توقيف الإعلاميين سينتهي بعد سريان قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل بتاريخ 26/2/2018

 
كنانة نيوز – قال المحامي المتخصص بقضايا الإعلام عبد الرحمن الشراري أن عقوبة التوقيف للإعلاميين ستنتهي بتاريخ 26/2/2018 مع بدء سريان قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل.
وأكد الشراري في مطالعة قانونية أعدها بناءً على طلب مركز حماية وحرية الصحفيين أن التعديل الجديد للمادة (114) أعتبر أن التوقيف تدبير استثنائي وقُيّد وحُدد فقط بالحفاظ على أدلة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود أو المجني عليهم أو لمنع المشتكى عليه من إجراء الاتصالات بشركائه في الجريمة أو منع المشتكى عليه من الفرار أو حماية له، مبيناً أن هذه المبررات لا تسري على الجرائم الواقعة بواسطة وسائل الإعلام.
وبين أن تعديل المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ينسخ قرار ديوان تفسير القوانين رقم (8) لسنة 2015 والذي نص على أن جرائم القدح والذم المرتكبة أو المقترفة خلافاً لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي يطبق عليها نص المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس المادتين (42) و(45) من قانون المطبوعات والنشر مستشهداً بذلك بقرارات لمحكمة التمييز تؤكد على أن قرار ديوان التفسير يتوقف أثره بمجرد تعديل النص القانوني.
وما يذكر بأن قرار ديوان تفسير القوانين قد تسبب بالعديد من حالات توقيف الإعلاميين في العامين الماضيين بعد أن كان قانون المطبوعات والنشر يخلو من العقوبات السالبة للحرية.
وفيما يلي نص المطالعة القانونية:
أيام قليلة تفصلنا عن سريان القانون المعدل لقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 32 لسنة 2017، الذي يبدأ سريانه بتاريخ 26/2/2018 الموافق ليوم الإثنين، ومع هذا اليوم يمضي توقيف الصحفيين إلى غير رجعة، حيث تضمن القانون المعدل إلغاءً صريحا لنص المادة (114) من القانون السابق التي بني عليها قرارات عديدة أدت بنتيجتها إلى توقيف أصحاب القلم والصوت وعديد من الإعلاميين اللذين عرفناهم في ميدان حرية الرأي والتعبير.
ومع تأكيدنا المسبق على أن قانون المطبوعات والنشر هو قانون خاص ويقيد كافة القوانين الأخرى بصريح نص المشرع في مطلع المادة (42) منه على عبارة “على الرغم مما ورد في أي قانون آخر” واستثناء هذه المادة في الفقرة ” ط ” منها للتوقيف نتيجة إبداء الرأي ونشره في وسائل النشر المنصوص عليها في المادة الثانية منه وهي:
المطبوعة: كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني او الكلمات او الافكار بأي طريقة من الطرق بما فيها الوسائل الالكترونية او الرقمية او التقنية.
المطبوعة الدورية: المطبوعة الصحفية والمتخصصة بكل انواعها والتي تصدر في فترات منتظمة وتشمل: –
المطبوعة الصحفية وتشمل ما يلي: –
1. المطبوعة اليومية: المطبوعة التي تصدر يوميا بصورة مستمرة باسم معين وأرقام متتابعة وتكون معدة للتوزيع على الجمهور.
2. المطبوعة غير اليومية: المطبوعة التي تصدر بصورة منتظمة مرة في الأسبوع او على فترات أطول وتكون معدة للتوزيع على الجمهور.
3. المطبوعة الالكترونية: موقع الكتروني له عنوان الكتروني محدد على الشبكة المعلوماتية يقدم خدمات النشر، بما في ذلك الاخبار والتقارير والتحقيقات والمقالات والتعليقات، ويختار التسجيل في سجل خاص ينشأ في الهيئة بموجب تعليمات يصدرها الوزير لهذه الغاية.
المطبوعة المتخصصة: المطبوعة التي تختص في مجال محدد وتكون معدة للتوزيع على المعنيين بها او على الجمهور وذلك حسبما تنص عليه رخصة اصدارها.
وتأكيدنا أيضا على أن كافة الجرائم التي ترتكب بواسطة الوسائل أعلاه ووسائل الإعلام المرئي والمسموع مستثناة من نطاق تطبيق أحكام المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بشقيها الساري الآن والذي سيسري في يوم 26/2/2018، لعلة ان قانون المطبوعات والنشر نص صراحة في المادة (42/ط) على:
1. لا يجوز التوقيف نتيجة ابداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير.
