انهَض لِعُروبَتِكَ… / بقلم هبـــة حسين عبابنة

كنانة نيوز – مقالات –
انهَض لِعُروبَتِكَ…
بقلم : هبـــة حسين عبابنة
 
وما الحياة إلا مرتع!! نسعى كادّين فيها سبهلَلا، لا نعلم فيها سوى القَشمُ و الغَذم، و الإزهاق عند الفرح و النَّوحِ في العزاء، و التَّمَدُّح و التَّفاخُر عند نَيلِ المنصِب، و الإشهاق عند رؤية تساقط الثلوج أو رؤية غروب الشَّمس، و صُراخُ الأُمِّ و عَويلِها على ابنها حين خُدِشَ اصبَعهُ ذاك الخدش الطَّفيف الذي يكاد أن يندم على فِعلِهِ لو كان بشرًا…
 
لِما لا تفجع!؟ و لِما لا تبكي ألمًا و حُرقَةً!؟ و لِما لا تَنوحُ عندما تسمع أَنينَ فلسطين يخرجُ من شُقوق القُبور العَبِقَة، و التي يخرج منها الضّياء من شعاع شهدائِها التي تزفهم كلَّ يومٍ هِبَةً من دون تَلَجلُج؛ لتبقى صامدةً ليوم ما وعد به رب العزَّةِ من نصرٍ و تحريرٍ للمسجد الأَقصى المبارك و أرض فلسطين، و لماذا لا تبكي و تنوح؟ لماذا لا تهبُّ و تفزع لها؟ لماذا لا تحملُ سلاحك و تحارب؟ لماذا لا تحملُ حَجَرَكَ و تَرجِمَ ذلك الهزيلِ المُدَنَّس؟ أليسَ الحجر على الحجر يبني قصورًا و يُعمِّرُ قِلاعًا و بيوتًا؟!! إذًا لا تستهن به!
 
انهض ثم احملهُ بقبضتكَ وضعهُ في (مُرجيديَّتِكَ) أَيّها المناضل و كافح وانطلِق مُسرعًا إلى ميدانك و واجِه برسوخ عقلك و عزم نفسك و وجدان روحك و بعطاءٍ من قلبك ثمَّ أرهِم من أَنت أيُّها العربِي!!
 
انتظر قليلًا! اعذرني نسيت أَنَّك لا تقدِر؛ أنت عربِيّ، أنت لا تقدر لأنك عربي أليس كذلك! لَم يُكتَب لك أن تعيشَ على أرضٍ عفيفة غير داعِرَة، فَلِمَ تكترث لها! ليست من شأنك..
 
دع أطفال و نساء و رجال و شباب و شيوخ فلسطين يصرخون يتجَشَّمون يَتَكَبَّدون يَئِنُّون، و انت ابقَ مسترخيًا و لا تكترث أيُّها العربي… استلقِ على جنبك و خُذ نفسًا عميقًا و نَمْ على موسيقى عويلِ أَبناء فلسطين.
 
هذا ما تودّ سماعَهُ أنت أيُّها العربِيّ، تريدُ أن تبقى مرتاحًا ليس لأنك لَدِنٌ متزلزلٌ أو مُتَقَلقِل.. بل لأنَّكَ وضعت نصب عينيكَ أَنَّ عدم مقاومتهم و مساعدتك لِأَخاك الفلسطينيّ هو وسيلةٌ لِكَي لا تزيد من شُبوب نيران هذهِ الحرب فتتوسّع حَلبةُ الجِدَال، و لأنَّكَ تقول أَنَّ العَدُوّ سيرحل شاء أم أَبَى بصوتٍ باسِقٍ جارفٍ، فهذا لن يغير شيء ما زلت تقول و أنت مُنسدِحٌ على أريكتكَ في جنَّتِكَ تحت شعاع الجَّونَةِ و تعلُو بصوتك و مَن يسمعُك؟!
 
قُم و افزَع.. انتفِض و انشر ثورتَك أيُّها العربِيّ و انهض على نفسك و لا تَكُن تابعًا مُسيَّرًا كما أرادَك العدو أن تكون كتومًا هائِبا.. جَرّد سيفَكَ من غِمدِهِ و تلذَّذ بحريَّتِك حينها سيكفيك شرفُ المقاوَمَة.. أنت ابن العربيَّة التي نزلَ بها القرآن الكريم و هي في نفس مواضع أَحرفك، فافتخر و كُن قويًّا فإنَّ ما سيكون كان مكتوبًا لك و مُقدَّرٌ لك و ليس بيدك التَّغييرُ و التبديل..
 
و في مختصر المناشدة أقول لك: حارب ثم حارب ثم حارب.. أنت عربيٌّ و جديرٌ بك أن تُثبِتَ كينونَتَكَ و وجودك في هذه الحلبة و عليكَ واجب الانتصار.