هل يطيح الملك بالنخبة ؟ / بسام الياسين

هل يطيح الملك بالنخبة ؟ / بسام الياسين

{{{ وقالوا ربنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا }}} ……..صدق الله العظيم / الاحزاب / آية 67.

ليس صدفة ان يفتح الملك ملف النخبة في الجامعة الاردنية،ويختار الشباب عُدة المستقبل وعتاده لتمرير رسائله الناقدة و مطالبة الطلبة رفع اصواتهم عالياً، والانتقال من الفرجة عما يدور حولهم الى ممارسة الضغط والنقد لسلبيات المؤسسات، لثقته بهم وحبه لهم،استشفافاً من قوله:ـ ( عندما اعود من لقاء مع الشباب تلاحظ زوجتي الارتياح عليَّ،عكس عودتي من لقاء مع الاجيال الاكبر سناً ).الاصلاحات والحريات في ـ الارض كافة ـ لا تُمنح، خاصة ان نخبتنا المهترئة، متغلغلة في احشاء الدولة و ممسكة بمفاصلها.نزول الملك الى الميدان وهو ابن العسكرية،يعني ان لا مناص من حسم الامور،فقد بات واجب الوجوب، شن معركة لا تُبقي ولا تذر على هذه الشريحة المنحرفة التي نخرت البلد حتى وصل الفساد للركب.

نبرة الملك، تدل ان هناك رؤوساً قد تعفنت وحان قطافها،والسكوت على نخبة فاحت رائحتها لا يحتمل التسويف.فجاء حديث الجامعة الجامع لا على سبيل السرد الخبري والتعداد الإحصائي،من ملك يجلس على اعلى هرم المسؤولية بل قذائف موجهة بدقة لاهداف محددة :ـ الوزراء،النواب،الاحزاب،جماعة شد عربة الدولة لوراء الوراء،مجموعة مقاومة الاصلاح من حرس قديم وما انحدر من اصلابهم من ورثة ، حولوا المملكة لمزرعة.التحليل المنطقي للحديث الملكي،توقيتاَ،مكاناً،وزماناً يوحي بان الملك سيقود بلدوزر التجريف بنفسه،وان دورة عجلة التغيير باتت وشيكة واقرب من حبل الوريد.داعين الله ان نكون على صواب.

بلا فلسفة اهل الكلام الكلمنجية ، ولا تأويلات فرقة الباطنية الخبيثة وتحليلات اهل الظاهر الساذجة بتفسير النص.الملك اطلق رصاصة بدء الثورة البيضاء من شرفة ـ كلية الدراسات الدولية في الجامعة الاردنية ـ وان على راس اجندة الاصلاح محاسبة ومُساءلة الجميع بلا استثناء،والانتهاء من تدوير الوجوه وكأن الله لم يخلق مثلها في البلاد.هناك شخصيات انتهى عمرها الافتراضي تُعطل المسيرة ومؤسسات آيلة للسقوط الخلاص منها ـ يقع تحت باب ” السلامة العامة “،الحل الجذري لا يكون الا بإنتفاضة شاملة،و اطلاق صافرة التحولات بكنس القطاع العام من ترهلاته ،معالجة تكلس مفاصله، تنطيف تكيّس منابع خصوبته التي ادت الى عقمه. وزيرة القطاع العام مجد شويكة اعترفت ـ قبل ايام ـ ان قانون العقاب والثواب غير مُفعّل اذ ان 95% من الموظفين يحصلون على تقدير مستوى ممتاز وجيد جداً.هذا يذكرنا بالتوجيهي في مرحلة الغش والانفلات حيث تحول الكسالى الى العباقرة.

الامل معقود على الملك لا غيره، بعد ان خاب ظن الجميع بمؤسسات الدولة و اجهزتها ورجالاتها،خاصة بعد تغييب العتاولة من الرجال، وتفريغ الحياة السياسية من رموزها، منذ المرحلة العرفية حتى يومنا هذا تحت ذرائع كاذبة،نتج عنها قحط سياسي،جفاف اقتصادي،غياب الرؤيا،انعدام النبوءة المستقبلية،و تراكم المشكلات واستبداد العرفيون، العجزة سناً وقدراً والعاجزون كفاءة.لهذا لسنا بحاجة الى وزراء موظفين بل الى مبدعين،ولا الى نواب شعبويين بل الى مراقبين ومُشرعين، ولا احزاب دكاكين وحزبيين متسولين بل لمناضلين فاعلين. كل الفعاليات القائمة،ليست ذات مردود و اي كلام غير هذا مردود لانه خارج المنطق.النخبة التي تتسيد على المواطنيين وتسوس الوطن ليس في حسابها وطن ولا مواطن.فمنذ تأسيس المملكة،استخدمت هذه الشريحة الطُفيلية، نظرية الركوب المجاني في حافلة الدولة لاقصى مدى باشكال متعددة :ـالانتفاع بمرافقها،وضع اليد على وظائفها العليا،العلاج المجاني في الخارج،سيارات بلا جمارك او جمارك صورية،التهرب الضرائبي،استغلال ما يمكن استغلاله بالاستناد موروثات بائدة ومزاعم خادعة.