2. كما لا يجوز التوقيف في الجرائم المشار اليها في الفقرتين (أ) و (ب) من هذه المادة.
فإن هذا النص وهو نص آمر ومقيد لكافة القوانين لصريح النص فيه على عبارة ” على الرغم مما ورد في أي قانون آخر ” فضلا عن أن النص قد بدأه المشرع بصيغة النهي؛ النهي عن توقيف أي شخص تشكلت بحقه جريمة معاقب عليها في أي قانون وكان قوامها ” الركن المادي للجريمة ” العبارات التي صدرت عن الشخص، إذا وقعت بوسيلة من الوسائل المشار إليها سابقا، وتأييد ذلك القراءة الموحدة لنص المادة (42) وتفسيرها كوحدة واحدة، حيث نص المشرع صراحة على عدم جواز التوقيف في الجرائم التي ترتكب خلافا لأحكام قانون المطبوعات والنشر والجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات والجرائم التي ترتكب بواسطة وسائل الإعلام المرئي والمسموع، بما في ذلك الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات إذا ارتكبت بواسطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع. حيث نصت المادة (42) من قانون المطبوعات والنشر على:
على الرغم مما ورد في اي قانون اخر:
أ‌. تنشأ في كل محكمة بداية غرفة قضائية متخصصة لقضايا المطبوعات والنشر تتولى النظر في القضايا التالية: –
1. الجرائم التي ترتكب خلافا لأحكام هذا القانون والجرائم التي ترتكب بوساطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها خلافا لأحكام أي قانون آخر.
2. الدعاوى المدنية التي يقيمها أي متضرر للمطالبة بالتعويض المقرر له بمقتضى أحكام القانون المدني وأحكام هذا القانون إذا نتج الضرر من أي فعل ارتكب بوساطة أي من المطبوعات أو وسائل الاعلام المرئي والمسموع.
ب‌. تختص غرفة قضايا المطبوعات والنشر لدى محكمة بداية عمان دون سواها بالنظر في القضايا التالية: –
1. القضايا الجزائية والمدنية المشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة إذا كانت داخلة ضمن اختصاص المحاكم الواقعة في محافظة العاصمة.
2. الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي والخارجي المنصوص عليها في قانون العقوبات النافذ إذا تم ارتكابها بوساطة المطبوعات أو وسائل الإعلام المرئي والمسموع المرخص بها.
ج‌. تعطى القضايا الجزائية المشار إليها في البند (1) من الفقرة (أ) وفي الفقرة (ب) من هذه المادة صفة الاستعجال، وتنعقد جلساتها مرتين في الاسبوع على الأقل، وعلى أن يفصل فيها خلال أربعة أشهر من تاريخ ورودها قلم المحكمة.
د‌. يراعى في دعاوى التعويض المدني المشار إليها في البند (2) من الفقرة (أ) وفي البند (1) من الفقرة (ب) من هذه المادة الأحكام التالية: –
1. تكون دعاوى التعويض المدني في تلك الحالات من الدعاوى المستعجلة ويتم إنقاص جميع مدد تقديم اللوائح وتبادلها والبينات المنصوص عليها في المادة (59) من قانون أصول المحاكمات المدنية إلى النصف ودون أن تكون هذه المدد قابلة للتمديد، وتنعقد جلسات المحاكمة فيها بعد ذلك مرتين في الاسبوع على الأقل وعلى أن يفصل فيها خلال أربعة أشهر من تاريخ ورودها قلم المحكمة.
2. يتم إنقاص مدد الطعن وتقديم اللوائح وتبادلها أمام محاكم الاستئناف ومحكمة التمييز إلى النصف.
ه‌. ينشأ في كل محكمة استئناف غرفة قضائية متخصصة للنظر في الطعون الموجهة إلى الأحكام المستأنفة إليها الصادرة عن محاكم البداية بشأن القضايا الجزائية والمدنية المشار إليها في الفقرتين (أ) و (ب) من هذه المادة، على أن يتم الفصل في تلك الطعون خلال شهر من تاريخ ورودها قلم المحكمة.
