عندما يتألم المواطن / احمد حسن الزعبي

عندما يتألم المواطن

احمد حسن الزعبي

أن تستمع إلى أنين الناس ، وتقترب من أوجاعهم، ليس انتقاصاً ولا خضوعاً منك..بل هو المعنى الحقيقي للمسؤولية و المثال الأعلى لاحترام النفس للنفس وخدمة الشعوب التي أقسمت على العمل لصالحها..
**
الأسبوع الماضي اتصل مواطن إماراتي بإذاعة محلية “إذاعة عجمان” يشكو خلال مكالمته من ارتفاع الأسعار والضرائب على المواطنين وذوي الدخل المحدود، المذيع – وكعادة البعض- حاول أن يمنعه من الشكوى بمقاطعته أكثر من مرّة والنفاق لصاحب القرار وللحكومة ، مبرّراً أن لا غلاء ولا ارتفاع في الأسعار وان شكواه في غير محلّها، سمع المكالمة ولي عهد إمارة عجمان فأوقف المذيع عن العمل لأنه منع المواطن من حقه في الكلام وبالغ في النفاق للدولة وأصحاب القرار ،
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي ورئيس الوزراء سمع بالقصة فطلب المواطن المتّصل ودعاه ليحضر اجتماع مجلس الوزراء وأثناء الجلسة أمر بتخصيص” 11″مليار درهم حوالي “2.2” مليار دينار لدعم المواطنين وأصحاب الدخول المحدودة لمدة ثلاث سنوات ، وعيّن المواطن المزروعي باحثاً اجتماعياً في وزارة التنمية الاجتماعية لأنه قد تكلّم باسم الناس الصامتين..
مكالمة واحدة غيّرت حال عشرات الآلاف من العائلات الصامتة ، وهنا مئات الآلاف من الشكاوي والتظلم التي تطلق يومياً هنا ولا يقابلها الا أذان صمّاء وقلوب ران عليها التكبّر وحب الذات والفساد وازدراء الناس.
موقف آخر لمحمّد بن راشد ، بسبب إغلاق بعض المصالح بدبي وخروج بعض المستثمرين من الإمارة نتيجة الرسوم الكثيرة التي أقرّتها الدوائر المحلية في إمارته، من دائرة تجارية ، والبلدية، ومتطلبات الترخيص من وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة العمل، والصحة ،وتذمّر المواطنين والوافدين من ثقل هذه الرسوم على كاهل الاستثمار ، أصدر محمد بن راشد أمراً قبل يومين بتخفيض هذه الرسوم وإلغاء بعضها ودراسة المعوقات الحكومية أمام الاستثمار،وهي خطوة صحيحة وصائبة جاءت في وقتها ليتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه ..
للحظة ما تشعر أن هذا الرجل يخاف على إمارته كما يخاف على بيته ، يريدها الأجمل والأبهى وأن تبقى محط أنظار العالم..لا يطيق فكرة أن يخفت وهجها أو أن يسرق أحد بريقها..ولذلك يضع سماّعته على نبض المواطنين والشارع كي يطمئن أن دبي على ما يرام..
في مقالاتي أتجنّب المديح لأي أحد كان، وأتردد كثيراً في الكتابة عن أشخاص بعينهم ، لا يعنيني بمقال اليوم سوى جزئية واحدة ، كيف يخاف ويحمي ويحترم وينتصر بعض المسؤولين لشعوبهم بغض النظر عن سياساتهم الأخرى ، عندما أرى مثالاً واقعياً عربياً قريباً، لا يمكنني أن أغضّ الطرف عنه ..لا يمكنني ان أغض الطرف عن دولة تنتفض بأكملها عندما يتألم المواطن هناك..وكيف تغمس الدولة رأسها عندما يدفن المواطن جوعاَ وظلما هنا…

ان تكون مسؤولاً ذلك يعني أن تكون إنسانا بالدرجة الأولى

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com