حقوق الانسان بين الكونية والخصوصية…  بقلم المحامي عيسى المرازيق 

كنانة نيوز – محمد محسن عبيدات

كتب الاستاذ المحامي عيسى المرازيق مقال خص به الكنانة نيوز  قال فيه :

منذ القدم والناس تسعى الى حماية حقوقها منفرده او مجتمعه بالنظر الى الانتهاكات الكبيرة التي تعرضت لها فئات اكبر من البشر حيث انتشر الاستعباد والرق بكل انواعه ،الامر الذي اسس لبناء منظومة من التشريعات الوطنية التي سعت الى وقف هذه الانتهاكات وتحجيمها ومعاقبة من يرتكبها .
الا ان تلك التشريعات عجزت عن اداء دورها لاسباب كثيرة منها ان حكومات بعض الدول نفسها ارتكبت مثل هذه الانتهاكات ووجدت الغطاء القانوني لها ما جعل من قضية حقوق الانسان قضية كونية تختص الاسرة البشرية بحمايتها من خلال اتفاقيات دولية وضعت حجر الاساس لعالمية حقوق الانسان من حيث النشأة والاستفادة والحماية .
يمكن تعريف حقوق الإنسان بانها ” تلك الحقوق والحريات المتأصلة في طبيعة كل انسان والتي لا يمكن بدونها العيش كبشر“ .
فاي شخص ولد بهذه الصفة الانسانية مخاطب باحكام التشريعات والمعايير الدولية ومحمي منها بعد ان كرم الله الانسان بهذه الكرامة الانسانية وفضله على كافة المخلوقات بل سخر له كافة المخلوقات نتيجة هذه الكرامة الانسانية . وانني اعتبر ان حقوق الانسان هي هدية وعطية رب العالمين ولا يجوز المساس بها باي شكل من الاشكال ،وان الاعتداء على هذه الحقوق هو اعتداء على اعطيات الله وبالتالي فانها محرمه شرعا في كافة الشرائع السماوية .
كما يمكن تعريف حقوق الانسان من زاوية اخرى بانها ” الضمانات القانونية العالمية التي تهدف الى حماية الانسان من تدخل السلطات في الحريات الأساسية وتلزمها بالقيام بأفعال حفاظا على الكرامة الإنسانية “. فجوهر حقوق الانسان هي المحافظة على الكرامة الانسانية .
ومن خلال التعريف هذا نجد ان حقوق الانسان هي مجموعة من المعايير الدولية التي وضعها الانسان لحماية نفسة من تدخل السلطات ، وهنا لا نعني بهذه السلطات التي يمكن ان تنتهك حقوق الانسان فقط السلطات الدستورية الثلاث (التشريعية، التنفيذية، والقضائية ) بل يمكن ان تقوم سلطات اخرى بانتهاك حقوق الانسان مثالها السلطات الاجتماعية والعادات والتقاليد والفهم الخاطئ لاحكان الدين كل هذه سلطات انتهكت وتنتهك حقوق الانسان ومن واجب الدولة منعها من ذلك وان كانت الدولة ليست المنتهك لهذه الحقوق .
ولحقوق الانسان خصائص عديدة اهما :
الشمولية: حقوق الانسان لا تقتصر على جانب واحد من حياة الانسان بل تشمل كافة جوانب الحياة كالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولا يمكن الحديث والمطالبة ببعض الحقوق وتجاهل حقوق اخرى .
التكاملية :وتعني ان حقوق الانسان تكمل بعضها بعضا ،وكذلك لا يمكن اعطاء حق الافضلية عن باقي الحقوق الحقوق ،ونتيجة لذلك فحق الانسان في الحياة وان كان يعتبر معيارا للتمتع بكثير من الحقوق الاخرى الا انه ليس اهم من الحق في الصحة او التعليم او الحق بالكرامة الانسانية ، فحتى اتمتع بالحق في الحياة لا بد من تمتعي بالحق في الصحة والحق في التعليم.. .
كما انه لا يعني بحال من الاحوال ان قابلية بعض الحقوق للتقييد في ظروف محدده انها اقل شأنا من غيرها من الحقوق غير القابلة للتقييد ،بل ان هذا التقييد يكون من اجل حماية حقوق الانسان وليس من اجل الانتهاك او الاعتداء على تلك الحقوق .
الطبيعية : حقوق الانسان تولد مع ولادة الانسان وتنتهي بمماته بل ان بعض الحقوق تتشكل قبل ولادة الانسان –كحقوق الجنين في بطن امه – وبعضها يمتد بعد ممات الانسان –كحقوق الميت في حرمة جسده وقبره – .
وحقوق الانسان بهذا المفهوم ليس منحه او منه من اية جهه كانت ،ولا تمنح الحكومات او السلطات الحقوق للانسان بل ان دورها هو تنظيم تداول هذه الحقوق ليس إلا، فهي وكما اسلفنا منحة رب العالمين.
العالمية:ويمكننا اختصارها بثلاث كلمات (عالمية النشأة, وعالمية الاستفادة ، وعالمية الحماية ) حيث ان حقوق الانسان كما عرفناها بالمفهوم الثاني (المعايير) ليست فكرة غربية او ذات منشأ من امه او جنسية معينه بل انها انتاج انساني ساهمت كل امم وشعوب العالم بوضع هذه المعايير وهي ليست قواعد امريكية او استراليه او اوروبية او شرقيه بل هي ثقافة عالمية وضعتها الاسرة البشرية مجتمعه وساهمت كل امه وحضارة وثقافة بهذه القواعد وبذلك تكون عالمية النشأة والشواهد على ذلك عديده منها ما جاء بالمادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان المستمدة من الثقافة الاسلامية ومقولة سيدنا عمر عندما قال ” متى اسعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ” فانسجمت المادة الاولى من الاعلان مع هذا القول حيث نصت على ” يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء” . هذا تأكيد كامل ان حقوق الانسان ليست فكرة غربية كما يثار دوما .
وتبقى حقوق الانسان ثقافة عالمية لا يضيرها احترام خصوصيات بعض المجتمعات بما لا يتعارض مع ثوابت ومبادئ حقوق الانسان الاساسية ما دام ان الغرض منها هو احترام كرامة الانسان التي تعتبر جوهر حقوق الانسان واساسها .