لقد صرت فاسدا / علي الشريف

لقد صرت فاسدا

علي الشريف

قبل ايام كتبت مقالا بعنوان( باسم عوض الله) الرجل الاكثر جدلا في الاردن وتطرقت الى اكثر من سؤال من خلال المقال لم اجد لها جوابا واحدا وكل ما واجهته ان الناس اخذت العنوان فقط وبدات تبني عليه باستثناء من قرا وفكر وتدبر.
للامانه لم اتفاجا بشي من خلال الردود ولكني كنت اريد ان اصل الى شيء واحد وهو ثقافة التشكيك والاتهام التي بتنا نمارسها ليل نهارا وعلى كل شيء وفي كل شيء حتى اننا لم نبقِ شيئا لم نشكك فيه .
السؤال الابرز الذي كان يقفز دائما من الناس الي بعد تلك المقالة .. قديش اخذت..ولك قديش اعطاك بشرفك ما اعطاك شي ..اما في بعض الردود فقد كنت اقرا اعلاما ماجور وقلما ماجور ..وبدك منصب وبدك مني عارف شو ..
لم يكن يعني الناس بعد ذلك ان نبحث في صلب المقالة حتى بعض المثقفين للاسف تبادلوا الدور واصبحوا يكيلون الاتهامات وهم من المفترض ان يكونوا من اكثر الناس علما ودراية بما يريده الكاتب وهناك من اخذ موقفا وهناك من اثنى.
ما الذي يحصل في بلادنا حتى وصلنا الى مثل هذه المرحلة من عدم الثقة في كل شيء حتى صرنا نشكك بكل انسان ابدى رايا فنكيل له الاتهام ونتهمه بالفساد ونعمل جاهدين على قمعه بل اننا نريد ان نفرض عليه رايا بالقوة حتى لو كان الراي مخالفا لكل الشرائع والاديان.
الاتهام بالفساد اصبح ظاهرة واصبح معلبا لكل شيء نوزعه وقت ما نشاء ونتهم الناس به وقت ما نشاء ونبريء الناس منه وقت ما نشاء حتى اصبح الانسان يتلمس راسه بعد كل حديث ويمد يده الى جيبه فلربما اكتشف ان هناك من قبضه او دفع له ليكتب رايا.
ثقافة التشكيك باتت تذبحنا من الوريد حتى الوريد و وباتت تطال كل شيء وانا اكاد اقسم بالله لو ان الشهيدين وصفي التل وهزاع المجالي لم يستشهدا لنالا نصيبهما من التهم الجاهزة والمعلبة من الفساد لكن رعاية الله سبقت ورحمته تجلت عليهما بان لم يلحقا وقتا كل ما فيه اصبح متهما بلا ادلة او براهين.
واكاد اقسم بالله ان الخليفة الفاروق عمر ابن الخطاب لو كان في زماننا هذا لخرج اللوبي الفاسد الذي يريد ان يلصق الفساد بغيرة وحرض على اتهام الفاروق بانه سرق بيت المال وجهز له الف تهمة معلبة جاهزة..وجيش من المرددين بلا وعي.
واقسم بالله لو ان نبي الله محمدا عليه الصلاة والسلام بيننا ومدحه حسان بن ثابت لقلنا ان الرسول دفع لحسان …ولو كان عثمان بن عفان بيننا وجهز جيش العسرة في هذا الزمان لقلنا انه يغسل اموال .
صرت اشك في نفسي لاني اكاد اشك فيك يا فقري وانت مني ..اكاد اشك بانك مصطنعا ..اكذوبة او صنيعة. واكاد اشك باصابعي بعيوني .. برفقة صباي .. حتى صرت اشك بالمساجد والمعابد وصرت اشك بالنقاء حتى انهم ادخلوا الشك في قلوبنا في اولادنا..
ثمة لوبي فاسد في بلادنا يعيث في الارض فسادا وكلما اراد احد ان يتطرق احد اليه قام هذا اللوبي الموغل في الفساد وفي فقرنا وفي دمنا وافكارنا بتحويل التهمة منه على غيره موظفا في ذلك كل شيء .. موظفا الاقليمية والوطنية والعشائرية وفقر الناس وطيبتهم ودينهم حتى مكان سكنهم حتى نوع طعامهم.
قديش اعطاك باسم ..قديش قبضت من باسم ..زبطت حالك مع باسم ..حكى معك باسم او ما حكى ..فما الذي يعنيكم في الامر كله ولماذا تحكمون مسبقا بلا ادلة وبراهين وتعاقبون بلا محاكمه .. اذا كنت انا نفسي لا زلت انا ولم اتغير ..فقري لم يتغير .. اصابعي لم تتبدل … سيارة الكيا الموغلة في العمر لم تتغير ..لم يتغير عندي شيء كتبت وانا معدم واتهمت وانا معدم واكتب الان وانا وانا معدم .
واذا كنتم انتم انفسكم لم تستطيعوا الاجابة على سؤال واحد في موضوع باسم هل اصبح كل ما يعنيكم قديش اخذت وقديش قبضت وحكى او ما حكى .
هل مطلوب مني ان انحى منحى اتهم فيه كل شيء على ارض هذا الوطن بالفساد.. هل مطلوب مني ان لا اسال عن اسباب الفساد بل يجب ان اقطع مباشرة …هل مطلوب مني ان اكون منزوع الراي بلا فكر .ولا ارادة ام هل مطلوب ان ابقى اردح واشتم بالحكومة وبالنظام وبكل المؤسسات حتى اصبح حرا ..عكس ذلك ساكون عبدا ..
ان مدحنا الحكومة قلتم قبيض وسحيج ان انتقدناها قلتم لست وطني …ان ابدينا رايا يخالف توجهاتكم نصبتم المشانق حتى في الرياضة اصبح الحديث فسادا ..
اعود لاتحدث في المقالة الاكثر شعبية هذه الايام ..وهي مقالة باسم عوض الله … تابعت حجم المشاركات وحجم الردود وكيف ان الكثيرمن صفحات التواصل تناقلت المقالة فرايت العجب العجاب … في صفحة تنتقدون واذا ما انتقلت المقالة الى صفحة اخرى يبدا المديح فبعض الردود جعلت من عوض الله متهما يجب اعدامه ونفس الاشخاص اراهم في صفحات اخرى ابدو تعاطفا معه فوق مستوى التعاطف.
بعد ذلك وبعد ما رايت من انفصام … اعلن انني سادخل ان قدر لي منظومة الفساد وسادق على ابوابها بقوة كي تفتح فلعلي انتهي من فقري ومن طفري ومن اصلي ومنبتي واصبح انا من يقبض الناس ومن يدفع لهم … اريد ان اصبح فاسدا وانتم ايها الناس فتحتم لي الطريق لقد اصبحت فاسدا ولكن بلا ادلة ولا براهين .
المهم مش رح احكيلكم قديش قبضت او شو اخذت او حكى معي باسم او ما حكى ..خلوها بنفسكم . كل ما اريد ان اقوله لكم ..اتقوا الله في الناس ..وفي انفسكم وفي وطنكم لعل الله يفرج علينا ويزيح عنا بلاء التشكيك والاتهام والعلب الجاهزة .