا هو أن تتوجه للامريكي والسعودي والبريطاني والفرنسي وهم أغنياء العالم الحقيقيون لتجبرهم على دفع الاثمان التي يتوجب أن يدفعوها مقابل كل نقطة عرق ونقطة دم يدفعها شبابنا واخوتنا وهم يقفون ألى جانب دهاقنة العالم حماية لمصالحم دون أن يكونوا مضطرين لدفع أي ثمن لقاء وقوفنا جنبهم.
بات الاردن حالة فريدة على صعيد السياسة والاقتصاد في العالم أجمع. فهو البلد الذي يجلس على يساره ويمينه كل اغنياء العالم، وهو البلد الذي يشارك حلف الناتو في سياساته، وهو البلد الذي يخدم أبنائه مرتدين القبعات الزرقاء في اقاصي الأرض في بلاد لا مصالح للاردن والاردنيين فيها، وهو البلد الذي لا يجلس الا مع أغنياء العالم، وهو البلد الذي لا يتحالف الا مع أغنياء العالم، أما المفارقه فهي أن الاردني الصديق والحليف والمخلص الوفي لمصالح هؤلاء الاغنياء بات يعيش فقرا وضنكا لا مثيل له.
د.عبدالحكيم الحسبان