هل ينقلب الشعب على استحماره وينهض ؟/ فوأد بطاينه

هل ينقلب الشعب على استحماره وينهض ؟/ فوأد بطاينه
لن تنقلب هذه الشعوب على استحمارها وتنهض ما لم تبحث عن ذاتها وترتقي ، فالكتاب لم يغادروا من متردم . *

مع شديد تقديري للحمار ، فهو حيوان خُلق لخدمة سيده الانسان ، قدر له أن يكون غير ناطق ومتبلد الإحساس ، ونشعر بإحساسه بالنهاق عندما يستشيط سعادة أو ألما . هذا الحيوان أصبح نادرا في بلاد اوروبا والغرب عموما مع تقدم التكنولوجيا والمؤسسيه التي تضبط شفافية العمل وتوفِر على الخزينة بفضل وعي شعوبها اولا . وخوفا من انقراضه يضعونه اليوم في حديقة الحيوانات ويؤمنون احتياجاته بقانون .*

أما في البلاد العربية فالمراقبون يخلطون بين الحمير والاستحمار. حيث استلهمت الأنظمة العربية من هذا المخلوقات سياسة الاستحمار لصفاتها التي تتفق مع تعدي الحاجة لها كركائب وتعظيمها . فلا كلفة ولامطالب لها أكثر من إطعامها من المتيسر إن تيسر من تبن وشعير او خشاش الارض ،وإن لم يتوفر هذا فهي حيوانات صبورة ولا حيلة لها .*

هذا الاستلهام ، والنتائج التي نحصدها هي من واقع السلوك المستكين لشعوبنا ، بصرف النظر إن كان هذا السلوك موروثا أو أجبرت عليه ؟ . وفي هذه الحالة لمن الكتابة إذا ؟ ولمن الخُطب والرسائل ؟ هل هي للجلادين الذين يعيشون حالة الملوك التي لا يرى فيها الحاكم شعبا آدميا من حوله ، أم لشعب مستحمَر تحت وطأة التهديد بطعامه او ببساطير العسكر ؟ إنها بالتأكيد ثرثرة . *

لم يترك الكتاب والمنظرون شيا لم يكتبوا به ولم يعد هناك سبقا لصحفي ، ولا حاجة للقراءة أيضا . فشعوبنا تعيش الأحداث وتترجم معاناتها شعرا ونوادر ، وتواجهها بالصبر والدعاء ، . والعلة الأساسية هنا ، بأن الحكام يعرفون ادراك شعوبهم لكل هذا وبأنها تصمت وتمرر ، ومن هنا يستمرون ويصعدون على قاعدة الاستحمار الإلزامي لهذه الشعوب التي استسلمت في الواقع لليأس وللتعايش مع واقعها كخيار يبلد إحساسها ويعدم فعلها . فالكذب والخداع والتضليل لدى أنظمتنا لا يحتاج الى سيناريو وإخراج ، ولا لتسويق منطقي ..*

من يتابع اقوال وسلوك حكامنا وأبواقهم الاعلامية ويضعها في شريط تسجيل ويسمعها يجدها تصلح لمسلسل لأطفال لا يعقلون . وفي الواقع هم يرسلون كلامهم لمن يصدقه ويبتلعه وليس لمن يفهمه .. وأخرها بيان حكومة الأردن من طرف واحد والذي مفاده ، إن الجاهة العشائرية التي قادتها امريكا تمخضت عن صلحة مع اسرائيل بدون عطوة عشائرية بعد أن أذعنت الاخيرة صاغره لمطالبنا وباتت ارضية التعاون معها جاهزه .*

حكامنا أصبحوا لا يخجلون من العار ولا مما يُخجِل الانسان أمام الإنسان بحكم أنهم أمام شعوب تنام على استحمارها وتأبى أن ترتقي وتعبر عن احساسها بطريقة بشرية تاريخيه . وكل واحد فينا يعلم حقيقة أن هؤلاء الحكام يختزلون دولهم بأشخاصهم . ومع ذلك يستمر الإعلاميون المتحذلقون والنخب السياسية الخرقاء او الوصولية وتحمِّل مسئولية المآسي والقرارات لرئيس الحكومة وللدمى البشريه ويقولون ” ليسقط رئيس الحكومة ” مع علمهم بأن هذا الرئيس وغيره من الرؤساء لا حول لهم ولا قول فيما يجري مع بقاء النهج القائم ، . فتتلوه شعوبنا تهتف يسقط رئيس الحكومة . فهل شعوبنا تجهل حدود هؤلاء وتجهل بأن مواجهة نهج الحكام في التاريخ البشري قوبل بوعي الشعوب ، وبصدق انتماء النخب الوطنية لا بالجهل والنفاق والاستسلام *

