الخصاونة: لا يصلح المجتمع إلا إذا صلح المعلم والواعظ والقاضي

كنانه نيوز- محمد محسن عبيدات

اكد رئيس مجلس الأمناء في الجامعة الأستاذ الدكتور فايز الخصاونة أن المجتمعلا يصلح إلا إذا صلُح المعلم، والواعظ، والقاضي، مشدداً على ضرورة إجراء مراجعة صادقة وجريئة لموضوع التربية والتعليم، الذي يعد حجر الأساس في بناء المجتمع وتقدمه.

وأشار الخصاونة خلال جلسة نقاشية بعنوان “هموم تربوية”، ضمن أعمال المؤتمر الدوليًّ الذي تنظمه كلية التربية في الجامعةبعنوان “التربية: تحديات وآفاق مستقبليّة”، ويستمر ثلاثة أيام، إلى أن مقاصدنا وأهدافنا الإصلاحية متعددة، إلا أنها جميعاً مرتبطة بالمعلم، وبالتناوب بكليات التربية في جامعاتنا المسؤولة عن صناعة الموارد البشرية.

وأوضح الخصاونة أن مشروع تطوير التعليم نحو الاقتصاد المعرفي، ومؤتمر التطوير التربوي لعام 2015، والإستراتيجية الوطنية لتطوير الموارد البشرية، بالإضافة إلى الورقة النقاشية السابعةلجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين جميعها نصت على الإجراءات التنفيذيةالواجب اتخاذها من أجل إصلاح التعليم، وأبدعت في وصف حال التعليم العام، وشخصت مواقع القوة، والضعف في نظامنا التعليمي عبر أكثر من عقدين، وخرجت بتوصيات كثيرة بعضها متطابق ومكرر وبعضها متجدد، إلا أننا لم نفلح في معالجة مواقع الضعف ولا في تعزيز مواقع القوة.

وقال الخصاونة إننا كأكاديميين بحاجة ماسة لمصارحة حقيقية حول واقع كليات التربية، مثيراً بعض التساؤلات حول مدى رضا خبراء التربية عن مخرجات كلياتنا التربوية، من حيث نوعية المعلم المدرسي، وقدرات المعلمين في أساليب التدريس الحديثة، والطواقم الإدارية الإشرافية من مدراء المدارس والمشرفين التربويين ومدراء التربية المطلوبين أفرزها نظامنا التربوي، إضافة إلى مدى الرضا عن منهجية التدرج الوظيفي وأسسه نظريا وواقعيا.

وشدد الخصاونة على ضرورة إعادة النظر في كافة الخطط الدراسية لبرامج أساليب التدريس ومقارنتها مع البرامج العالمية، والتعامل معها بمنهجية شمولية، وإعادة النظر في مهارات القياس والتقويم، وخصوصاً في تصميم أسئلة الاختبار لتقيس مدى فهم الطالب للمعلومة، وتوظيفها، وتحليلها، ونقدها، وارتباطها بغيرها، والإحاطة بمرادفاتها ونقيضاتها، وما إلى ذلك من المهارات العقلية العليا، لافتاً إلى أن المنهجية الشمولية تقتضي أن لا نكتفي بتطبيق هذه المراجعة على المعلمين الجدد، بل علينا أيضاً أن نجد الوسيلة الفعالة لتجويد أداء المعلمين ممن هم على رأس عملهم، ووضع أسس واضحة ومستقرة لتصبح مهنة المعلم مهنة جاذبة تستقطب الكفاءات العالية.

وأعرب الخصاونة عن أمله بأن يخرج المشاركون في أعمال هذا المؤتمر بتوصيات يصار إلى تطبيقها على أرض الواقع من اجل إحداث التغيير المنشود.

كما أكد الأستاذ الدكتور رفعت الفاعوري رئيس الجامعة راعي المؤتمر في كلمةٍ ألقاها خلال افتتاح أعمال المؤتمر أن انعقاد هذا المؤتمر في رحاب جامعة اليرموك يعد مبادرة جادة وإيماناً منها بأنّ الاهتمامَ بتطويرِ المنظومةِ التعليميّةِ باتَ مطلبًا ملحًّا، من أجلِ الارتقاءِ بمخرجاتِ عمليةِ التعلّمِ في اقتصاد المعرفةِ والثورةِ التكنولوجيةِ، لاسيما مع ما يشهدُه العالمُ بشكلٍ عامٍ والمنطقةُ العربيّةُ بشكلٍ خاصٍ من تغيراتٍ اجتماعيّةٍ، وسياسيّةٍ، وتربويّةٍ، أفرزت جملةً من التحديات.

وأشار الفاعوري إلى أن المؤتمرُ يطرحُ مجموعةً من التحدياتِ التي يعيشُها النظامُ التربويُ العربيُ عموماً، ويسلطُ الضوءَ على واقعِ ومشكلاتِ الإدارةِ والقيادةِ المدرسيّةِ ومؤسساتِ التعليمِ العاليّ العربيّةِ والعالميّةِ، لاسيما وأن سرَّ نجاحِ أيِّ مؤسسةٍ تربويةٍ في يكمن في ثلاثةِ أركانٍ هي المعلمِ الكفؤ، والبيئةِ الغنية، والمنهاجِ الملائم.

