كنانة نيوز – مقالات –
“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا: رؤية شاملة للتكافل الاجتماعي”
وليد علي الجراح
تعد الآية الكريمة “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا” (آل عمران: 103) من الآيات التي تحمل في طياتها معاني عظيمة ودعوة صريحة للتوحد والتكافل بين أفراد المجتمع. قد يستخدم البعض هذه الآية حصرا في سياق الانتخابات والدعوة إلى الوحدة السياسية، لكن الحقيقة أن معاني هذه الآية تتجاوز هذا الإطار المحدود إلى نطاق أوسع يشمل كافة مناحي الحياة، وخاصة فيما يتعلق بالالتفاف حول الفقراء والغارمين والمحتاجين.
الاعتصام بحبل الله: دعوة للوحدة والتكافل
عندما يدعو الله المسلمين إلى الاعتصام بحبله، فإنما يدعوهم إلى الالتفاف حول القيم والمبادئ التي تمثل أساس دينهم، من العدل والإحسان، والتراحم، والتعاون على البر والتقوى. إن هذه الدعوة ليست فقط للحفاظ على وحدة الأمة في مواجهة الفتن والانقسامات، بل هي أيضاً تذكير بأهمية التكافل الاجتماعي، حيث يلتزم كل فرد في المجتمع بدوره في رعاية الآخرين ودعمهم في أوقات الرخاء والشدة على حد سواء.
إن الفقراء والمحتاجين في المجتمع هم من أولى الفئات التي تستحق أن يلتف حولها المجتمع بمد يد العون والمساعدة. وفي هذا السياق، تبرز أهمية توجيه الاهتمام إلى الغارمين الذين أثقلتهم الديون ولم يستطيعوا الوفاء بها، فهم بحاجة إلى من يقف بجانبهم ويساعدهم على الخروج من محنتهم.
الاعتصام بحبل الله يعني أيضاً الالتفات إلى هؤلاء وعدم تركهم فريسة للفقر والعوز.
الأخوة في السراء والضراء
كما تدعو الآية الكريمة إلى التكاتف بين المسلمين كأخوة في السراء والضراء. فكما أن المسلم يشارك أخاه في الفرح، عليه أن يقف معه في حزنه وكربه. هذه الأخوة تتجلى في صور عديدة من تقديم الدعم النفسي والمعنوي، والمساعدة المادية إذا اقتضت الحاجة، وتقديم النصيحة والإرشاد.
مجتمعنا بحاجة ماسة إلى إعادة اكتشاف معاني هذه الآية الكريمة وإحياء قيم الوحدة والتكافل بين أفراده. عندما يلتف الجميع حول قيم الخير والعدل، ويمدون أيديهم للفقراء والمحتاجين، فإنهم يرسخون أسس مجتمع قوي ومتماسك قادر على مواجهة التحديات.
واخيرا
إن “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا” ليست مجرد دعوة للوحدة السياسية والحصول على أصوات الأقارب والجيران، بل هي توجيه شامل لكل جوانب الحياة، حيث يكون الاعتصام بحبل الله أساساً لبناء مجتمع متماسك يتفانى أفراده في خدمة بعضهم البعض ويجتمعون على الخير في السراء والضراء. إن الالتفاف حول الفقراء والمحتاجين، ومساندتهم في أوقات الشدة، هو تطبيق عملي لهذه الآية الكريمة ولبنة أساسية في بناء مجتمع إسلامي قوي.