و‌. يتولى المدعي العام التحقيق في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات واصدار القرارات المناسبة بشأنها خلال مدة لا تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ مباشرته التحقيق وينتدب لهذه الغاية أحد المدعين العامين.
ز‌. تقام دعوى الحق العام في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات الدورية على المطبوعة الصحفية ورئيس تحريرها او مدير المطبوعة المتخصصة وكاتب المادة الصحفية كفاعلين اصليين ويكون مالك المطبوعة مسؤولا بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية المترتبة على تلك الجرائم وعن نفقات المحاكمة ولا يترتب عليه اي مسؤولية جزائية الا إذا ثبت اشتراكه او تدخله الفعلي في الجريمة.
ح‌. تقام دعوى الحق العام في الجرائم التي ترتكب بواسطة المطبوعات غير الدورية على مؤلف المطبوعة كفاعل أصلي وعلى ناشرها كشريك له وإذا لم يكن مؤلفها او ناشرها معروفا فتقام الدعوى على مالك المطبعة ومديرها المسؤول.
ط‌. 1. لا يجوز التوقيف نتيجة ابداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير.
2. كما لا يجوز التوقيف في الجرائم المشار اليها في الفقرتين (أ) و (ب) من هذه المادة.
 
وبالعودة على ذي بدء وإلى الآثار التي ستنشأ عن نص المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل، وباستقراء ما نصت عليه:
1. ان التوقيف هو تدبير استثنائي، ولا يكون التوقيف إلا إذا كان هو الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود او على المجني عليهم او لمنع المشتكى عليه من اجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرضين عليها أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المشتكى عليه نفسه أو وضع حد لمفعول الجريمة أو الرغبة في اتقاء تجددها أو منع المشتكى عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة.
2. بعد استجواب المشتكى عليه، يجوز للمدعي العام أن يصدر بحقه مذكرة توقيف وفق ما تقتضيه الفقرة (1) من هذه المادة لمدة لا تتجاوز سبعة أيام إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه بالحبس مدة تزيد على سنتين، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما إذا كان الفعل المسند إليه معاقبا عليه قانونا بعقوبة جنائية وتوافرت الأدلة التي تربطه بالفعل المسند إليه، ويجوز له تمديد أي من هاتين المدتين كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك على أن لا يتجاوز التمديد شهرا واحدا في الجنح وثلاثة أشهر في الجنايات المعاقب عليها قانونا بعقوبة مؤقته وستة أشهر في الجنايات الاخرى، وعلى أن يفرج عن المشتكى عليه بعدها ما لم يتم تمديد مدة التوقيف في حالة الجناية وفق أحكام الفقرة (4) من هذه المادة.
3. تسري أحكام التوقيف والتمديد المشار إليها في الفقرة (2) من هذه المادة على المشتكى عليه المسند اليه احدى الجنح المعاقب عليها قانونا بالحبس مدة لا تزيد على سنتين في أي حالة من الحالتين التاليتين:
أ‌. إذا كان الفعل المسند إليه من جنح السرقة أو الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود الناجم عن حوادث السير إذا كان الفاعل مخالفا لأحكام قانون السير النافذ من حيث القيادة دون رخصة أو القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية.
ب‌. إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة، على أن يفرج عنه إذا قدم كفيلا يوافق عليه المدعي العام يضمن حضوره كلما طلب إليه ذلك.
4. إذا اقتضت مصلحة التحقيق في قضية جنائية قبل انتهاء المدد المبينة في الفقرة (2) من هذه المادة استمرار توقيف المشتكى عليه وجب على المدعي العام عرض ملف الدعوى على المحكمة المختصة بنظر الدعوى، وللمحكمة بعد الاطلاع على مطالعة المدعي العام وسماع أقوال المشتكى عليه أو وكيله حول مبررات استمرار التوقيف من عدمه والاطلاع على أوراق التحقيق أن تقرر قبل انتهاء تلك المدة تمديد مدة التوقيف لمدة لا تتجاوز في كل مرة ثلاثة أشهر في الجنايات على أن لا يزيد مجموع التوقيف والتمديد في جميع الأحوال على سنة في الجنايات المعاقب عليها قانونا بعقوبة مؤقتة أو ثمانية عشر شهرا في الجنايات الأخرى، أو أن تقرر الإفراج عن الموقوف بكفالة أو من دونها.
