التعليم عن بعد في المدارس يفاقم عمالة الأطفال.. والعمل تحذر وتنذر

كنانة نيوز –
لئن كانت جائحة كورونا في طريقها إلى الانحسار التدريجي عالميا، فإن آثارها الجانبية على بعض الفئات المجتمعية ربما تحتاج إلى سنوات كثيرة لمحوها، وفي مقدمة هذه الآثار عمالة الأطفال التي تشير معظم التقارير إلى ارتفاعها، نتيجة اتباع أساليب “التعليم عن بعد”، واستفحال الركود الاقتصادي الذي ضرب معظم مرافق الإنتاج، بينما تدفع دول العالم الثالث الضريبة الأكبر من هذه العمالة، ومنها الأردن بالطبع.
محليا، تحاول الحكومة تدارك هذه الآفة باكرا، إذ نفذت وزارة العمل ومؤسسات مجتمع مدني أمس فعاليات وأنشطة تطالب بمحاربة عمالة الأطفال، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال الذي يصادف سنويا الثاني عشر من حزيران  
وأطلقت وزارة العمل أمس حملة تحت شعار (بدي أشتــــغل.. أتعلم)، مذكرا وزير العمل يوسف الشمالي بأن قانون العمل الأردني يمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور، كما يمنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشرة، وعلى أن لا تزيد ساعات عمله على 6 ساعات، وأن لا يتم تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية.
وشدد الشمالي على ضرورة تكاتف جهود كافة الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية للحد من عمل الأطفال، مؤكدا على أهمية دور المجتمع والأسرة وكذلك أصحاب العمل في الالتزام وتطبيق كافة التشريعات ذات العلاقة التي تحفظ حق الطفل في التعلم وسحبه من سوق العمل وتأهيله لإعادته إلى مكانه الطبيعي وهو مقاعد الدراسة.
ونوه الوزير إلى أن الوزارة نفذت في العام 2020 ما يقارب (11952) زيارة تفتيشية تم الكشف فيها عن (503) حالات لأطفال عاملين، وتحرير (265) إنذارا و(79) مخالفة بحق أصحاب عمل.
وأشار إلى أن الوزارة نفذت منذ بداية العام الحالي 2021 حتى نهاية شهر أيار الماضي (6658) زيارة تفتيشية كشفت عن (236) حالة طفل عامل واتخذت إجراءات قانونية بحق أصحاب العمل تمثلت بتحرير (133) إنذارا و(45) مخالفة وإطلاق حملتين متخصصتين ركزتا على القطاعات الأكثر تشغيلا للأطفال.
وأوضح الشمالي أنه بسبب الحاجة لتحديث السياسات والإستراتيجيات الخاصة بالحد من عمل الأطفال، صدرت مؤخرا موافقة رئاسة الوزراء على تشكيل فريق عمل وطني برئاسة وزارة العمل لتحديث الإستراتيجية الوطنية لمكافحة عمل الأطفال ووضع خطة عمل وطنية لتنفيذها.
بدورها، أوصت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بتغليظ العقوبات على مشغلي الأطفال، وتوفير أنظمة الدعم النفسي الاجتماعي للأطفال العاملين لمساعدتهم على الانخراط في البيئة التعليمية، إلى جانب ذلك تفعيل قنوات شكاوى آمنة يسهل الوصول إليها من قبل الأطفال العاملين.
ودعت إلى زيادة عدد مراكز المتسربين والتعليم غير النظامي لتغطي الأعداد المتزايدة من المنسحبين والمتسربين من المدارس خلال انتشار فيروس كورونا، حيث صرح العديد من الأهالي أن أبناءهم انسحبوا -مؤقتا- من التعليم وسوف يعودون إلى مقاعد الدراسة بعد العودة للتعليم الوجاهي.
واعتمد التقرير في نتائجه على جلسات رفع الوعي التي استهدفت كلا من مقدمي الرعاية ومشغلي الأطفال، وعددها 52 جلسة، منها 45 جلسة استهدفت مقدمي الرعاية، و 7 للمشغلين في المدّة الواقعة بين تموز (يوليو) 2020، حتى أواخر نيسان(إبريل) 2021، في أقاليم الوسط والشمال والجنوب.
وأورد التقرير أن قضية عمل الأطفال تعتبر من القضايا الإنسانية الملحة وأنه على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرز في السنوات الأخيرة في معالجة ظاهرة عمل الأطفال في الأردن، بما في ذلك اعتماد الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال، والقائمة المنقحة للأعمال الخطرة على عمالة الأحداث، إلا أنها ما تزال تؤرق الحكومة والمجتمع على حد سواء، حيث تشير الأدلة إلى ازدياد هذه المشكلة نتيجة للأزمة الاقتصادية المستمرة وموجات اللجوء المستمرة.
ووفقا للتقرير فإن النسبة العظمى من حالات تشغيل الأطفال تأتي من اعتبار عمل الطفل حلا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها الأسر، وفي هذا السياق يرى “تمكين” ضرورة توسيع مظلات الحماية الاجتماعية لتشمل عددا أكبر من الأفراد الذين ما زالوا يفتقرون للوصول لأي نوع من الحماية الاجتماعية، وإعادة إدماج الأطفال العائدين للمدارس بعد مدة انقطاعهم عن التعليم.
من جهة أخرى، أكدت ورقة تقدير موقف أن تأخر إعادة إدماج الطلبة في التعليم الوجاهي، والتأخر في العودة إلى المدارس ساهما بزيادة نسبة عمل الأطفال في الأردن.
وأوضحت الورقة الصادرة عن المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسة فرديريش ايبرت الألمانية، أن برامج التعليم عن بعد المطبقة في الأردن خلال جائحة كورونا ساهمت في زيادة دخول الأطفال إلى سوق العمل، حيث لا يضطر الطلبة إلى الانتظام في الدراسة.
ورأت أن ارتفاع نسبة الفقر في الأردن، نتيجة تخفيض أجور العاملين والعاملات، أسهم في انخراط مزيد من الأطفال في سوق العمل خلال الأشهر الماضية، نتيجة غياب العدالة الاجتماعية والمساواة والقصور في تغطية برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر هشاشة.
يذكر أنّ المادة (73) من قانون العمل الأردني وتعديلاته نصت على حظر عمل الأطفال دون 16 عاما، في حين سمحت المادة (74) لفئات الأطفال بين 16 عاما و 18 عاماً بالعمل بما لا يزيد على 36 ساعة أسبوعية بمهن لا تصنف بالخطرة، الا أن الخلل والتقصير يكمنان في الرقابة؛ فوزارة العمل غير منوط بها التفتيش على المتسولين أو الأطفال العاملين على البسطات.
وأوصت الورقة بتكثيف الجهود لعودة التعليم الوجاهي، وردم كل الفجوات السلوكية والعلمية التي توسعت عند الطلبة على مدار عام ونصف، مع ضرورة التعويض لمن لم يستطيعوا الالتحاق بالتعليم الإلكتروني لظروف تقنية واقتصادية.
الغد