هل اصبحت العمالة السورية ظاهرة ؟

كنانه نيوز – بكر محمد عبيدات

ما لفت إنتباهي خلال جولةٍ لي مع بعض الزملاء الصحفيين في منطقة خرجا والزوية ؛ وجود عائلات سورية تعمل في عملية جني محصول اللوز والكرز في السهول الواسعة والممتدة على مسافات بعيده في هذه المنطقة التي تشتهر بزراعة اللوزيات , وأن هذه الأسر السورية تضم فتيات بعمر الورود وأطفال صغار , فهل إحتلت العمالة السورية الوافده محل العمالة الاردنية في هذا المجال .؟

أصحاب البساتين في مناطق بلدية اليرموك وتحديدا في منطقة خرجا والزوية التي يوجد بها أشجار كثيرة من اللوزيات , أشاروا  بأنهم يعتمدون في عملية جني ثمار أشجار اللوز على العائلات السورية , ويفضلونها لأسباب من اهمها نقص الايدي العاملة وخبرة السوريين في الزراعة بشكل عام وتدني الاجور مقارنة بالايدي العاملة المحلية ان وجدت اضافة الى التعاطف الكبير مع الاخوة السوريين بسبب اواصر الاخوة والنسب والقرابة بين بين الشعبين الشقيقين .

في المقابل نجد أن بعض أصحاب العمل سواء في المجال التجاري او الزراعي قد يتجاوزون لإعتبارات خاصة مسألة التأكد من إمتلاك العامل السوري – تحديدا للترخيص الرسمي من قبل الجهات المعنية من باب التعاطف مع , فضلا على انه يوجد هناك أشخاص ممن يحملون الجنسية السورية يفضلون العمل بأي مجال وبأي أجرة في سبيل عدم مكوثه بالبيت وبقاءه عالة على الآخرين , ومن هنا نجد أن أسرأ عديده تذهب للعمل بالقطاع الزراعي .,

وفي ذات السياق نجد بان أصحاب العمل الاردنيين وبغض النظر عن مستوياتهم ومسمياتهم ومجالات عملهم يفضلون العمالة السورية كونها أكثر خبرة وكفاءة , وأقل أجرة ,و اقل ” تذمرا وطلبات ” , وهذه الامور مجتمعة تسهم في زيادة ارباحهم .

وخلصت دراسة قام بها المركز الإقتصادي والاجتماعي الاردني حملت عنوان ” أثر تدفق اللاجئين السوريين على سوق العمل الأردني ” الى وجود أثر بالغ للعمالة السورية على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعادات والتقاليد، وخاصة سوق العمل؛ إذ تشير التوقعات إلى استمرار هذا الأثر على المدى الطويل، إذا ما استمرت الأزمة السورية وازداد معدل لجوء السوريين إلى الأردن.

واتضح أيضاً دخول العمالة السورية بأعداد كبيرة إلى سوق العمل الأردني، فقد وصلت التقديرات الاولية بحسب الدراسة إلى أن العمالة السورية تستحوذ الآن على ما يزيد عن (143) ألف فرصة عمل في مختلف القطاعات الاقتصادية، وخاصة القطاعات الاقتصادية غير المنظمة، وأظهرت الدراسة أن رغبة العامل السوري وقبوله بظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث ساعات العمل أو الأجر اليومي أو بيئة العمل، وعوامل أخرى تتعلق بنظرة العامل السوري إلى المهنة أو الوظيفة، ونظرة صاحب العمل، سواء كان سورياً أو أردنياً إلى حجم الوفر المتحقق له نتيجة توظيفه للعمالة السورية، فإن هذه العوامل تدفع باتجاه تفضيل صاحب العمل للعمالة السورية.

ولم يقتصر أثر العمالة السورية على العمالة الأردنية فحسب، بل امتد ليشمل العمالة المصرية، لكونها من أعلى نسب العمالة الوافدة في الأردن. كذلك فإن وجود العمالة السورية في سوق العمل الأردني أدى إلى الانخفاض في مستويات الأجور في العديد من المهن، إضافة إلى التأثيرات السلبية على مستويات تمتع مختلف العاملين بشروط العمل اللائق، مع الاشارة إلى أن الغالبية الساحقة من العمالتين السورية والمصرية غير حاصلتين على تصاريح عمل قانونية من وزارة العمل.

وأظهرت الدراسة كذلك أن وجود السوريين بعامة والعمالة السورية بخاصة قد أسهم في زيادة مزاحمة الفقراء من أهالي المناطق في المحافظات المختلفة ، وتقليل فرص حصولهم على المساعدات التي تتلقاها من المنظمات المتخصصة، أو من أهل الخير في المجتمع المحلي، أو الدول المجاورة. فقد صرفت الجمعيات الخيرية النظر عن توجيه أغلب مساعداتها ودعمها للأسر الأردنية الفقيرة والمعوزة.

