هل ينجح حوار الاصلاح من خلف الزجاج ؟؟؟/ د. بسام روبين

كنانة نيوز -مقالات – 
هل ينجح حوار الاصلاح من خلف الزجاج ؟؟؟
د. بسام روبين
سمعنا مؤخرا بأن هنالك حوارا سياسيا واقتصاديا يجري في قاعات مجلس الاعيان ،وقد لاحظنا أن من يدير الحوار يجلس في بيئة مختلفة عن تلك التي يجلس فيها السادة المدعوون ،وكان من الافضل اجلاس جميع المتحاورين بوضعية التباعد من غير تمييز رؤوساء الجلسة بغرف زجاجية عزلتهم عن ضيوفهم الذين يجري اختيارهم بعناية فائقة تضمن عدم معارضتهم وموافقتهم على ما يتم تلقين بعضهم به من سيناريوهات ربما كانت جاهزه بمدخلاتها ومخرجاتها وغير قابلة للتعديل ،وهذه الطريقة المستهلكة من الحوار قد تقوض من فرص الوصول لحوار عميق وهادف يأخذ في حسبانه مشاركة جميع الاردنيين من كافة الجهات ،ومبني على اسس موضوعية وديمقراطية قادرة على التنفيذ الفعلي ،والوصول الى نتائج مرجوه على ارض الواقع ،ولا تتأثر بما في حوزة رئيس الجلسة من أية شحنات مجربة سابقا ،ولم تعطي أكلها وما تسرب لنا أن الحوار كان ينطلق من خلف الزجاج باتجاه واحد ونادرا ما يرتد في مؤشر على أن النية الصافية كشرط اساسي لحوار وطني صحيح ربما ما زالت تغيب وتحمل شوائب تعيق ولادة اية افكار ايجابية قد يحملها النقاش لو كان موضوعياً.
لذلك نحن لا نريد لهذا الحوار أن يكون بتلك السلبية القديمة التي هندست معظم الورش السياسية السابقة وافشلتها بمخرجات اللحظات الاخيرة فنحن نريد حوارا وطنيا إيجابيا بمشاركة واسعة وبقواعد لعبة وطنية تقودنا للاصلاح المنشود الشامل الذي يطالب به الاردنيون ويرتكز على جسور كافية من الارادة والعدالة والديموقراطية ومخزون هذه العناصر الثلاثة ليس كافيا على صفحات القاموس السياسي الاردني.
فنحن متأخرون كثيرا في السير الحقيقي نحو الديمقراطية ومازلنا نتقدم خطوة ونرجع خطوتين أحيانا أما في مجال العدالة فهي تعاني من التهاب حاد وبحاجة لحقن وريدية لإجراء تحسينات على جوهر التشريعات وعلى نهج ادارة السلطات أما موضوع الإرادة فالاوراق النقاشية والاجندة الوطنية موجودة منذ زمن وتكفل بناء دولة ديمقراطية وفقا لمباديء الاستقامة والقيم العليا وتعزيز العمل المبدع القائم على المهنية والكفاءة والمساءلة ،وعلى الاهداف الوطنيه التي تجسد رؤية الجميع وتحدد البرامج الاستراتيجيه والسياسات الوطنية لتحقيق احلام الشباب.
ولكننا ما زلنا ننتظر تنفيذها من قبل السلطات المختلفة فالجهاز التنفيذي يحاول احيانا اعاقة الاصلاح ،ويصل لحد اقصاء واغتيال الشخصيات الوطنية المؤهلة ،فكيف لنا أن نصل الى ثلاثية حزبية والقوانين الناظمة للاحزاب لا تساعد على تحقيق ذلك ،وقانون الانتخاب يتمسك بالصوت الواحد وبنظام الكوتات ،ولا يؤدي الى شعور المواطن بالتمثيل الاعدل وبالعمل البرلماني الحزبي فالمسؤولين في المواقع المختلفة لا يدعمون التوجهات الإصلاحية بل يقفون ضدها ،واضعين العصي في دواليب أي محاولة باتجاه التنمية السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.
لذلك نحن بحاجه لإعمار هذه المرتكزات الثلاثة أولا وترميمها ،وهذا يحتاج لتطهير كراسي الدولة من كل المشاريع القديمة التي جربت وفشلت ،وما زالت تتربع على مفاصل القرار ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الحوار أما أن نتحاور بهذه المحركات الموافقة دوماً ولا تنقل بصدق أوجاع المواطن حفاظاً على منافع وامتيازات خاصه تقدم لهم بين الوجبات ،فهو مضيعه للوقت والجهد ومجرد ظهور اعلامي لتضليل الرأي العام العالمي والمحلي.
واعتقد أن الحوار من خلف الزجاج وبدون مشاركة وطنية سليمة للقطاعات المختلفة التي يجري قتلها يوميا لا يبعث على الامل ،ولا يحقق رغبات المواطن الاردني المنتج ودافع الضرائب ،ولن يكون له أي تأثير يذكر على تجاوز العقبات التي تعترض المسيرة ،وهذا يدعو لضرورة الانتباه المبكر لما يجري في قاعة الحوار والتدخل السريع لاصلاح اعتلالاتها فالتسريبات غير مطمئنة ،وتؤكد على ان عجلات الحوار لا تسير كما ينبغي ولا تقوى على حمل هموم وقضايا المواطن المظلوم الذي ما زال يجرد حتى من أبسط حقوقه بالمشاركه في رسم خطة انقاذ لحاله التردي التي أوصلتنا لها بعض الشخصيات القائمة على حوار تقليدي غير مضمون.
فبعض الجالسين ليس لهم علاقه بمزاج المواطن الذي يعاني من ضعف الديمقراطية ،ومن الظلم وغياب العدالة بقدر ارتكازهم على علاقاتهم بمسؤولين هم من دمروا الحياة الديمقراطية والاقتصادية والتشريعية في الاردن وأوصلونا الى هذا الحال الصعب من المديونية وضنك العيش ،وبالتالي فإن شكل الاصلاح بهذا النمط لن يكون لائقا بمكانة الاردنيين وتضحياتهم وصبرهم وربما لن يحقق أمانيهم.
حمى الله الاردن.