النخبة من “الحرس القديم”، نقيض الشباب وضد الاصلاح،مشكوك بطهارة يدها لدى العامة حتى لو اغتسلت بماء زمزم. ان نظرة فاحصة على الآعيبها،قصورها،ارصدتها،اساطيل سياراتها تكشف المخبوء من افاعليها دون حاجة الى مكافحة نزاهة،جعجعة النواب،زهايمر الاعيان.الادهى ان المقعد النيابي صار مغنماً،منصة للزعبرة.فاذا اسقطنا قانون ـ العملة الرديئة تطرد الجيدة ـ فلا مكان للشباب ولا فرصة لإهل الكفاءة والخبرة لان النخبة ومعها الابناء،المحاسيب،الازلام احكمت قبضتها على مفاتيح البلد،بالرغم لا دليل على تميزها و كذبة الولاء والانتماء التي تسوّقها على البسطاء والجهلة باتت مكشوفة.لهذا يجب تفكيك هذه الشريحة للخلاص من شرورها.

في ـ بلاد بره ـ النخبة هي المثال والقدوة،رمز العطاء والتضحية،النموذج الوطني للبناء و الاعمار، المثل الاعلى للطهارة الوظيفية،الاستقامة السلوكية.عندنا هم هي البلاء والعلة،امراضها لا تُعد ولا تُحصى،تعاني من مراهقة سياسية، لم تبلغ سن الحاكمية الرشيدة،مهووسة بالمناصب،مدمنة على الالقاب،مولعة بالثروة.اوهمتنا انها ستأتي بالمعجزات فاكتشفنا انها تفتقر للمهنية. احاديثها مخزية،بعض افرادها يتكلم في سذاجة الاطفال،وبعضهم الآخر يحكي بعنصرية ويُمجّد الكراهية الكريهة،لغتهم لا تمت للسياسية وتفتقر للحصافة والكياسة.هؤلاء كان وصولهم قمة الخسارة.تراهم في كل يوم يبتكرون الف طريقة للنصب و الف وسيلة للأفلات من الادلة.

نخبة هي وصمة عار، ناقصة خلق ووطنية،مكشوفة السوءة،يدها طويلة وتطلعاتها دنيئة.شخصياتها طبول فارغة وحناجر منزوعة اوتارها الصوتية في اوقات الشدة للدفاع عن البلد واهله.لا مواقف لها ولا ثقافة. جاءت على ظهور دبابات الواسطة،و بارجات المحسوبية،وقاذفات الجهوية على حساب اهل الكفاءة والخبرة. لهذه الاسباب حل الخراب مكان العمران والاقتراض بدل الاعتماد على الذات.فاشلون هم لم يتركوا اثراً.مشبوهون منذ طفولتهم المبكرة حتى ابيضاض شعر حواجبهم . بفضل ـ قلة دينهم ـ وفضائلهم الملوثة اصبحت حالتنا تُبكي الاموات في قبورهم على احوالنا.فالى متى نبقى بلا معنى ؟!.

لا يوجد اليوم في قاموس الاردني الا كلمتان خفيفتان على اللسان،ثقيلتان في ميزان الحساب :ـ الخبز و الاصلاح.لهذا آن الأوآن للملك ان يقلب صفحة النخبة الفاسدة،و آن للحرس القديم ان يخجل على نفسه و ان ينسحب الى اوكاره مُلملماً سوء افعاله و اذيال خيبته. دعوتنا خالصة لوجه الله، لشق طريق جديد آمن وسريع للاصلاح،فقد جاءت شرارة الاحتجاجات من ” جهنم الاسعار” لكن الهتافات وصلت عنان السماء، مطالبة بحرب شعواء على الفساد و اهله الفاسدين والتسريع باصلاح الحكومة،النواب،الاحزاب،المؤسسات المستقلة،الاعيان.هنا تتجلى ميزة القائد الرؤيوي باختراق حواجز الحرس القديم ورفع متاريس النخبة اللا مرغوبة، وإزالة المطبات المعوقة،من اجل تأسيس الحلم المستحيل ببناء دولة عصرية مثل تركيا ،ماليزيا فوق الانقاض، لتحقيق المعجزة.معجزة الخلق الجديد،ولنا في الانباط درساً وعبرة ،كيف نحتوا مملكتهم في الصخر باصابع ناحلة مدماة،فصاروا اسطورة لا تُمحى ولا تبلى