كنانة نيوز –
العالمية الجديدة والإسلام: نحو تآلف إنساني شامل
وليد علي الجراح
في زمن تتسارع فيه وتيرة التغيير والتطور، يبدو أن فكرة العالمية الجديدة أصبحت واقعاً لا مفر منه. نحن نعيش في عصر تتلاشى فيه الحدود الجغرافية والثقافية التي طالما شكلت عوائق بين الشعوب والأمم. لقد فرضت العولمة نفسها كقوة كبرى تتحدى كل الحدود الإقليمية والعرقية، فجمعت الناس من مختلف بقاع الأرض في شبكة مترابطة من التواصل والتفاعل. في هذا السياق، يظهر الإسلام كقوة عالمية قادرة على استيعاب هذه العالمية الجديدة وتوجيهها نحو التآلف والانسجام الإنساني.
الإسلام، بما هو دين عالمي شامل، يمتاز بقدرته على تجاوز الفروقات العرقية والثقافية، متبنياً رؤية إنسانية جامعة تستند إلى مبادئ العدل والمساواة. تعاليم الإسلام تدعو إلى احترام الآخر، بغض النظر عن خلفيته الدينية أو الثقافية، وتؤكد على أهمية التعاون والتفاهم بين جميع البشر. في ظل هذه الرؤية، يصبح التعايش السلمي والتفاعل الإيجابي بين الأفراد من مختلف الجنسيات والثقافات أمراً طبيعياً ومقبولاً.
تدعو تعاليم الإسلام إلى بناء مجتمع يتمتع بسمات عالمية، مثل الرحمة والمساواة والعدالة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” (الأنبياء: 107)، مما يشير إلى أن رسالة الإسلام تتجاوز حدود الزمان والمكان، وتستهدف جميع البشر دون تمييز. وبذلك، يقدم الإسلام نموذجاً للتعاون والتآلف بين الناس، يرتكز على أسس من الاحترام المتبادل والتفاهم العميق.
إلى جانب ذلك، نجد أن العولمة تُعزز من أهمية فهم الإسلام لكونه ديناً جامعاً. إذ أن التواصل السريع بين الشعوب يُسلط الضوء على ضرورة تجاوز النعرات الدينية والعرقية، ويحث على بناء روابط إنسانية مبنية على قيم مشتركة. الإسلام، كدين يعترف بوحدة الإنسانية ويعزز من مبادئ الأخوة والتعاون، يمكن أن يكون ركيزة أساسية في هذا السياق. فهو يقدم إطاراً واضحاً لمعاملة الآخر بكرامة واحترام، مما يسهم في بناء عالم أكثر انسجاماً وتعاوناً.
في الختام، من الضروري أن نتقبل الواقع الجديد الذي يفرضه التقدم التكنولوجي والعولمة، وأن نعي أن الإسلام، بجوهره العالمي، يمتلك القدرة على أن يكون جسراً يربط بين الشعوب والأمم. إن القدرة على قبول الآخر وفقاً لأسس الدين العالمية، بدلاً من الانغلاق على الحدود الإقليمية والعشائرية، ستكون مفتاحاً لتحقيق التعايش السلمي والتقدم المشترك. بالتمسك بالقيم الإسلامية النبيلة والاعتراف بالتنوع كغنى وليس كعائق، يمكننا أن نبني عالماً يعكس التآلف والاحترام المتبادل، ويعزز من وحدة الإنسانية في ظل التغيرات العالمية المتسارعة.