5. في جميع الأحوال، إذا كان الفعل المسند إلى المشتكى عليه معاقبا عليه بعقوبة جناية مؤقتة، فلا يجوز أن تزيد مدة التوقيف والتمديد في مرحلتي التحقيق والمحاكمة على ربع الحد الأقصى لعقوبة المحددة للجريمة.
6. للمدعي العام أن يقرر أثناء إجراءات التحقيق في الجرائم الجنحية والجرائم الجنائية المعاقب عليها قانونا بعقوبة مؤقتة استرداد مذكرة التوقيف على أن يكون للمشتكى عليه محل إقامة ثابت في المملكة ليبلغ فيه جميع المعاملات المتعلقة بالتحقيق وإنفاذ الحكم.
فإنه يستخلص من النص المعدل في المادة (114) أن التوقيف لا يقع إلا إذا تحققت الحالات الواردة في النص حصراً وهي:
1. إذا كان الفعل المسند إلى المشتكى عليه معاقب عليه بالحبس مدة تزيد على سنتين.
2. إذا كان الفعل المسند إلى المشتكى عليه معاقبٌ عليه قانونا بعقوبة جنائية وتوافرت الأدلة التي تربطه بالفعل المسند إليه.
3. جنح السرقة أو الإيذاء المقصود أو الإيذاء غير المقصود الناجم عن حوادث السير إذا كان الفاعل مخالفا لأحكام قانون السير النافذ من حيث القيادة دون رخصة أو القيادة تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات أو المؤثرات العقلية.
4. إذا لم يكن للمشتكى عليه محل إقامة ثابت ومعروف في المملكة.
وتوافرت أحد الشروط التي ورد النص عليها صراحة بأن يكون التوقيف الوسيلة الوحيدة للمحافظة على أدلة الإثبات أو المعالم المادية للجريمة أو للحيلولة دون ممارسة الإكراه على الشهود او على المجني عليهم او لمنع المشتكى عليه من اجراء أي اتصال بشركائه في الجريمة أو المتدخلين فيها أو المحرضين عليها أو أن يكون الغرض من التوقيف حماية المشتكى عليه نفسه أو وضع حد لمفعول الجريمة أو الرغبة في اتقاء تجددها أو منع المشتكى عليه من الفرار أو تجنيب النظام العام أي خلل ناجم عن الجريمة.
وبالبناء على ما تقدم، فإن المشرع ربط التوقيف بحالات وشروط محددة وهي المنوه عنها أعلاه، وفي حال عدم توافرها لا يستقيم القول بصحة التوقيف كتدبير إستثنائي في مرحلة التحقيق، وبالرجوع إلى العقوبات المقررة بقانون المطبوعات والنشر على كافة الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات نجد أنها الغرامة، ولم يتضمن القانون أي نص يقضي بعقوبة الحبس، وكذلك الحال في قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي تضمن عقوبة الغرامة وإلغاء رخصة البث دون النص على عقوبة الحبس، مما نجد معه أن كافة الجنح الواردة في قانون المطبوعات والنشر وقانون الإعلام المرئي والمسموع تخرج عن عِداد وحالات وشروط التوقيف المنصوص عليها في المادة (114) من القانون المعدل للأصول الجزائية. وتكون الجرائم الواقعة خلافا لأحكام قانون المطبوعات والنشر وقانون الإعلام المرئي والمسموع وجرائم النشر التي ترتكب بواسطة المطبوعات وبواسطة وسائل الإعلام المرئي والمسموع، من الجرائم التي لا تسري عليها أحكام وحالات التوقيف، فضلا عن النص الصريح في المادة (42/ط) من قانون المطبوعات والنشر التي نصت على عدم جواز التوقيف نتيجة إبداء الرأي.
ومن باب سد الذرائع ومنعاً لتطبيق النص التشريعي الذي صدر بموجب قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم 8 لسنة 2015 تاريخ 19/10/2015 والذي نص على أنّ جرائم الذم والقدح المرتكبة أو المقترفة خلافاً لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية من خلال المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تسري عليها هذه المادة والمادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس المادتين (42) و (45) من قانون المطبوعات والنشر، فإن هذا التفسير قد صدر بالاستناد إلى نص تشريعي سيصبح لاغيا بحلول يوم الإثنين 26/2/2018، حيث استند التفسير إلى نص المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الساري حتى تاريخ 25/2/2018، وسيصبح هذا التفسير لاغيا بموجب الأثر الفوري المباشر لسريان أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل رقم (32) لسنة 2017، إعمالا لنص المادة (123) من الدستور الأردني، التي نصت على:
1. للديوان الخاص حق تفسير نص اي قانون لم تكن المحاكم قد فسرته إذا طلب اليه ذلك رئيس الوزراء.
