ماذا فعلت الأنظمة بأبنائها ؟! / بسام الياسين

ماذا فعلت الأنظمة بأبنائها ؟!

بسام الياسين
{{{ وقالوا ربنا إنّا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا }}}.صدق الله العظيم

لا يختلف احمقان ان الشعوب العربية امام معضلة مزمنة اسمها الأنظمة.معضلة لا تحتاج الى عبقرية خارقة لفك الغازها او تركيب شظاياها المبعثرة.جلية كشمس استوائية لا تحتاج الى دليل.( وليس يصحُ في الإفهام شيءٌ / اذا احتاج النهار الى دليلِ ).الواقع العربي مأزوم لا تخفى تفاصيله المزرية على اعمى،لما فيه من شروخ قيمية،هشاشة اقتصادية،خروقات سياسية،فساد مالي و ترهل اداري فاق الخيال في بعض الاقطار و بلغت شدته سبع درجات على مقياس الخراب…خراب هو الاسوأ في التاريخ منذ الجاهلية حينما كان يتولى امرها ابو جهل و يُمجّد العربان مناة وعُزى وهُبل ويصنعوا امثالها اصنام من العجوة.امة تذبح بعضها وتدفع الجزية لترمب صاغرة.امة فقدت مقوماتها و تتفاخر بـحرب ” داحس و الغبراء و البسوس وغيرهما “،حطبها شباب عبس و ذيبان،تغلب و شيبان، قيس ويمن،اوس و خزرج.ذلك يعني ان حمقى السياسة،وذوي الاجندات يقتلون شعوبهم الآمنة ويبددون ثرواتها طلباً للحماية،و الا ستتطاير الكراسي الهواء كشظايا الفخار.

الانظمة العربية دأبت على الكذب حتى لم يبق في جعبتها ما يستر سوءاتها امام شعوبها.عندما حولت حواضرها الحضارية بغداد،دمشق،صنعاء،طرابلس العامرة بالحياة الى معسكرات موت،بوحشية لا تقل عما فعلت النازية والصهيونية في ذروة توحشهما. انظمة مرتهنة فبدلت السنن الكونية،فبدل التغيير للافضل جرجرت شعوبها للاسوأ،وعوضاً عن نشر الامن لزيادة الإنتاج ورفع العمران وخلق بيئة ابداعية،دبت الرعب في نفوس مواطنيها،و اعملت فؤوسها في كل مكان، حتى صار نعيق الغربان الأكثر طرباً ،و شجرة الحرية الطيبة اصبحت اشد مرارة من شجرة الزقوم لا يحط عليها طير ولا تقترب منها دابة.

انظمة زادت في محاسبة الناس على النطق بكلمات :ـ الديمقراطية،الحرية،تداول السلطة حتى غدا الاقتراب من السياسة لعنة،كاقتراب سيدنا آدم من الشجرة المحرمة التي اخرجته من الجنة.من يهمس بهذه الكلمات “الشيطانية” لا وظيفة ولا جواز سفر بل زنزانة رطبة،و تضييق على اللقمة حتى الجثو على الركبة،وان تصابَّ في رايه فالموت جوعاً،مع ان السياسة تقع في صلب كل الانشطة الانسانية.القمح سياسة،الماء سياسة،التعليم سياسة.فثورات الخبز هي الاشد ضراوة في التاريخ ،و قطرة الماء ستكون شرارة الحروب المقبلة.من هنا نحن بحاجة الى ساسة حكماء محنكين لا الى تجار و مغامرين لا يدركون خطورة المرحلة ولا يعرفون ابعادها.تزداد اللعنة سوءاً حين تكتشف ان المجالس النيابية منابر جعجعة جاءت من صناديق اقتراع مزورة،والحكومات صورية.الانكى انهما لا يستمدان الشرعية من الشعوب انما من الحاكم بامره…فالانظمة تريد شعوباً طيعة كعجينة الصلصال يجري تشكيلها ـ كما يطلب المختار.

الأنظمة العربية انظمة طاردة لاهلها، باتت اعجز من تأمين رغيف خبز شعوبها، فيما هي تمعن في زربها في زرائب غير صحية،لتمرير املاءات ” ماما امريكا “.اما من يشق عصا الطاعة،فمصيره ان لا يعرف اهله اين هو.ناهيك عن غياب حقوق الانسان.ففي دول الدنيا كافة،للحيوان حقوق محفوظة بقوانين مصانة اما في البلاد العربية فحقوق الانسان مهدورة،بديلها احكام عرفية وقوانين طواريء، وجرائم قمع يومية،لذا منح الحاكم العربي مدراء المخابرات صلاحيات واسعة فصاروا اكثر شهرة من نجوم السينما،واهم من العلماء،و اعلى مكانة من دكاترة الجامعات.يستطيع واحدهم سحق انسان كصرصار دون مساءلة ثم يكافىء بالاوسمة.من قرأ سيرة صلاح نصر بطل التعذيب الاشهر في الوطن العربي،سيترحم على الحجاج.فالحاكم لا تقر له عين ان لم يروض شعبه بكرباج صلاح نصر، متناسين ان ” الظالم سوط الله في الارض ينتقم به ثم ينتقم منه”،فقد كانت نهاية صلاح نصر ابشع من بشعة.

لم تبق ورقة واحدة بيد الانظمة تضحك بها على شعوبها. اسرائيل كانت شماعة تعلق عليها عيوبها،و اذا بنا نكتشف ان الانظمة تتسابق لنيل رضاها،لدرجة ان “شيخ المقاومة عباس” يعتذر لها عن المحرقة لكن ليبرمان صفعه برفض اعتذاره.النكتة المفزعة ان الانظمة صغيرها وكبيرها تتهافت على شراء الاسلحة بمئات المليارات لا لحرب العدو الصهيوني بل لتشغيل مصانع الاسلحة،و تنقل السيولة النقدية من خزائنها للخزينة الامريكية لخلق اكثر من مليون فرصة عمل للامريكان بينما تزداد البطالة في صفوف الشباب العربي التي تجاوزت الخطوط الحمراء.هكذا لم يعد الافراد مطية لغيرهم كما هو معروف ومألوف بل اصبحت الدول العربية مطية لكل الامم،وصار الوطن العربي مسرحاً للقسوة.هذا الوضع يقودنا للاسئلة الخطرة :ـ هل أًدخل النظام العربي في عداد الموتى ام انه لم يزل في غرفة الانعاش بانتظار رفع الكمامة عن انفه ؟!. وهل سنشاهد قريبا تجريف كيانات انتهى دورها وشطب هويات فقدت هويتها ؟!.

نقول على الطريقة اللبنانية الساخرة :ـ ” ما حدا يضحك على حدا “. الانظمة العربية فشلت في تأمين الاحتياجات الاساسية لشعوبها فيما المواطن يعيش في خوف مقيم على وجوده ومستقبله،ولا شيء يوحي بالخير في افقه،حاله حال عصفور نتفت الانظمة ريشه و كسرت شجرته التي تأويه ثم جاءت ريح عاتية حملت عشه للمجهول.فاصبح مسيح الالفية الثالثة يتألم على صليبه فيما مسامير اليهود وعربان اليهود تُدقُ في جسده النحيل،ورغم خفوت صوته اسمع انينه الحزين:ـ إتقوا الله،ان الظلم مرتعه وخيم ودوام الحال من المحال