قصة الوادي الذي سقى خلفاء دمشق.. من المدينة المنورة!

كنانه نيوز – قبل الف سنة أو يزيد، لم يكن أحد يمتلك قصراً على جنبات وادي العقيق سوى الميسورين والخلفاء وأبناء بني أمية وبني العباس، وأكابر التابعين في ذلك الوقت، حتى أصبح سعر المساحة الصغيرة في مواقع من وادي العقيق الذي يجري من غرب المدينة المنورة، لا يطيقه إلا الأثرياء.

ويقسم الجغرافيون وادي العقيق لقسمين: أكبر وأصغر، حيث يقع بئر رومة بئر عثمان بن عفان في قسمه الأصغر، فيما يقع بئر عروة في قسمه الأكبر.

وتحمل الكتابات العربية والنقوش على صخور وادي العقيق، قصة ذلك الوادي الشهير، وتزاحم الميسورون على امتلاك أراضٍ وبساتين في أحد أهم أودية المدنية المنورة الشهيرة، ولا تزال قصور باقية على جنبات وادي العقيق. ويعد قصر عروة بن الزبير، أحد أشهر القصور التي لا تزال باقية على ضفة الوادي.

واشتهر وادي العقيق بالعهد الأموي والعباسي، كما يعد الوادي موقع استيطان بشري قديم بدليل وجود النقوش والكتابات فيه، ومِن أشهر الذين بنوا قصوراً على وادي العقيق، سعيد بن العاص، وقصر سكينة بنت الحسين، وقصر مروان بن الحكم، وقصر سعد بن أبي وقاص، ولا تزال الآثار باقية حتى اليوم.

كما اشتهر الوادي بالبساتين، حيث لكل قصر من القصور بستان يحيط به سور القصر، وتنتج البساتين التمور والعنب مما اشتهر في ذلك الوقت.

ووادي العقيق اسم قديم قبل الإسلام، ويبدأ وادي العقيق من منطقة النقيع، ويمر بآبار علي، ثم بجوار مزارع أبي هريرة، ثم يحاذي جبل جماء تضارع، والتي يقع فيها بذر عروة بن الزبير، وفيه يقع سد عروة الآن ويتجه محاذياً الجامعة الإسلامية في الوقت الحالي، ويحتفظ الوادي بالمياه لفترات طويلة في السنوات الممطرة، حتى سماه البعض بنهر العقيق في فترات من الدولة الأموية والعباسية.

بئر عروة

بئر عروة أحد أندر المياه العذبة النقية، حيث تنقل المياه بجرار فخارية لقصور الخلفاء في بغداد ودمشق، وهو مياه الملوك، وسميت بمياه عروة نسبة لعروة بن الزبير صاحب القصر المشهور في وادي العقيق.

ورغم وجود نهري دجلة والفرات، إلا أن مياه العقيق كانت تجلب لقصور الخلفاء في دمشق من المدينة المنورة عبر الرحلات التجارية الشهيرة (بين المدينتين أكثر من 1000 كلم)، كما تجلب المياه العذبة الطبيعية في الوقت الحالي من جبال الألب وينابيع المياه في إيطاليا.

ويقول السري بن عبد الرحمن الأنصاري:

واستقوا لي من بئر عروة مائي

ويقول سعد الدين بن عربي:

إذا ذكر العقيق لنا نثرنا .. عقيق الدمع سحا وانهمالا
ونسأل من معالمه محيلا .. فنطلب من إجابته محالا

وقد أكثر الشعراء ذكر وادي العقيق في شعرهم لكثير من المناسبات، فذكروا البطحاء وهواء العقيق وطيب السكن وبساتينه العامرة وماء بئر عروة الشهير.

العقيق الوادي المبارك

تواتر في كتب الأحاديث وادي العقيق، ففي البخاري ورد عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: “حدثني النبي صلى الله عليه وسلم، قال آتاني الليلة آت من ربي وهو بالعقيق، أنْ صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة وحجة”.

وبدأت العمارة والبساتين في جنبات وادي العقيق، عندما أقطع النبي صلى الله عليه وسلم لبلال بن الحارث المزني، واشترط عليه أن له ما أصلح، وعمل فيه وما يحييه فهو له، وفي خلافة عمر بن الخطاب عرض عليه إحياءه أو التخلي عنه، كما اشترط عليه رسول الله، فنزع عمر ما لم يتم إحياؤه ووزعه للناس، وفي ذلك التاريخ بدأ ينشأ العمران في العقيق حيث كثرة المزارع والقصور.

ويحمل كتاب ألفه أحمد آمين مرشد باسم “طيبة” وذكر الأحبة العديد من الروايات حول العقيق، وسكن الصحابة والتابعين وقصور الخلفاء وتم التطرق للآبار الشهيرة في جنبات وادي العقيق.

ترميم قصر عروة بن الزبير

وتعمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على حماية القصور في وادي العقيق وإعادتها للحياة من جديد، ويتم ترميم قصر عروة بن الزبير في مراحل متعددة، وحماية المكان الذي ظل شاهداً على تاريخ المدينة المنورة.

العربية نت