وهي ظاهرة ولّدت نزاعات بين السوريين والأردنيين على دور الجمعيات ومدى التزامها بتقديم المساعدات للأسر الفقيرة الأردنية إلى جانب اللاجئين السوريين. كما اظهرت الدراسة أن وجود السوريين في المجتمعات المحلية قد أثر على العديد من النواحي الاجتماعية والأمنية، فقد أكد ما نسبته (90.1%) من حجم العينة أن وجود السوريين أدى إلى ظهور ظاهرة التسول في الشوارع والأماكن العامة، انتشار المخدرات، وبروز ظاهرة الزواج المبكر، مما أدى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار بين السوريين والأردنيين داخل المجتمعات؛ إذ يرى عدد كبير من الأردنيين أن اللاجئ السوري بات يزاحمهم على لقمة العيش والمساعدات، وساهم في رفع أسعار السلع.

وقدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، من أبرزها تطبيق قانون العمل وتشريعات تنظيم استخدام العمالة الوافدة في سوق العمل على جميع العاملين، عملاً بمتطلبات الاتفاقات والمواثيق الدولية الخاصة باللاجئين، وضرورة مساءلة أصحاب العمل المخالفين باستخدامهم العمالة غير الشرعية، لتعويض حجم الإيرادات الضائعة الناجمة عن الوجود غير الرسمي للعمالة السورية في القطاعات الاقتصادية، مثل قطاع الإنشاءات غير المنظم (تبليط، دهان، قصارة، حدادة البناء، وغيرها من المهن) والقطاعات الأخرى مثل الزراعة وتجارة الجملة والتجزئة.

وقد ذكرت الدراسة أن عدد تصاريح العمل – حسب إحصائيات وزارة العمل التي تم إصدارها لغاية نهاية العام 2013 للعمالة السورية تبلغ (10447) تصريح عمل في كافة محافظات المملكة، قياساً إلى الرقم الذي قدرت فيه الدراسة حجم العمالة السورية في محافظات المملكة بحوالي (143750) عاملاً، وبإيرادات إجمالية ضائعة تقدر بحوالي (44) مليون دينار أردني سنوياً، في حال تم إلزامهم بالتصاريح والموافقات الرسمية، آخذين بالحسبان أن هذه الأعداد قابلة للزيادة، خصوصاً أن العامل أو اللاجئ السوري يقبل العمل بمتوسط أجر يتراوح بين (100-200) دينار أردني، وستة أيام عمل في الأسبوع، وبساعات عمل طويلة، وجميعها تخالف التشريعات الخاصة بحقوق الإنسان على المستوى الدولي الوطني.

وأوصت الدراسات بضرورة تنظيم سوق العمل ورفع درجة التنسيق بين الجهات ذات العلاقة، وتضم: (وزارة العمل، وزارة الداخلية، مديرية الأمن العام، وزارة البلديات، الجهات الأمنية ذات العلاقة)، مع ضرورة أن يشمل التنظيم القطاع المنظم وغير المنظم، والربط بين قسم التراخيص في البلديات وغرف التجارة وغرف الصناعة، للسيطرة على موضوع العمالة، وخصوصاً في المشاريع المشتركة بين الأردنيين والسوريين، كون البلدية لا تمنح رخصة مزاولة مهن للسوريين، وأوصت الدراسة بضرورة إجراء دراسة شاملة تقوم بها الجهات الحكومية ذات العلاقة: (وزارة العمل، وزارة الداخلية، الضمان الاجتماعي) لتحديد الحجم الحقيقي للعمالة السورية في كافة محافظات المملكة.

وأكدت الدراسة ضرورة خلق مجموعة من البرامج التحفيزية لدعم توظيف الأردنيين، من خلال الدعم المباشر للرواتب، والمساهمة في تغطية الضمان الاجتماعي، وبخاصة للوظائف والمهن التي تعمل فيها العمالة السورية، وكذلك التنسيق بين جهات التمويل وصندوق تنمية المحافظات، وإشراف وزارة التخطيط والتعاون الدولي على تمويل العديد من المشاريع خارج العاصمة عمان، مع التركيز على المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين، وحصر العمل في هذه المشاريع على العمالة الأردنية فقط.

وعلى الصعيد الرسمي بين مدير عمل محافظة اربد عبد السلام دخل الله الروسان في حديث لكنانه نيوز بأن للعمالة السورية تأثيرا كبيرا على سوق العمل الاردني , منوها بأن الجهات المعنية سواء في وزارة العمل او لجهات المختصة الأخرى عملت على إيجاد تعليمات وضوابط تحكم عمل العمالة الوافدة ومنها العمالة السورية