2. يؤلف الديوان الخاص من رئيس اعلى محكمة نظامية رئيسا وعضوية اثنين من قضاتها واحد كبار موظفي الادارة يعينه مجلس الوزراء يضاف إليهم عضو من كبار موظفي الوزارة ذات العلاقة بالتفسير المطلوب ينتدبه الوزير.
3. يصدر الديوان الخاص قراراته بالأغلبية.
4. يكون للقرارات التي يصدرها الديوان الخاص وتنشر في الجريدة الرسمية مفعول القانون.
5. جميع المسائل الاخرى المتعلقة بتفسير القوانين تقررها المحاكم عند وقوعها بالصورة الاعتيادية.
وعلى ذلك استقر قضاء محكمة التمييز الموقرة، حيث جاء في القرار الصادر عن محكمة التمييز بهيئتها العامة رقم (3738/2016) تاريخ 4/1/2017:
اما بخصوص احتجاج المميز بشمول العقد موضوع الدعوى بالقرار التفسيري رقم (3) لسنة (2010) فانه لا يؤخذ بهذا الاحتجاج بسبب ان القرار التفسيري المذكور صدر في ظل ما كانت عليه صياغة البند (1) من القانون رقم (17 لسنة 2009) التي جرى تعديلها بموجب القانون رقم (22 لسنة 2011) وبموجب هذا التعديل فقد تم نسخ القرار التفسيري باعتبار ان القرار التفسيري له مفعول القانون الذي فسره بموجب المادة (123/4) من الدستور ولا يجوز التمسك بأحكام قرار ديوان تفسير القوانين رقم (3 لسنة 2010) والقرارات القضائية الصادرة قبل التعديل (رجوعا عن اي اجتهاد قضائي سابق ).
وكذلك الأمر في قرار محكمة التمييز الموقرة بهيئتها العامة في القضية رقم (1468/2003) تاريخ 7/4/2004 وجاء فيه:
وأمّا ما ورد في قرار ديوان التفسير رقم 2 لسنة 99 فهو يتعلق بالغرامة الجزائية المنصوص عليها في المادة 35/أ وب من قانون الضريبة العامة قبل تعديلها ولا يشمل الغرامة المدنية المنصوص عليها في الفقرة ج من ذات المادة، وهذه النتيجة المنطقية هي التي تستقيم في تفسير قرار ديوان التفسير ويتوحد التفسير للغرامات التي يشملها العفو العام في قانوني الجمارك والضريبة العامة على المبيعات.
لذا فإن السوابق القضائية لمحكمة التمييز الموقرة تؤكد أن النصوص المعدلة من بعد سريانها وإن كانت قبل تعديلها قد تضمنت قرار بتفسيرها من الديوان الخاص بتفسير القوانين، فإن هذا التفسير ” القرار ” يتوقف أثره بمجرد تعديل النص، والعلة في ذلك أن التفسير تم بالاستناد إلى النص وأن التعديل على النص يؤدي إلى تغير النص الذي استند إليه التفسير وأن هذا التعديل ينسخ النص الذي سبق للديوان الخاص وأن فسره ولما كان الأمر كذلك فإن التعديل الذي أجراه المشرع على نص المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية هو تعديل ناسخ للقرار الصادر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم 8 لسنة 2015 تاريخ 19/10/2015.
مع التأكيد على أن لنا تعليق قانوني يرجع إلى أصول التفسير للقوانين، حيث توصلنا لهذا الرأي بعد مراجعة وافية لفقه تفسير القوانين وما استقر عليه قضاء التمييز الموقر بهذا الخصوص وقضاء المحكمة الدستورية في الأردن ومصر، إذ نرى:
إن القرارات التي تصدر عن الديوان الخاص بتفسير القوانين إعمالا لسلطاته الدستورية المنصوص عليها في المادة (123) من الدستور، لها بصريح نصها قوة القانون، ومن ثم فإنها تتناول بالتنظيم كل ما يتناوله القانون، بما في ذلك المسائل التي نص الدستور على أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقا لأحكام القانون؛ فإذا تضمن القرار بتفسير قانون قيدا على حق أو حرية عامة يعطل الانتفاع بها أو يضيق من نطاقها، وقع هذا القرار في دائرة المخالفة الدستورية لخروجه على الحدود التي رسمها الدستور في مجال تنظيمها.
