حكايات الحنين ” رمضان الخير” يوسف غالب عبيدات

رمضان الخير ……………………………………………… في منتصف السبيعينيات من القرن الماضي وفي فصل الصيف ، وكان منذ ايام قد هل علينا شهر رمضان المبارك ،وذات يوم وقبل الغروب كعادة ابناء القرى ذهبنا انا وصدقي (ابو بهاء) الى الوادي قرب عين الماء، لجمع حبات من التين، لزوم الفاكهة على مائدة الأفطار، وبعد الأنتهاء من جمعها عدنا ، وكانت طريق عودتنا من امام بيت المرحوم ابو فخري(سليمان السلطان) ،،،، والد صدقي، ليدخل هو الى بيتهم، واتابع انا المسير الى بيتنا، وكان المرحوم ابوفخري يجلس في عريشة البيت تحت دالية العنب ، ووجهه صوب الغرب، فسلمت عليه، ورد السلام وناداني .
ذهبت اليه فقال تعال اقعد هون. فقلت :- لا مستعجل بدي اروح قرب يوذن المغرب. فقال:- انا كنت قبل شوي انا وابوك وبده يفطر وييجوا يتعللوا هون هو وامك، خلص اتفطر هون واقعد واهدأ قعدت وكانو يحضرون السفره، وهناك مشمع جلد مفرود امامنا وبدأوا بنقل الأطباق، وكانت على النحو التالي مقلاه المنيوم لها يدان اثنتان بها باميا مع بندوره حوس، اكاد اشم رائحتها الأن لشدة طيبها، وصحن به اربع بيضات مسلوقات ومقشرات مازالوا كما هم دون هرس ،وفي الصحن بعض الزيت وعلى البيض قليل من الملح والفلفل الأسود يضفي على الصحن منظرا جماليا ولا اروع، اضافة الى صحن (الزلطه) وهناك صحن اخر مملوء باللبن الرايب، وصحن اخر به زيتون، ثم احضروا ابريقا زجاجيا به شنينه واحضروا كاسات معه، جلسنا ننتظر خروج المرحومه ام فخري من فرن الطابون الذي كان ملاصقا للبيت من الجهة الشرقيه والباب محاذي لحافة العريشه،في هذه اللحظات وهي لحظات تأمل، كنت اتأمل قطوف العنب فوق رؤوسنا تتدلى.
وهناك صينية اخرى تتربع على حافة العريشه من الجهة الشماليه مملؤة بقطوف العنب التي تم قطفها وغسلها مسبقا، والى جانبها سدر كبير به بطيخة لونها شديد الأحمرار ترفع اذرعها عاليا وكأنها تدعوا الله لنا بصوم مقبولا وافطارا هنيئا، ولا ننسي حصيلة ما جمعه صدقي من حبات التين والتي اصطفت بوعاء اخر الى جانب البطيخ والعنب، وما هي الا لحظات واذ بصفائح ذهبية اللون مكدسة فوق طبق من القش بين يدي المرحومه ام فخري قد داهمتنا من جهة الشرق برائحة تعيد للمغمى عليه وعيه، ووضعت الخبز الى جانب السفرة ليوزع علينا وذهبت لغسل وجهها من ماء الخابيه والتي تحتل الزاوية الشمالية الغربيه من العريشه ولها صومعتها الخاصة المعمولة من الطين لتكون بيتا لها ،يحميها من العبث ومن حرارة الشمس.
وعادت المرحومة ام فخري وقد ملأت الكأس ماءا ذلك الكأس المصنوع من الألمنيوم ويتسع لما يقارب كيلو ونصف من الماء، فوضعته جانب السفرة وذهبت لتعود ومعها القهوه الساده والفناجين، وصحنا به حبات من التمر ، وجلست واثار التعب والعطش والحر بادية عليها،فداعبها ابو فخري بكلمات لطيفه،فقد كان ودودا رحمه الله،ويهتم برمضان وطقوسه، وضحك وهو متكئا ثم استند وتربع بسرواله الأصفر، وقال لأبنه صادق:- راقب الخطيب اليوم للأذان من عند دار فواز القويدر لأنه معزوم عندهم عالفطور. وماهي الا لحظات حتى صدح صوت الخطيب باﻷذان من على سطح دار فواز القويدر معلنا موعد الأفطار، فأكلنا التمر وشربنا الماء وهرس ابو فخري الأربع بيضات وخلطها بالزيت والملح والفلفل الأسود وباشرنا تناول افطارنا في جو رمضاني ولا اروع. وبعد ان انهينا،، ماهي إلا فترة وجيزه،، حتى بدأوا يتوافدون للسهرة فكان اول القادمين المرحوم ابو شاهر تلته الحاجه فاطمه السلطان ومن ثم والدي ووالدتي اخيرا كان ابو زكريا (محمود الطريخم) ، رحمهم الله جميعا،،، سهره رمضانيه على ضوء القمر في الهواء الطلق تخللها الشاي والفواكه، من تين، وعنب، وبطيخ، والقهوة الساده حاضرة وقد كان لقهوة المرحوم ابو فخري نكهة خاصه، والأحاديث لم تتجاوز حدود العريشة التي يجلسون عليها فلا ذكر لغائب إلا تفقدا لما لم يحضر، اضافة الى كيف كان صيام ذلك اليوم، مع الدعوات الى الله ان يهون على عباده ما تبقى منه ،،ثم الفكاهة الدمثه،،،يتخلل السهرة صلاة العشاء ويبقى السهر مستمرا الى ان يقترب السحور، لتعود النساء الى خبز العجين الذي تم تحظيره بعد الأفطار ،،،،لأنه السحور بده خبز ساخن بهذيك الأيام.. لويش طولة الهرجه،،، رمضان زمان احلى