كنانه نيوز  –  عند التفتيش في حياة العظماء والمشاهير، ستجد صفات فطرية نفسية أو مكتسبة مشتركة بينهم. هذه الحالة قد تكون صنيعة ظرف زماني أو مكاني معين تشتد معهم كلما ازدادوا عمراً، يعرفها المحيطون حولهم ولا يشعر بها الجمهور أو يعرفها إلا من خلال اعترافاتهم.

وحالة قلق المبدع انفعالية لها أوجه عدة تكمن خطورتها في تجذرها داخل الفنان وتأثيرها على حضوره الفني. وتزيد هذه الحالة كلما زاد الاحترام بين المبدع وجمهوره، وهي تتناسب طردياً مع المسؤولية التي يشعر بها.

وفي الوسط الفني تحديداً، هناك حالة تجمع كوكب الشرق #أم_كلثوم وصوت الأرض #طلال_مداح، فالأولى التي غنت في رائعة (بعيد عنك) “با خاف عليك.. وأخاف تنساني”، وطلال الذي شدا بـ”أخاف منه ومن هجره ..أخاف ينسى عهود ماضيه”، يجمعهما #فوبيا الدقائق الأولى في الغناء على المسرح. فأم كلثوم كانت تؤكد أن “المنديل” الشهير، الذي كانت تحمله في حفلاتها، ليس ترفاً أو موضة، بل ليمنح يديها الدفء بسبب برودة الأطراف والتعرق جراء رهبة الجمهور.

وقالت في حوار لها: “أول ما تترفع الستارة إيديا تعرق، باخاف من الجمهور.. يوم كنت صغيرة مكنتش أخاف من الجمهور أبداً لأنه مفيش حاجة أخاف على إيه؟.. لكن بعد لما الواحد حس كده إنه بقى حاجة بيخاف .. باخاف جداً والخوف ده احترام للجمهور”.

الملحن العبقري بليغ حمدي ذكر أنه حضر إلى “سينما قصر النيل” لمقابلة أم كلثوم قبل حفلتها ووجدها في حالة عصبية مفرطة. وعندما صافحها “كانت يدها زي الثلج من الخوف”، على حد وصفه. وعندما سألها عن السبب أجابت: “يابني الجمهور ده كارثة!”، بل إنها رفضت إلغاء مقدمة “ألف ليلة وليلة” التي لحنها بليغ وأخذتها فرصة للجلوس على الكرسي في المسرح، وقالت: “رجليا بتخبط في بعض من الخوف وعقبال ما أنسى البشر اللي قدامي وأقدر أوقف على رجليا.. وأنسى وأغني المذهب الأولاني وأنسى الناس دي خالص وألاقي حد في الصالة اصطاده أغني له هو بس”.

وبهذه الطريقة كانت أم كلثوم تتغلب على “فوبيا” الغناء على المسرح. والقصص في هذا السياق كثيرة.

أما بالنسبة للفنان طلال مداح فقد أكد في حوار له في التسعينات مع المذيع القدير سلامة الزيد أنه يعاني في أول 3 دقائق يقف فيها على المسرح، بل يتضح على صوته اهتزاز الخوف، مشيراً إلى أنه بعد مرور الـ3 دقائق إذا شعر بتفاعل جيد من الجمهور يبدأ الدخول في جو الحفلة، فكان يستمد الطاقة والثقة من الناس وردة فعلهم.

وفي جزئية ذات علاقة سأله سلامة متعجباً: “أستاذ طلال!.. إذا طلال يخشى الفشل من يتوقع النجاح؟”، فرد عليه أبو عبدالله: “اللي ما يتوقع الفشل ما يوصل للنجاح”.

وفي هذا الجانب هناك مقالة للدكتور محمد صبيحي، الذي تبوأ مناصب قيادية في إذاعة وتلفزيون جدة وكان مقدماً لبرنامج “مسرح التلفزيون” مطلع السبعينات، منشورة بصحيفة “عكاظ” أوضح فيها أن الراحل طلال مداح كان دائم الخوف من لقاء الجمهور لدرجة أنه يتهرب من الحفلات، وفي إحدى المرات اضطر للذهاب إلى بيته بحي كيلو 10 على طريق مكة وكان بصحبته الشاعر خالد زارع للطلب منه الغناء وبعد إلحاح وشروط وافق طلال، وذكر صبيحي أنه غنى وتألق بشكل لا يوصف.

العربية نت