الحياةُ الحزبيَّةُ في الأُردُن…/ بقلم هبـــة حسين عبابنة

كنانة نيـــوز – الحياةُ الحزبيَّةُ في الأُردُن…
بقلم : هبـــة حسين عبابنة
 
بدأت الحياة الحزبية في الأُردن منذ عهد الإمارة عندما تم تأسيس حزب الإستقلال الذي شكّل أول حكومة أردنيّة في عام 1921م، حيث انضَمَّ إليه عدد من الزعماء الوطنيّين في الأردن.
 
طغت في البداية الصِّبغَة القوميّة التي تدعو إلى قيام وحدة عربية، رفض وعد بلفور والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وما سَارَ الوقت إلّا وقد ظهرت الأحزاب ذات الصِّبغَة الوطنية حيث كانت أبرز مطالبها آنذاك حصول الأردن على الإستقلال، وإنهاء الإنتداب البريطاني… و من أبرز الأحزاب السياسية التي شكلها الأردنيون في عهد الإمارة حزب الاستقلال، حزب الشعب الأردني وحزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الأردني.
 
تطوّرت الحياة الحزبية على فترات أوّلها في الفترة بين عامَيّ (1946-1947)، إذ نشطت الحياة الحزبية في هذه الفترة بسبب الإستقلال عام 1946م، ووحدة الضفتين عام1950م وإصدار دستور عام1952م.
 
أُقِرَّ في دستور 1952 السَّماح بتشكيل الأحزاب السياسية والجَّمعيّات التي تركت بصمَةً مُلفِتَةً بقِيامها بدَورٍ فاعل في المؤسسات البرلمانيّة والحكوميّة، وأبرزها حكومة سليمان النّابلسيّ (1956-1957) وهي الحكومة السّابة والثلاثون من حكومات المملكة الأردنية الهاشميّة، وكانت حكومة حزبيّة على أساس ائتلافي، إذ ضمّت ستّة من أعضاء الحزب الوطنيّ الاشتراكيّ، وثلاثة مستقِلّين، ووزيرًا عن حزب البعث العربِيّ الاشتراكيّ، ووزيرًا عن الشيوعيّين، باسم (الجَّبهة الوطنيّة)، و ضمّت عدّة أعضاء: سليمان النابلسي- رئيسا للوزراء ووزيرا للخارجية (الحزب الوطني الاشتراكي)…. عبد الحليم النمر- وزيرا للداخلية والدفاع (الحزب الوطني الاشتراكي)…. أنور الخطيب- وزيرا للاشغال العامة (الحزب الوطني الاشتراكي)…. شفيق ارشيدات – وزيرا للعدلية والتربية والتعليم (الحزب الوطني الاشتراكي)…. نعيم عبد الهادي- وزيرا للاقتصاد الوطني (الحزب الوطني الاشتراكي)…. سمعان داود- وزيرا للإنشاء والتعمير (مستقل)…. صالح المجالي- وزيرا للمواصلات (مستقل)…. صلاح طوقان- وزيرا للمالية (مستقل)…. صالح المعشر- وزيرا للصحة والشؤون الاجتماعية (الحزب الوطني الاشتراكي»…. عبد الله الريماوي – وزير دولة للشؤون الخارجية (حزب البعث العربي الاشتراكي)…. عبد القادر الصالح- وزيرا للزراعة (الحزب الشيوعي- الجبهة الوطنية)، كما أنّ النشاط الحزبيّ الأيدوُلُجِيّ (الفكرِيّ) ازداد في تلك الفترة.
 
عادت الحياة النيابيّة في الأردن في عام 1989، عُرِفَت بمرحلة التَّحوّل الديمقراطِيّ… تمّ فيها إجراء الإنتخابات السياسيّة وسمحت لأعضاء الأحزاب السياسية بالتَّرَشُّح لانتخابات 1989، ومن أبرز مظاهر هذه المرحلة صُدور الميثاق الوطنيّ عام 1991 بوصفِه الإطار الذي يتضمن القوانين النَّاظمة للعمل السياسيّ والّتي تتَّفق عليها القِوى السّياسيّة وفئات المجتمع الأُردني المختلفة، عمل على ترسيخ النهج الديمقراطي وتحقيق التعدُّديّة السّياسيّة من خلال مجموعة من المبادئ تم الإلتزام بها وأبرزها كان: احترام قواعد العمل الديمقراطِيّ في السّلوك العام للتنظيمات والأَحزاب السياسيّة، السَّماح للأَحزاب باستِئنَاف عملها والمشاركة بالانتخابات وترخيص الأَحزاب الجديدة، ترسيخ قيم التَّسامُح والموضوعيّة واحترام قِيَم ومعتقدات الآخرين، ضمان الحُرِّيات الأَساسيّة للمواطنين جميعًا بما يكفَل حريّة التّعبير عن الرأي في إِطار الدُّستور وتحقيق تَكافُؤ الفُرص ومفاهيم العدل والمساواة بينهم، والمحافظة على الصِّفة المدَنيَّة والديمقراطيّة في الدّولة.
 
صَدَرَ قانون الأَحزاب لعام 1992، وتناول تنظيم مختلف أوجه الحياة السّياسيّة والحزبيّة، ما دفع السياسيّين لإنشاء الأحزاب السّياسيّة التي مثلت الإتجاهات السّياسيّة القومية والأيدولوجيّة والوطنيّة، وكانت الأحزاب تمثّل مظهرًا من مظاهر الديمقراطيّة في الدّولة. وتم تعريف الحزب حسب قانون الأحزاب لعام1992م: بأنّهُ تنظيم سياسيّ يتأَلّف من مجموعة من الأردنيّين وفقًا للدستور وأَحكام القانون بقصد المشاركة في الحياة السياسيّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، ويعمل بوسائلٍ سِلميّةٍ مشروعة.
 
أُلغِيَت الأحكام العرفيّة المُقيّدة للحريّات، من خلال ما عُرِف بإطلاق الحريّات العامّة والتي سمحت بإصدار العديد من الصُّحف والمجلّات والمطبوعات المُتَخَصِّصَة.
 
مع ضرورة التَّطوير والتّحسين للأَنظِمَة الحزبيّة، تم التعديل على قانون الأَحزاب عام2007، ومن أهم ما جاء فيه أَلّا يقل عدد المُؤسِّسين للحزب عن (500) عُضوًا، وَ في عام 2015 تم التَّعديل بحيث أصبح عدد المؤَسّسين (150) عضوًا، وجرت هذه التّعديلات بهدف تشجيع المشاركة السّياسيّة.
 
مع كل هذا السّعي لِتطوير أَسمَى معاني الوِحدة والتّفاهُم والحِوار والتَّعبير واحترام جميع أَطياف وأَركان ومبادئ الدولة الأردنيّة مِن قبل وَ مِن بعد تأسيسها واستقلالها من خلال مُختلف السّياسات والتَّنظيمات والتَّشريعات… فَهُنا عَلَينا أن نَتَفاخَر بأُردُنِيَّتِنا، وعلينا أَن نعلم أَنَّ أَيّ حالة ضغط أو زعزعةٍ طَفيفَة وَ محاولات التَّفرِقَة الفاشلة في بِلادِنا الحبيب لَن يُؤَثّر على أَمنِنَا وَ وَطَنِيَّتِنا وانتماءنا وولائِنَا لقيادَتِنا الأَبِيّة وَ لِثَرَى الأُم الحَبيبَةِ بِلادِنا العريقَة… الأُردُنّ، معًا معًا.. وعلى العَهدِ مَاضُون!