 
ونظامنا التشريعي انعكاسا لروح دستورنا قرر صراحة حق نشر الآراء والأفكار من خلال الصحافة وغيرها من وسائل التعبير وأدواته وجعل هذا الحق حقا مكفولا لكل مواطن، فكان غرض المشرع الدستوري التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول دون إعاقتها أو فرض قيود مسبقة على نشرها، ومرد ذلك في تقدير المشرع الدستوري ضرورة لازمة لا يقوم بدونها العمل الوطني سويا على قدميه، فنشر الآراء التي تراقب عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية ينهض بهما ويدفعهما إلى مزيد من الحرص على تجنب الهفوات والأخطاء، ونشر الآراء ضرورة لازمة للسلوك المنضبط بشقيه العام والخاص في الدول الديمقراطية، ويحول دون الإخلال بحرية المواطن وحقه في أن يعلم، وأن يكون في ظل ازدحام المعلومات قادرا على النفاذ إلى الحقائق الكاملة، ومصادرة هذه الحرية تصادر الحق في الحوار العام، وهو حق يتعين أن يكون مكفولا لكل مواطن وعلى قدم من المساواة الكاملة.
والنص التشريعي في قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم 8 لسنة 2015 تاريخ 19/10/2015 قد نص على أنّ جرائم الذم والقدح المرتكبة أو المقترفة خلافاً لأحكام المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية من خلال المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تسري عليها هذه المادة والمادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وليس المادتين (42) و (45) من قانون المطبوعات والنشر، وبذلك قد ألغى نصا تشريعيا خاصا أقره المشرع في المادة (42/ط/1) من قانون المطبوعات والنشر، فالأصل وفقا لهذا النص، عدم جواز التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير، توكيدا لمرامي المشرع الدستوري في صون وحماية حرية الرأي والتعبير، مؤكدا لها في كل جوانبها وجزئياتها، وينبني على هذا الإلغاء، انحدار مرتبة حرية الرأي والتعبير من مرتبة الحقوق المتقدمة، إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية خلافا لإرادة المشرع الدستوري، التي تقرأ من خلال ترتيب الحقوق، ضمن وثيقة الدستور.
كما أن النص التشريعي الوارد في قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين تطرق إلى تفسير نصوص قانونية سبق للمحاكم وأن فسرتها، فصلاحية الديوان الخاص بتفسير القوانين منحصرة بتفسير القانون الذي لم تكن المحاكم قد فسرته، وقد سبق لمحكمة استئناف عمان الموقرة بقرارها رقم (6156/2012) تاريخ 17/4/2012 قد فسرت مفهوم المطبوعة الإلكترونية وبينت مفهوم الموقع الإلكتروني كما هي واردة في فصل التعريفات من قانون المطبوعات والنشر، ثم فسرت في قرارها مقصد المشرع في المادة (42) من قانون المطبوعات والنشر، وقد ورد في الحكم المشار إليه ” إن التطور التكنولوجي على أدوات النشر ودخول النشر إلى عالم الشبكة المعلوماتية الانترنت وتحولها في المستقبل بالكامل إلى هذه الطريقة من النشر اجبر المشرع على التدخل واعتبار النشر في الوسائل الالكترونية جميعها يخضع لقانون المطبوعات والنشر للاستفادة من مزايا هذا القانون، وحيث أن الثابت أن الموقع الالكتروني غير مسجل حسب أحكام قانون المطبوعات والنشر فإنه يفقد المزايا الآتية:
أن تنظر الدعوى الغرفة المختصة ضمن اختصاص محكمة البداية، سرعة الفصل بالدعوى، وعدم تعرض الفاعل أو المسؤول عن الفعل إلى التوقيف أو الحبس، وهي الواردة في المادة (42) منه، إلا أن هذا التعريف الموسع للمشرع للوسائل والمواقع الالكترونية يجب أن يشمل فقط جانب المواقع الالكترونية التي تختص بالنشر والصحافة دون غيرها من أنواع المواد التي تستخدم الوسائل والمواقع الالكترونية في نشر موادها والتي لا تقع تحت حصر وعد ولذلك ونظرا لهذا التفسير للمعنى القانوني الوارد للمطبوعة الالكترونية ولغاية المشرع الواضحة من النص القانوني فان الموقع الالكتروني …”.