ولفت الفاعوري إلى أن عقد هذا المؤتمرِ بعدَ أيامٍ قليلةٍ من طرحِ صاحبِ الجلالةِ الملكِ عبد اللهِ الثاني حفظَه اللهُ ورعاه الورقة النقاشية السابعة “بناءُ قدراتِنا البشريةِ وتطويرُ العمليةِ التعليميةِ جوهرُ نهضةِ الأمةِ”، جاء تجسيداً لفلسفة الجامعةِ، وانسجاماً مع تغيراتِ العصرِ وما يشهدُه من تحولاتٍ وانفجارٍ معرفيٍ هائلٍ، ويعد دليلاً واضحاً على حرص الجامعة على المساهمة في تشخيص الواقع ووضع الحلول الناجعة من أجل الارتقاء بمؤسساتنا الوطنية.

بدوره أشار عميد كلية التربية في الجامعة الأستاذ الدكتور محمد أبوعاشور في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر، إلى أن غاية التربية هي إيصال الإنسان إلى كماله البشري، وتكوين صورة مستقبلية لنفسه ومجتمعه، ومن هنا جاءت فكرة انعقاد هذا المؤتمر، من أجل تحقيق نقلة نوعية في ميدان التربية من حيث الكم والنوع، وبما يتفق مع المعايير العالمية، في ظل التغيرات الاجتماعية، والسياسية، والتربوية التي تشهدها المنطقة.

وقال أبو عاشور إن تحسين جودة مخرجات التعلم ترتبط بجهود الإصلاح الشامل المبذول في كافة مكونات المنظومة التربوية، لافتاً إلى أن المؤتمر سيناقش في أعماله ثلاثة محاور رئيسية تتناول المناهج وطرق التدريس، والإدارة والقيادة التربوية، وعلم النفس التربوي.

من جانبها شكرت الأمين العام للجمعية العلمية لاتحاد كليات التربية ومعاهدها في الجامعات العربية، عميدة كلية التربية في جامعة دمشق الأستاذة الدكتورة أمل الأحمد، جامعة اليرموك على تنظيمها لهذا المؤتمر لتسليط الضوء على الصعوبات التي تعترض منظومتنا التربوية، وآليات مواجهتها، من أجل تحقيق خطط التنمية الشاملة بما يتناسب مع مستجدات ما بعد الحداثة، لاسيما وأن التربية تعد من أهم مؤشرات النهضة الشاملة لأمتنا، ولا مناص لنا كتربويين من مواجهة التحديات والعمل وفق “تربية التحدي” التي تستند إلى عدة أولويات، في مقدمتها التحدي التربوي، والتحدي الوجودي الذي يحفظ كرامتنا، ووجودنا، واستمرارنا الوطني والقومي.

وأوضحت الأحمد أهمية التعاون التربوي والنفسي بين كليات التربية في جامعات الدول العربية، وتبادل المعلومات والخبرات، والأساليب والتقنيات الحديثة في التعليم، بما يسهم في التعامل مع المشكلات والتحديات التربوية التي تواجهنا، وبالتالي الارتقاء بمجتمعاتنا العربية بكافة الصعد الثقافية، والسياسية، والوطنية.

كما أشار الدكتور عبدالله التوبى من جامعة نزوى العُمانية في كلمة ألقاها باسم المشاركين في أعمال المؤتمر، إلى أن التربية في الوطن العربي تواجه في الوقت الحاضر تحديات مصيرية، تتعلق بهوية الأمة، فقد عصفت التغيرات في السنوات العشرين الأخيرة بكثير من المفاهيم والقيم، وأصبحنا نعاني من تشتت في هويتنا وتقلصٍ في أدوارنا، وتذبذب في انتماءاتنا، المر الذي يفرض على التربويين إيجاد الحلول المناسبة للخروج من حالة التلقين والوصاية، إلى خلق وتنمية التفكير الناقد في المشكلات، والوعي بها، والمشاركة في اتخاذ القرارات، والحقوق، والواجبات كأساس لتنمية روح المواطنة التي تضمن الحقوق والواجبات للجميع ضمن إطار قانوني.

وأكد التوبي أن مراجعة أوضاع التعليم القائم في الوطن العربي، تضعنا أمام ضرورة التغيير والتجديد في المنظومة التربوية وإخضاعها لعملية الإصلاح الشال، وتحسين مخرجات التعلم، وتحسين نوعية التعليم، والبحث العلمي، واستشفاف الآفاق المستقبلية للنهوض بالعملية التربوية والارتقاء بها.

وعلى هامش المؤتمر الذي يشارك فيه مجموعة من الأكاديميين من الجزائر، وعُمان، وفلسطين، والكويت، والسودان، والمملكة العربية السعودية، وليبيا، بالإضافة إلى الأردن، افتتح الخصاونة معرض الكتب الذي نظمته دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، ودار عالم سما للنشر والتوزيع، حيث تضمن مجموعة من الكتب في مختلف المجالات العلمية والإنسانية، كما سيتم على هامش المؤتمر عقد اجتماع الجمعية العلمية لكليات التربية ومعاهدها في الجامعات العربية.

وحضر فعاليات افتتاح المؤتمر نواب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والإدارية، وشؤون الجودة والمراكز، الأستاذ الدكتور زياد السعد، والأستاذ الدكتور جمال أبو دولة، والأستاذ الدكتور يوسف أبو العدوس، ومساعدة رئيس الجامعة مديرة مركز اللغات الأستاذة الدكتورة أمل نصير، ورئيس جامعة اربد الأهلية .