مظاهرات تجتاح فرنسا..والأمم المتحدة تنتقد مشروع القانون الأمني الفرنسي

جاء ذلك في بيان مشترك لمجموعة من خبراء حقوق الإنسان، بينهم المقرر الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، كليمان نيالتسوسي فول، والمقررة الخاصة المعنية بحالات القتل خارج القضاء، أنييس كالامار.

وأوضح البيان الذي نشرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن إعلان أعضاء البرلمان الفرنسي بأنهم سيعيدون صياغة المادة 24 المثيرة للجدل، المتعلقة بحظر نشر صور عناصر الشرطة، تعتبر إشارة جيدة، وأضاف أن إعادة صياغة المادة 24 غير كافية، وإنما بحاجة إلى إعادة النظر في المشروع بشكل شامل.

وأشار البيان إلى أن إعادة صياغة المادة المذكورة لن تستر عيوب القانون، كما أن هذه المادة ليست المادة الوحيدة التي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.

وحذر البيان من أن المادة 22 من مشروع القانون تسمح لقوات الأمن باستخدام الكاميرات الشخصية وكاميرات الطائرات المسيرة في العمليات أو المظاهرات؛ مما سيؤدي إلى رقابة واسعة خاصة على المتظاهرين، وأضاف في هذا الإطار أن هذه المادة سيكون لها آثار خطيرة على حقوق الخصوصية وحرية التجمع السلمي وحرية التعبير.

وتجتاح مظاهرات عموم فرنسا منذ أيام، لرفض مشروع قانون الأمن الشامل، الذي حصل على الضوء الأخضر من البرلمان الفرنسي، وتنص إحدى مواده على عقوبة السجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 ألف يورو في حال بث صور لعناصر من الشرطة والدرك.

وكانت حالة الاحتقان بلغت ذروتها، الخميس، عندما نشرت صور كاميرات مراقبة تظهر اعتداء عناصر من الشرطة بالضرب المبرح على منتج موسيقي من أصول أفريقية.

ورضخ البرلمان الفرنسي، الاثنين، للتظاهرات المستمرة منذ أيام، معلنا عزمه إعادة صياغة المادة 24 من مشروع قانون الأمن الشامل.

وتجددت المواجهات في باريس بين الشرطة ومحتجين ضد مشروع قانون “الأمن الشامل” للسبت الثاني على التوالي، حيث وقعت أعمال عنف متفرقة، ومن المقرر خروج مسيرات في عشرات المدن الفرنسية.

وفي باريس استخدمت الشرطة الهراوات وقنابل الغاز وخراطيم المياه لتفريق المحتجين ضد مشروع قانون “الأمن الشامل”.

وأظهرت الصور المتداولة في وسائل الإعلام سيارات محترقة وواجهات محالّ محطمة في بعض شوارع باريس.

وقال مراسل الجزيرة في ساحة الجمهورية وسط باريس نقلا عن مصدر أمني إن الجماعات التي اصطدمت مع الشرطة هي نفسها التي اشتبكت مع الشرطة قبل أسبوع في ساحة الجمهورية وشوارع أخرى بالعاصمة، مضيفا أنه تم رفع مستوى التأهب الأمني اليوم.

وحسب الداعين لهذه المظاهرات فإن 90 تجمعا ومظاهرة ستشهدها فرنسا اليوم، في حين لم تشارك النقابات في الدعوة إلى التظاهر اليوم.

وانتشرت الشرطة في أماكن تجمع المتظاهرين في وقت يسود فيه التخوف من مواجهات كتلك التي حدثت الأسبوع الماضي، خصوصا في باريس.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع منصة “بروت” (Brut) الإلكترونية واسعة الانتشار إن الاتهامات بتقلص الحريات “كذبة كبيرة”، مضيفا “لسنا المجر أو تركيا”.

ورأى ماكرون أن هناك حالات عنف يقوم بها أفراد من جهاز الشرطة، ولكن لا يمكن إلصاق التهمة بالجهاز برمته، منددا بتكرار عبارة “عنف الشرطة” التي صارت وفقًا له “شعارا لمن لديهم مشروع سياسي يريد إضعاف إحدى مؤسسات الدولة”.

وكان ماكرون قد تراجع عن دعم مشروع قانون “الأمن الشامل” المثير للجدل، وقال إنه ستتم إعادة صياغته، في إشارة إلى المادة الـ24 من مشروع القانون.

وتنص المادة على عقوبة بالسجن سنة ودفع غرامة قدرها 45 يورو على من يبث صورا لعناصر من الشرطة والدرك أثناء عملهم.

وأوضحت صحيفة “لوموند” (Le Monde) أن ما وصفته بالتراجع الإستراتيجي لماكرون وحلفائه يأتي بعد خروج 130 ألف متظاهر السبت الماضي في أنحاء فرنسا، مشيرة إلى أن مشروع القانون واجه معارضة قوية من نقابات الصحفيين والمعارضة اليسارية والمدافعين عن الحريات العامة، بل وحتى من بعض أعضاء الأغلبية الحاكمة.

المصدر : الجزيرة وكالات