اللعب بالنار / رائد عبدالرحمن حجازي

اللعب بالنار / رائد عبدالرحمن حجازي

كان الكبار ومنذ نعومة أظفارنا يحذروننا من اللعب بالنار أوالإقتراب منها, لدرجة أن أحدنا أصبح يخاف الإقتراب من أي شيء مضيىء حتى لو كانت لمبة نيون . ومع ذلك كبرنا وعرفنا فيما بعد النار على حقيقتها . فهي ضرورية من ضروريات الحياة حين يتم استخدامها بشكل إيجابي مثل الطهي والتدفئة والتعقيم , وبنفس الوقت نتعوذ منها كما نتعوذ من نار جهنم حين تكون سلاحاً بيد عدونا أو جاهلاً يريد حرقنا بلهيبها .

للأسف بعض الكبار لا زالت تستهويهم فكرة اللعب بالنار . ربما لأنهم لم يصطلوا بلهيبها أو لم تلسعهم السنتها يوماً ما ؟ أو أنهم لا يعرفون أشكالها ؟ فالنار ليس من الضروري أن تكون ذات لهب أصفر أو أزرق لتحرق . فللنار أشكال وألوان . واليكم بعضاً من أشكالها .

هذا أحدهم يصطف على طابور الكاز وبيده عبوة بلاستيكية سعة لترين وربع , وأخر يعمل طول النهار بنقل الطوب ليؤمن لقمة الخبز وبضع حبات من البندوره لعياله , وذاك يُخرج ابنه من المدرسة ليساعده في البحث داخل حاويات النفايات , وإمرأة مات وزجها فجاعت هي وأبناؤها من شدة التعفف , ومريض وهن جسمه وقد حُرم من التأمين الصحي , وموظف بات يبكي قهراً لأنه لم يستطيع تأمين القسط الجامعي لإبنته , ومُسن افترش الأرض والتحف السماء , وصاحب دُكان قُتل في عملية سطو مُسلح , وفتى تم سلبه جهاراً نهاراً من قِبل أرباب السوابق , وعائلة ماتت إختناقاً بغاز الفحم لعدم امتلاكهم صوبة كاز أو غاز , وطالب مدرسة ينتعل حذاء بالي كان قد أحضره له والده من إحدى الحاويات … الخ .

أرأيتم كم هي أشكال النار متعددة ؟ وكم هم كُثر الكبار الذين يلعبون بالنار؟ متى ستستيقظون يا من نمتم على جِراح وأنين هؤلاء ؟ فإن لن تمسسكم نار الدنيا فأين تفرون من نار الأخرة ؟ اتقوا الله فيما بقي لكم من أعماركم .