لتبحث هذه الشعوب عن ذاتها أولا ، وتجدها . إنها ليست في قصور القيصر ولا في إيوانات كسرى ولا في اصنام تُعبد . ولتقرأ ما هو أبعد مما يتيسر لها من عناوين مضللة توضع امامها ، وتتجنب الطفو على شبر من الماء ، وتصر على أن تكون حاضرة على مستقبلها رغم وطأة الفقر والقهر والصراع مع الموت والإذلال . لقد تولت القناعة لدى حكامنا بأن الفقراء في بلادنا لا يتكلمون بالسياسة ولا يعملون بها بل تزداد استكانتهم مع تعاظم فقرهم تحت وطأة حاجاتهم الأساسية وحاجات حبات قلوبهم ، فيسعى هؤلاء الحكام مع أعداء الأمة لتوسيع هذه الطبقة الفقيرة ، لتبقى الشعوب في صراع مع الموت لا معها . وهذا خطأ تاريخي ترتكبه شعوبنا بحق نفسها لم ترتكبه شعوب أخرى . *

الأردن أكثر الدول العربية أمنا حتى لوكان هشا ومصطنعا وعلى صفيح ساخن ، ولكنه أقلها أمانا . وشعبه الأكثر تهميشا وخضوعا للضرائب بقانون وبدون قانون ، والأكثر معاناة واسهاما في مال الدولة لحساب الفساد والفاسدين ، وفي الدم المساح . والطبقة الفقيرة تزداد فيه ويتعمق فقرها باستهداف المتوسطه . واقول بأنه الأقل أمانا ليس لهذا فقط ، بل لأنها الدولة الوحيدة في العالم التي يواجه كيانها السياسي الأردني (كدوله) خطر الاستهداف الصهيوني المعلن اسرائيليا وصهيونيا ، والمكان المعين والمعلن لتصفية اقدس وأعدل قضية عرفها الانسان في العصر الحديث *
.
سيدي إنك لا تريدنا أن ننطق بمقولة الوطن البديل ، ولكن لسنا نحن من يقول بالوطن البديل ، بل هم من يقولون ويعلنون ويسمونه الوطن الأصيل ، وما بدلوا قولهم يوما بل يترجمونه الى أفعال على الأرض الفلسطينية ، والسؤال المطلوب إجابته هو كيف نمنعهم من تحقيق هدفهم . أما أن تقولوا لنا بأن كلامهم هراء أو أنكم أخذتم تطمينا من الادارات الأمريكية ، فنحن وإياكم نعرف مصداقية أمريكا ونعرف صفرية قدرتنا بنهجنا السياسي ووضعنا الداخلي على مواجهتها ومواجهة اصحاب الهراء هؤلاء .*

فنحن اليوم في مرحلة فرض الحلول وقد “ردوا النقا علينا ” . فامريكا فرضت نفسها قاضيا ومنفذا بصمت العالم وشطبت ملف القدس عن الطاوله وهي اصعب الملفات ولم يكن بامكاننا عمل شئ ، فكيف نكون مع باقي ملفات القضية ؟ ، وتطلبون منا السكوت ونحن لا نشاهد تغييرا في نهجنا الخارجي والداخلي الذي وصلنا به لهذه المرحلة الحرجة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . ألا يستحق الأمر البحث في نهج أخر على سبيل نظرية ،، التجربه والخطأ ،، .*

ما زال المتكلمون علناً بالشأن العام في الاردن على خلفية قرار سياسي او اقتصادي اومشكلة مستعصية الحل يحملون المسئولية للنواب والحكومة ، ومنها على سبيل المثال الهجمات الضريبيه ، التي جعلت من الحكومة والشعب عدويين لبعضهما وجعلت من النواب فاقدي الشرعية شعبيا ، ولا ينفك المتكلمون يصيحون من فشل وعدم قدرة هذه الجهات على حلول غير مميتة ، ومع ذلك يُحْجِم الجميع عن القول او التساؤل، هل للملك دور فيما يجري أو دور في الحل ؟ إنهم يعلمون تماما بأن الحكومة ان كانت هي صاحبة القرار فعليا او على سبيل الافترض ، فإنها لا تستطيع أن تقول كلمة “لا ” للملك الذي يعينها ويستبدلها ، ولا تناقشه ، ولا مجلس النواب يعصي امرا للملك ايضا . *

جوع الناس مدمر للخلق والعقيدة والدولة وللأمن المجتمعي . فكيف اذا كانت سياسات الدولة وراء ذلك . ما رأي الملك بما يجري ويكتب ويقال بالشارع الاردني وعلى الأثير . نتساءل عن المانع من تفاعله مع الراي العام المتشكل ، وعن عدم تدخله مباشرة عندما يسمع ألأمهات تستغيث والشعب يصرخ من هول الضرائب التي تشكل للأن اكبر ظلم وقع عليه وعلى مستقبل الدوله ، ويسمعهم يصبون جام غضبهم على الحكومة في رسالة غير مباشرة منهم للملك من واقع الاحترام او الخوف غير المبرر ؟ وهو الذي في كل خطاب له يبدي تعاطفه واهتمامه بمعيشة المواطن وبكرامته . نحن نتمنى حوارا وطنيا وحلولا وطنية . ونتمنى أن نرى الملك يجلس سريعا مع مسئولين وشخصيات أردنية يغرفها من علبة أخرى كي نسمع نقاشا وحوارا ورأيا أخر . فنحن مقادون جميعنا الى الهاويه وليس قدر علينا أن نصلها ، وبات الفيصل هو الوقت .