وينبني على ذلك أن تعرض الديوان الخاص بتفسير القوانين إلى تفسير المادة (42) من قانون المطبوعات والنشر يخرج عن دائرة اختصاصه دستوريا بصريح إرادة المشرع الدستوري في المادة (123/1) من الدستور التي نصت على أن للديوان الخاص حق تفسير نص اي قانون لم تكن المحاكم قد فسرته، إضافة إلى أن البناء القانوني للفقه التفسيري يستمد من مواصفات القاعدة القانونية، فالأصل وفقاً لنص المادة الثانية من القانون المدني أن لا مساغ للاجتهاد في مورد النص، والعلة في ذلك وضوح النص، وأن من صفات القاعدة القانونية اللاحقة تجنب تعارضها مع أي نص آخر نظم ذات الموضوع، ومرد ذلك المنع ما قضى به نص المادة الخامسة من القانون المدني، التي منعت إلغاء أي نص تشريعي إلا بموجب نص تشريعي لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، والنص على سريان أحكام المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تجيز التوقيف على الجرائم التي تقع بواسطة المواقع الإلكترونية، يلغي حتما نص المادة (42/ط/1) من قانون المطبوعات والنشر، التي أقرت عدم جواز التوقيف نتيجة إبداء الرأي بالقول والكتابة وغيرها من وسائل التعبير، وهنا يظهر التساؤل فيما إذا أهدر النص التشريعي ” قرار ديوان التفسير ” الكفالة الدستورية المقررة بنص المادة (8/1) من الدستور، وفيما إذا أقال قرينة البراءة التي كلفتها المادة (101/4) من الدستور، وهل أخل بضامنتين كفلهما الدستور، وهما حق كل مواطن في أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير على ما تقضى به المادة (15/1) منه، وكذلك ما قررته المادة ذاتها وكفلته في فقرتها الثالثة التي صانت حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام، وهل ينطوي النص التشريعي من ناحية أخرى على إهدار لنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها من الدستور التي تكفل للمواطنين حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي.
قد تكون الإجابة على كل هذه التساؤلات بـ لا، لعلة أن هذه الحقوق الدستورية لا يهدرها التوقيف بقرار سلطة التحقيق، وقد تكون الإجابة بـ نعم لعلة أن الطبيعة الزاجرة لقرار التوقيف نتيجة إبداء الرأي يَعْقِد ألسنة المعنيين بنشر آرائهم، ولعلة أخرى فإن طبيعة قرار التوقيف تشكل عبئاً مثبطاً لعزائم هؤلاء الحريصين على إظهار آرائهم، لأنهم يتحرجون من إعلانها، ولو كانوا يعتقدون بصحتها، بل ولو كانت صحيحة في واقعها، وذلك خوفا من سقوطهم بين من هو محكوم بقتل وآخر بسرقة بعد توقيفهم، ولعلة ثالثة منطوية على مخاطر واضحة، إذ من غير المحتمل أن يكون التعبير عن الرأي الصواب في الأوضاع المتصلة بالعمل العام بشقه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وما يتطلب ذلك من مغالاة في التعبير، وقسوة في النقد، لتصويب الاعوجاج، مؤديا إلى الإضرار بالناشر أو الكاتب، فيغدو التوقيف لجاما على صاحب الرأي، يولد رهبة في نفس من رأى الخطأ فامتنع عن القول به أو الإرشاد إليه، فأعمى بصره وبصيرته، قائلاً في نفسه، إن سلطان الحرية صمتاً أبلغ من قضبان القول خوفا، مما يعزز قمع هذا الحق الدستوري، إذ لا يجوز لأحد أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون.
وأخيرا فإن المضمون الحق لحرية الرأي والتعبير، وما كفله الدستور قولاً وروحاً، يعني إيجاد مساحة كافية لممارسة هذا الحق، دون أي عائق أو مانع، والقول بجواز التوقيف نتيجة إبداء الرأي يخلق قيداً يضيق المساحة، وأنه إذا أريد لحرية الرأي والتعبير أن تتقدم، فإن قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه.