جعجة بلا طحن / وليد الجراح
جعجة بلا طحن / وليد الجراح
في كل صباح وكبقية الايام يبدأ الروتين اليومي بالذهاب باحدى وسائل النقل على صوت المذياع .. يغرد تارة .. وتارة بسماع الشكوى والانين والتذمر من واقع الحال وهذا حال اغلب الاذاعات المحلية .
وكأن برنامج شكاوى المواطنين اصبح موضه لهذه الاذاعات والغريب ان المذيع وبمجرد سماع شكوى المواطن ينهال على الحكومه باللوم وهنا يرتاح المواطن وكأنه اخذ حقنة مهدئة ( تنفيسه بالعقل) .
وعند وصولي للعمل يبدأ جميع من اقابلهم من مواطنين او موظفين او غيرهم بالشكوى والتذمر من الحكومه ولسان السخط والغضب مهيمن على الساحة ويقولون ويسبون ما يشاؤون ولكن قافلة الحكومة تمضي مسرعة ولا تأبه لهم.
وعند تصفح الجرائد اليوميه او مشاهدة التلفاز المحلي فان لسان حالهم لا يختلف عن لسان الشارع والاذاعات الصباحية فهم يكتبون ويقابلون السياسين والمحللين ويتكلمون ما يشاؤون والحكومه تفعل ما تشاء وبغطاء تشريعي قانوني وكأننا في قطار يهوي مسرعا باتجاه لا يعلمه احد .
لكنه بالتأكيد يسير على سكة رُسمت له مسبقا والركاب يئنون خوفا ويتذمرون ويرسلون الشكاوى عبر كل الوسائل المتاحة ولكن القطار يسير ويسير غير آبه باحد .
والسؤال لماذا الكل يتكلم ويتكلم ولا يفعل شيئا ؟!
اما ان الاوان ان نوقف تغول وظلم الحكومات المتعاقبة ؟
آما ان الاوان ان نقف مع انفسنا لحظة صدق واحدة؟!.. ونأخذ نفسا عميقا .
اما آن الاوان ان نفعل ونعمل اكثر مما نتكلم ؟!
اما تعبتم من كثرة الكلام والتحليلات الصاخبة التي اوجعت الاذان ؟! .. وخاصة ان جُل كلامنا ومشاكلانا هي مادية بحتة.
خلافاتنا ليست على اداء صلاة الفجر .. او اخراج الزكاة .. ولكنها كل خلافات مادية مع بعضنا البعض او مع حكومات الجباية .. وهذا ما حذرنا منه رسول الله بقوله(( ما الفقر اخشى عليكم ولكني اخشى ان تُبسط عليكم الدنيا)) .
نعم لقد آن التوجه للفعل لا للكلام…. ولا يذهب فكركم هنا بالفعل الى التصدي للحكومه لا لا بل يذهب بالفرار الى الله والعودة الى المنهج السليم من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثم بالتوجه الى الاعتماد على الذات لان الله توعدنا بقوله (( ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)) .
ولنتأمل في تأويل قوله تعالى : ( عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا ).
ويقول تعالى في ذكره .. لعل ربكم يا بني إسرائيل أن يرحمكم بعد انتقامه منكم بالقوم الذين يبعثهم الله عليكم ليسوء مبعثه عليكم وجوهكم ، وليدخلوا المسجد [ ص: 389 ] كما دخلوه أول مرة ، فيستنقذكم من أيديهم ، وينتشلكم من الذل الذي يحله بكم ، ويرفعكم من الخمولة التي تصيرون إليها ، فيعزكم بعد ذلك ، وعسى من الله : واجب ، وفعل الله ذلك بهم ، فكثر عددهم بعد ذلك ، ورفع خساستهم ، وجعل منهم الملوك والأنبياء ، فقال جل ثناؤه لهم : وإن عدتم يا معشر بني إسرائيل لمعصيتي وخلاف أمري ، وقتل رسلي ، عدنا عليكم بالقتل والسباء ، وإحلال الذل والصغار بكم ، فعادوا ، فعاد الله عليهم بعقابه وإحلال سخطه بهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل قوله (( ان عدتم عدنا))