أما سبب الوفاة فقد يعود، بحسب مصدر أمني، إلى الاختناق بالغاز المسيل للدموع، في حين أفاد شهود عيان أن المتظاهر مات دهساً بسيارة تابعة لقوات الأمن.

وفيما لم يتم الإعلان رسميا عن أسباب وفاة الشاب الذي تجاوز الثلاثين من عمره، أكد الناشط وائل نوار، القيادي في حملة “ماذا ننتظر”، نقلاً عن متظاهرين كانوا حاضرين في المكان، أن “القتيل تعرض لعملية دهس بسيارة الشرطة في محاولة تفريق المحتجين”.

كما أظهر مقطع فيديو وصور متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، عملية نقل القتيل بعد إصابته، حيث بدا وكأنه يحتضر ويلفظ أنفاسه، وظهرت كدمات على جسمه وآثار ضرب ودماء.

وبدأت الاحتجاجات في تونس العاصمة منذ الأحد، لكنها اتسعت لتشمل عدة مدن في البلاد، وسط مخاوف من أن يتحول الغضب الشعبي إلى أزمة اجتماعية، وسط حالة من الإحباط الشديد في صفوف التونسيين بعد تفاقم الضغوط على مقدرتهم الشرائية، في وقت بررت فيه الحكومة قراراتها بفرض زيادات في الأسعار، أنها تستهدف الأغنياء فقط.

وشهدت عدة مناطق تونسية الاثنين احتجاجات ليلية، لاسيما في طبربة وحي التضامن وحي الانطلاقة وضواحي العاصمة تونس، التي شهدت اشتباكات بين المحتجين والشرطة التي استعملت القنابل المسيلة للدموع من أجل تفريق المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة، بعد أن عمد بعض المحتجين إلى محاولة خلع بعض المراكز التجارية لسرقة محتوياتها وقاموا بقطع بعض الطرقات.

المتظاهر القتيل في تونس

قرب العاصمة تونس

وزير الأملاك: الزيادات استهدفت الأغنياء فقط

ورداً على هذه الاحتجاجات المتنامية، أكد وزير أملاك الدولة، مبروك كورشيد، الاثنين، خلال زيارته لمحافظة القصرين  أن الزيادات في الأسعار استهدفت الأغنياء ولم تمس الفقراء، قائلاً “نستغرب خروج هذه الاحتجاجات لأن قانون المالية انحاز للفقراء والطبقة المتوسطة، وأقر زيادات بحق الأغنياء”، موضحاً أن الزيادات في الأسعار شملت بالأساس “المواد الكمالية المستوردة، التي يستعملها ميسورو الحال، أما المواد الأساسية والغذائية فإنه لم يتم الزيادة في أسعارها”.

ولا تزال الاحتجاجات متواصلة داخل البلاد التي شهدت على امتداد نهار الاثنين خروج مسيرات غاضبة في محافظات سيدي بوزيد وقفصة والقصرين والكاف، رفع خلالها المحتجون شعارات تطالب الحكومة بالتراجع عن قراراتها وتندّد بغلاء الأسعار وبقانون المالية.

واستقبل التونسيون العام الجديد، بموجة زيادات في الأسعار طالت المحروقات والاتصالات وخدمات الإنترنت، وبعض المواد الاستهلاكية وعدة أصناف من الأدوية، والفنادق والكحول والعطور والمواد التجميلية، بعد أن أقرّ قانون المالية زيادة في القيمة المضافة بنقطة واحدة وضريبة على الاستهلاك، إضافة إلى مراجعة رسوم الأداء الجمركي للعديد من المنتجات، فضلا عن إقرار خصم بنسبة 1 بالمئة عن الأجور كمساهمات موجهة للصناديق الاجتماعية.

“حكومة صندوق النقد الدولي”

في المقابل، تؤكد الحكومة أن هذه الزيادات ضرورية وتندرج في إطار الإصلاحات الاقتصادية، التي تهدف لإنقاذ الموازنة العامة والحد من العجز التجاري، لكن هذه الزيادات في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية تواجه معارضة شديدة من قبل الاتحاد التونسي للشغل وأحزاب المعارضة، التي دعت إلى النزول إلى الشوارع من أجل الضغط على الحكومة للتراجع عن قراراتها.

واعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر نقابة عمالية في تونس، في وقت سابق أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة أدت إلى “التهاب أسعار العديد من المواد المرتبطة بالاستهلاك اليومي للتونسيات والتونسيين”، مضيفاً أن هذه الإجراءات الحكومية “قد تزيد من ارتفاع نسب التضخم، ومن تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين وتعمّق التفاوت الاجتماعي”، محذرا من تداعيات ذلك على الاستقرار الاجتماعي بالبلاد.

من جهته، اعتبر حزب العمال أن الزيادات التي أعلنت مع بداية السنة الجديدة تمثل “مجرد خطوة أولى في مسلسل إجراءات غير شعبية من قبل الحكومة”، التي وصفها بأنها “حكومة صندوق النقد الدولي والحرب على الشعب”، داعياً القوى الشعبية والسياسية إلى “رصّ الصفوف وتوحيدها لفرض تعليق العمل بقانون المالية الجديد وخاصة الإجراءات الموجعة التي ستزيد في فقر الفقراء مقابل مضاعفة ثراء الأثرياء”.العربية نت