الأردن أخفق في «تأجيل» تنفيذ قرار ترامب و«نقل السفارة» رسمياً تم تحديده قصداً قبل قمة الرياض/ بسام بدارين

الأردن أخفق في «تأجيل» تنفيذ قرار ترامب و«نقل السفارة» رسمياً تم تحديده قصداً قبل قمة الرياض

بسام بدارين

قليلون في الحراك الأردني الناشط ضد إسرائيل تحديداً تذكروا يوم الأرض الفلسطيني. وخلافاً للعادة لم تشهد الجامعات الأردنية نشاطات لها علاقة بذكرى يوم الأرض إلا في الإطار الرمزي وتحت عنوان معارض صور .
الأهم في التواقيت اليوم وتحديداً في الأجندة الأمنية هو اليوم الموعود لنقل السفارة الأمريكية إلى مقرها الجديد في القدس بعد نحو ستة أسابيع وهو يوم تقول السلطات الأمنية الأردنية انها ينبغي ان تستعد له جيداً وسط توقعات بان لا يزيد الزخم الشعبي في الشارع الأردني عن الاسبوع الأول من اعلان ترامب الشهير.
الأردنيون والأمريكيون رسمياً هضموا حراك الشارع المضاد لقرار ترامب قبل اشهر بسهولة حيث اقامت القوى الشعبية خيمة للاعتصام المفتوح امام مقر السفارة الأمريكية في عمان العاصمة وبقي المعتصمون يخف عددهم تدريجياً على مدى 18 يوماً إلى ان تلاشت الجهود.
لوحظ على مستوى الشارع الأردني وقتها بان جماعة الإخوان المسلمين الأكثر تنظيماً في الشارع الأردني تقصدت عدم المشاركة بفعالية في تنظيمات الشارع وذلك على الارجح في إطار تكتيكها بعنوان الكمون وتجنب اي حالة صدامية مع السلطة والحكومة وهو ما فهمته اصلا مبكرا القدس العربي من الرجل الثاني والقوي في الجماعة الشيخ زكي بني ارشيد.
قد يختلف معيار الحركة الإسلامية عندما يتعلق الامر بيوم النقل الفعلي لسفارة واشنطن إلى القدس حيث تكريس وتثبيت لوضع جديد تماماً تصبح فيه المطالبة بالقدس أكثر صعوبة عمليًا.

صمت تكتيكي

التوقعات الأولية ان الحركة الإسلامية يوم نقل السفارة ستشارك في فعاليات الشارع ليس لأنها بصدد انهاء حالة الكمون التكتيكي فقط. ولكن لأن «صمتها» التكتيكي طوال العامين الماضيين لم ينتهِ إلى أي مكافآت سياسية حيث تجري محاولة لنفض الغبار عن سلسلة التنظيمات المنشقة عن الجماعة الاخوانية على امل تصعيدها مجدداً للواجهة وهي عملية بدأت فعلاً بتنحية المراقب العام لجمعية الانشقاق المرخص الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
في كل الأحوال يبدو ان السفارة الأمريكية مهتمة بوضعية الشارع الأردني عند نقل السفارة أكثر من الحكومة الأردنية حيث نقلت مواقع اعلامية اماراتية عن مصادر امنية ورسمية أردنية القول بان الوضع الامني مستقر تماماً في الأردن.
مسؤول أمني أبلغ «القدس العربي» بعدم الحاجة لتلك الاشارات التحذيرية المسيسة التي تصدر عن السفارة الأمريكية في عمان بين الحين والاخر معتبرا ان هذه التحذيرات لا تعكس الواقع ولها أغراض سياسية ودبلوماسية في بعض الأحيان. وبكل حال تقديرات المراجع الأردنية ان يعترض الشارع الأردني بقوة على تنفيذ نقل سفارة واشنطن وان تشهد الحالة المحلية سلسلة من النشاطات لكن بطريقة قد لا تتجاوز السقف الذي عبرت منه وبه قرارات ترامب نفسها يوم وعده المشؤوم.
وبكل حال الجاهزية كاملة للتعاطي مع النتائج وما تخشاه المؤسسات الأردنية ليس الوضع الداخلي بقدر ما هو تسبب تنفيذ نقل السفارة بجرأة وبصفاقة سياسية باحتمالية اندلاع «انتفاضة ثالثة»، الأمر الذي يشغل مؤسسات القرار الأردنية.
تخشى دوائر المسؤولية من وضع غير مستقر في الأرض المحتلة سرعان ما تنتقل عدواه إلى الضفة الشرقية والشارع العربي ومع حالة الفوضى الإقليمية وإمكانية تفريخ مجموعات إرهابية يمكن ان تشهد المنطقة حالة فوضى على شكل تعبير عن إنتفاضة ثالثة يمكن ان تبدأ لكن من الصعب ان تخمد.

«فقدت سحرها»

خلف الستارة ابلغ الأردنيون مخاوفهم للجانب الأمريكي لكن التطمينات وردت من الاتجاه المعاكس مع تأكيد الانطباع المسبق بأن الأمر قد لا يزيد عن مستويات الاعتراض التي رافقت قرار ترامب نفسه يوم توقيع نقل السفارة.
اعترضت عمان بداية بحماس وحاولت تذكير ادارة الرئيس ترامب بانها وعدت بأن لا ينفذ قرار نقل السفارة فعلا قبل عامين على الأقل لكن نتائج الاعتراض لم تغير الواقع فعمان لا تزال تشعر بانها فقدت «سحرها وتأثيرها» القديم على المؤسسات الأمريكية ولعل ذلك من أكثر مؤشرات القلق داخل الحكومة الأردنية لأنه يحرم عمان من ميزة «التحدث مع الجميع» ونقل الرسائل بين المتناقضين.
حاولت عمان ايضاً بالتوازي إقناع الادارة الأمريكية بتأجيل تنفيذ قرار نقل السفارة بالحد الادنى على ان يرافق حملة لإعادة عملية التفاوض.
لكن المحاولة أخفقت سياسياً هنا لأن البيت الأبيض قرر الحسم والتسريع لمنع الاسترسال في الكلام والتقييم وقرر تحديد يوم تنفيذ نقل السفارة الأمريكية في القدس فعلياً عشية تحضيرات القمة العربية التي تنعقد في الرياض في الـ15 من شهر نيسان/ابريل.
ثمة من يعتقد في عمان بأن مثل هذا التحديد غير ممكن بدون ضوء أخضر سعودي ومصري لأن محاولة الطاقم المتشدد الجديد في البيت الأبيض واضحة في حسم ملف القدس نهائياً ومنع أي حالة نقاش في مضمون قرار نقل السفارة قبل جلوس الزعماء العرب في القمة المؤجلة برعاية العباءة السعودية.
هنا يجد صانع القرار الأردني نفسه مضطراً للانشغال في التفاعل مع التداعيات المحلية أمنياً وشعبياً لتنفيذ قرار نقل السفارة وفي التوقيت نفسه الذي عادت فيه سفارة الكيان الإسرائيلي للعمل في عمان.
وهو التفاعل نفسه الذي يتسبب بجدال مع الأمريكيين حول منسوب الاعتراض الشعبي حول نهر الأردن حيث تصر واشنطن على ان المسألة ستمر بالحد الادنى وتصر عمان على التحذير من انتفاضة ثالثة غير منضبطة ويمكن ان يستثمر فيها التشدد الديني.