وطن بلا نيكوتين / د . عبد الفتاح طوقان

وطن بلا نيكوتين

د . عبد الفتاح طوقان

هناك حجة وطنية بروح هؤلاء الأردنيين الشجعان في جميع أنحاء البلاد الذين يقفون وحدهم أمام دبابات المهربين والفُساد والفاسدين وشركائهم في محاولة لإدراك وتحدي سلطات الحكومات الاحتكارية التابعة للملك وخياراته.

الأردن يعيش في حركة حيوية إلى طوباوية في وقت اجتاح اليأس الأردني من الإصلاح إلى رغبة معرفة متى يعود الملك إلى البيت الأردني، ولماذا وصفها رئيس مجلس الوزراء الأسبق في حديث له “انها أخطر زيارة للملك لأمريكا”، فهل حقيقة سافر بناءا علي طلب الرئيس الامريكي.

ولماذا لا حس ولا خبر عن أسباب الزيارة ونتائج الاجتماعات وتاريخ العودة؟، ولماذا لم يقطع الملك رحلته، ان استطاع ولم يكن ملزما لأسباب لا يعملها الشعب بالبقاء خارج الوطن.

اين مستشاري الملك الناصحين له ليعود للوطن في هذا الظرف الدقيق الذي يواجه ١٤٠ اسما من المسؤولين، اصنام السلطة ، يقال ان بينهم ثمانية وزراء واربعة عشر نائبا (عاملين وسابقين) ومديرا للجمارك واخر للضريبة ورجال من الامن ورئيس مجلس نواب ورئيس وزراء، تتلقفهم تهمة وراء الأخرى، تهما تتراوح بين المشاركة في جرم تصنيع وتهريب مواد مخدرة و دخان، تهم تهريب المتهم خارج البلاد، تهم التستر علي الفاعل واهمال ملاحقة الشريك (الوزير الأسبق)، والتقصير في المتابعة من الحكومة السابقة علي التحصيل و القاء القبض عليه، حيث يطبق عليهم جميعا قواعد المسؤولية التقصيرية عن الضرر الناشئ مجتمعين،. وطبعا يشمل ذلك كل من كان ضمن فريقها بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي (المسؤولية مشتركة)، والمطالبة بمنع الجميع من السفر.

“لا يجوز تطبيق مبدأ زيد يرث ولا يرث”، الحكومة الحالية رئيسها وبعض أعضائها يرثون تقصير حكومة الملقي ويشاركونه جرم التقصير.

و اقصد لا يجوز لوزير كان في حكومة الملقي واشترك في الموافقة علي عدم إصدار القرار الخاص بتحصيل ١٥٥ مليون دينار، حسبما ذكر عمر ملحس وزير المالية في كتابه المرفوع الي رئيس الوزراء أن يشترك مع الحكومة الجديدة في محاسبة رئيس الحكومة السابقة د.هاني الملقي ، فجميعهم مشتركون في الجرم التقصيري.

لم يكن الهجوم الكبير على الفاسدين ونوابا ووزراء اشبعوا الوطن وطنية، وتصدر أسمائهم علي وسائل التواصل الاجتماعي وراء اقبال الكثير من شجعان الوطن علي كتابة الرسائل ولكن ساهم تقصير الاعلام الحكومي بعدم تناول موضوع ” مصنع الدخان ” و خلوه من بيانات كاملة عن الشركاء الأصليين في الشركة بغض النظر عن انسحابهم بعد فترة في كثير من الاشاعات ابسطها ان القضية مختلقة و تم تضخيمها لإلهاء الشعب عن قضية النائب غازي الهواملة الذي تعرض لكيفية إدارة الدولة الأردنية و تداخل الاختصاصات و التأييد الذي حظي به من جموع الشعب عبر مستويات متدرجة و مختلفة من المحافظات بالإضافة الي بيان صادر من المتقاعدين العسكريين اللذين يمثلون ثقلا من اندر الوطنيين المنتمين لتراب الأردن و عددهم يتجاوز مئتي الف توازي بحكرتها و تعبر عن الثمانية ملايين من الأردنيين الشرفاء.

ان كل يوم يمر تزداد الساحة الأردنية سخونة بشكل كبير، وينظر الي الموضوع من زوايا عدة ويجعل فلاتر السياسة سيئة وتعبئي النفوس الأردنية النظيفة والمتعطشة الي وطن نظيف خال من المخدرات والمسؤولين الفاسدين والنيكوتين بجفاف الود مع القصر، مما يدفع بتلك النفوس الشجاعة الصابرة مع السخونة الي فرم مزارع السلطة الكبيرة بلا هوادة ودون سقوف او حدود.

واقصد بعض المسؤولين الفاسدين اللذين يتحركون بسهولة ولا تمسهم يد القانون جعلت من الأردن منشارا لقص ظهر الشعب.

المفترض تمكين الشعب الأردني من وطنه ومن مقدراته وثرواته لا حماية مزارع السلطة وتفصيل قانون يحمي الفاسدين فيتحول الوطن الي ” هيشة” متناثرة تحت اقدام من يتمتعون بالحماية.

مفترض حكومة قوية قادرة علي محاسبة الفاسدين و اقتلاع جذورهم واسقاط رؤوسهم، لا انتظار قرار غير معروف متي صدوره ؟، حكومة واضحة و شفافة و احاديثها قاطعة وواضحة لا احاديث ممطوطة مغلفة بحلو الكلام والمداهنة والمراوغة السياسية ودغدغة العواطف.

واعود لأؤكد من وجهة نظر قانونية بحتة أن الانسحاب قانونا للشريك قد ينفي المسؤولية المالية التضامنية بعد فسخ الشراكة ولكنه قطعا لا ينفي المشاركة في الجريمة الاصلية زمنا.

القرار السياسي السيادي الأردني الحقيقي حق يتحكم فيه أبناء وبنات المحافظات الأردنية وليس منبعه حكرا على عمان والزرقاء كما يحلو للبعض التوهم، وعلى المستشارين السياسيين عدم التلاعب بالمعسل والدخان لان في النهاية لا بد ان يخرج الدخان الأبيض.

الأردن بصورته وتعامله مع قضية فساد بهذا الحجم في وقت تم فض الدورة الاستثنائية لمجلس الامة الذي كان مقررا لمناقشة الموضوع غدا، يماثل النيكوتين السياسي و يفتح بابا للإشاعات و الاقاويل، ويزيد من مادة النيكوتين تلك المادة السياسية السيئة الموجودة في عقل الحكومات الضعيفة التي تعتبر واحدة من السموم القلوية الفكرية الأكثر سمية وادمان في تاريخ إدارة الوطن وتساهم في إنزال اشرعة السفن المبحرة في اتجاه شاطئ الامان، وتتفاعل دون ان تدري وتخدم ضمنيا المتطلبات الامريكية لتكوين أرضية من الأملاح يمكن استخدامها في تغييب الٌملك والاضرار بالملكية.

هل المستقبل غامض؟، كمن يلعب بالعملة المعدنية لاختيار الموقع والجهة في مباراة كرة قدم، فيقال: “ملك او كتابة “، لا اعتقد وهذه هي ما تعيشه الأردن تحت وطأة النيكوتين.